أكبر كارثة اليوم في المغرب هي أن أكثر من 332 ألف طفل يغادرون المدرسة سنويا وهم أميون حرفيا. ولو كنت مكان وزير التعليم بنموسى لقدمت استقالتي فورا وتركت مكاني لوزير آخر يستطيع أن يوقف هذا النزيف عوض القدوم أمام البرلمان والتباكي على الوضع.
حاولت مختلف الحكومات مواجهة هذه الكارثة بأفكار ومقترحات كثيرة كلفت الملايير. منها مثلا “شي حاجة” اسمها “مدرسة الفرصة الثانية”، وهو مشروع خُصصت له إمكانات مالية خيالية، الغرض منه هو استرجاع هؤلاء الأطفال والمراهقين الذين غادروا مدارسهم ومنحهم حظوظا وفرصة ثانية لاستدراك تمدرسهم، والعمل على إعادة إدماجهم في المنظومة التربوية باعتماد نظام دراسي مرن ومنصف وعادل.
المؤسف هنا هو أن ما يكتبه المسؤولون الصغار من أرقام حول نجاح هذا المشروع يكذبه الواقع، إذ تنجز سنويا مئات الشراكات وتمنح أموال عامة بـ”الخناشي” لفاعلين “جمعويين” وخصوصا المهنيين منهم لإدماج هؤلاء الأطفال والمراهقين في مهن وحرف، وبسبب غياب المراقبة وسلاسل الفساد فإن كل طفل من هؤلاء يكلف مليون سنتيم على الأقل سنويا، ونحن هنا نتحدث عن مئات الآلاف من الأطفال والمراهقين، ولكنهم في الواقع يتسكعون في الشوارع ويتعلمون كل الكوارث الأخلاقية، ببساطة لأنهم بدون تعليم وبدون تكوين وبالتالي بدون حرفة.
هنا لا يمكن إطلاقا فصل هذا الفشل الذريع عن حوادث الشغب الرياضي التي اجتاحت كل المدن هذه السنة.
فما يحدث بعيدا عن لغة الخشب التي يقرأ بها بنموسى ومن سبقوه أسئلة البرلمانيين، هو عقد اجتماعات تلو الأخرى مع بداية السنة الدراسية، ويتم تسجيل الأطفال والمراهقين بأسمائهم فقط، ويقسمون على جمعيات ومؤسسات ويتم صرف الأموال بدون أن تتم مراقبة هؤلاء الأطفال إن كانوا فعلا يدرسون ويتعلمون حرفا ومهنا.
إنه فشل مضاعف، فشلوا في الاحتفاظ بالأطفال في المدارس، وفشلوا في استعادتهم. وفي كلا الحالتين، تحول هذا القطاع إلى ثقب أسود يبتلع كل شيء.
الوجه الثالث للكارثة التي يعيشها هذا القطاع، هو أن الأطفال الذين بقوا في المدارس ليسوا أفضل حالا من أقرانهم الذين غادروها نحو الشوارع.
ففي الوقت الذي تثبت مختلف التقارير الرسمية بأن الوزراء المتعاقبين على قطاع التعليم فشلوا في رفع نسب الاحتفاظ بالأطفال في المدارس، نجد وجها آخر لهذه الكارثة وهو أن الأطفال الذين تفتخر الوزارة بدعمهم ماليا واجتماعيا عبر مختلف برامج الدعم الاجتماعي هم في الحقيقة أشباه أميين أيضا. وللأسف هذا واقع يتكرر الحديث عنه كل سنة بالأرقام الموثوقة، وما زال صانعو السياسات العمومية في التعليم يفتقدون ما يكفي من الشجاعة لوضع حد لهذا الهدر المالي والزمني في إصلاح قطاع أضحى ثقبا أسود يبتلع كل ما يوضع فيه، بدليل أن الدراسة الدولية الشهيرة باسم “بيرلس” والصادرة هذا الأسبوع وضعت الأطفال المغاربة الذين درسوا ست سنوات على الأقل في المرتبة ما قبل الأخيرة عالميا، حيث فشلوا في بلوغ المعدل في المهارات اللغوية الدنيا، والمتمثلة في القراءة وفهم المقروء.
نعم أطفال يكلفون الدولة 5 ملايير دولار سنويا من المال العام، وجزء كبير منها مصدره قروض أجنبية سترهن البلد لأجيال قادمة، ومع ذلك لا يستطيعون قراءة الحروف، وإن قرؤوها فهم لا يفهمونها، علما أنها مهارات لغوية دنيا، أما أن يرتقوا للمهارات المتوسطة والعليا، ويقوموا بتحليل ونقد ما قرؤوه ويكتبوا على منواله ما يُظهر قدراتهم الإبداعية، فهذا شيء يدخل في نطاق إتيان المعجزات.
جانب الهدر هنا، ونقصد هدر المال العام، يتجلى بشكل رئيسي في تمويل تقويمات دولية بالعملة الصعبة من أموال دافعي الضرائب، تتراوح بين 800 مليون ومليار سنتيم لكل دراسة، والنتيجة هي تشويه صورتنا أمام العالم. علما أننا نشارك في خمس دراسات دولية مختلفة. وبدل أن نسائل أنفسنا عن الجدوى من تمويل تقويمات تفضحنا أمام العالم، فإن مسؤولينا يكتفون بالحديث عن أن المغرب هو أول دولة عربية وإفريقية تشارك في هذه التقويمات. يعني أن المهم هو المشاركة، حتى ولو عدنا منها بشوهة عالمية.
لقد آن الأوان لوقف مهزلة المشاركة في تقويمات دولية لا فائدة منها إلا تشويه صورتنا أمام العالم، لأن هذه التقارير تنتهي منذ ربع قرن إلى الأرشيف لتباع بالكيلو لمصانع تدوير الورق في تمارة والقنيطرة، إلى جانب تقارير كثيرة مكلفة للمال العام، تستفيد من تكلفتها طغمة من “الخبراء” المرتبطين بالمنظمات الدولية، والذين يتقاضون تعويضات تتجاوز المليون سنتيم لليوم الواحد، فقط ليساهموا في فضحنا أمام العالم.
النقطة الثانية، التي لا تحتاج لتأجيل، هي مراجعة المناهج التربوية وتخفيف الاكتظاظ الموجود في المقررات الدراسية للتعليمين الابتدائي والإعدادي. فلا معنى أن يدرس طفل يبلغ من العمر ست سنوات 12 مادة دراسية موزعة على 30 ساعة كلها حشو لعقول الأطفال، ويتم التركيز فقط على ثلاث مهارات معروفة عالميا هي القراءة والكتابة والحساب فقط. ثم ينبغي إلغاء الامتحانات في السلك الابتدائي نهائيا، فلا معنى أن نُخضع طفلا بدأ تعليمه لشهر واحد لامتحانات.
الأمر الآخر هو مراجعة مسطرة تفويت صفقات الدعم التربوي وجمعيات مدرسة الفرصة الثانية وتشديد المراقبة ومحاسبة الفاسدين الذين اغتنوا من مآسي ملايين الأطفال.
غير هذا سيظل تعليمنا ينتج الهدر المدرسي والهدر المالي وهدر المستقبل.
خلاصة القول وفائدته : ان تواجد ضمير مهني حي صلحت منظومة التعليم وغيرها
حسبنا الله ونعم الوكيل في كل فاسد
كلها تشبه افكاري منذ زمن بعيد، بالإضافة إلى تعدد المناهج و اختلاف المؤلفات، و دروس لا تفيد في شيء، إذ ما الفائدة من تدريس الاجتماعيات لاطفال الابتدائي بعض النظر عن فائدتها امؤلفيها، و مطلوب من تلميذ في القسم الاول او الثاني ان يقرأ نص من صفحتين فكيف له ذلك مع انه لا زال في فترة الاستئناس بالمدرسة، دون أن ننسى هامش اللعب عند الطفل اصبح ضيق جدا إلى حدود العدم عند بعض العائلات
الافظل الرجوع إلى الكتاتيب و المدارس العتيقة حيث كتسب فيها الطفل المهارات اللغوية و ملكات القراءة و الحفظ حيث أن طفل يحفظ القرآن و الشعر يكون نمو عقله احسن ممن يدرس في كتب مصورة و كلام محشو،