محمد اليوبي
فتحت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أبحاثا قضائية بتعليمات من النيابة العامة بخصوص التلاعب في البقع الأرضية المخصصة للاستثمار بالحي الصناعي بمدينة القنيطرة، بعدما فجرت “الأخبار” فضيحة وجود شبكة تضم “سماسرة” ومضاربين يتاجرون في هذه البقع.
وأفادت مصادر الجريدة بأن عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية المكلفة بالبحث في هذا الملف، طلبت من رئيس المجلس الجماعي، أنس البوعناني، تزويدها بلائحة كل المستفيدين من البقع الأرضية، ومحاضر اجتماعات اللجن التي فوتت البقع للمستفيدين، وكذلك دفاتر التحملات الخاص بها، وكذلك وضعيتها الحالية، وتبين من خلال اللائحة أنها تضم أسماء سياسيين وبرلمانيين ومنتخبين جماعيين، أغلبهم لم ينجزوا المشاريع المتضمنة في هذه الدفاتر، رغم مرور سنوات من استفادتهم من هذه البقع، وأن هدفهم كان هو الاستفادة من “الريع”، ثم إعادة بيع هذه البقع بأسعار خيالية أو كرائها لمستثمرين حقيقيين وجدوا صعوبة في الحصول على بقع أرضية لإنجاز مشاريعهم الاستثمارية.
وأمام تفشي هذه الظاهرة التي تعرقل الاستثمار بالمدينة، اضطر رجل أعمال إلى وضع شكاية بالمحكمة الابتدائية، أوضح من خلالها أنه اتفق مع الشركة المغاربية للقرض الإيجاري “مغرب باي”، في شخص ممثلها القانوني على اقتناء عقار في ملكيتها يوجد بالحي الصناعي بالقنيطرة، مساحته 3 هكتارات 74 آر 16 سنتيار المتكون من أرض بها بنايات، حيث إن هذا الاتفاق تم تحت إشراف الموثقة، كوثر بريط، وبناء على طلب الممثل القانوني للمؤسسة المرسل بالبريد الإلكتروني، طلب من الموثقة بتاريخ 19 يوليوز الماضي، إيداع مبلغ 27 مليون درهم.
وأكدت الشكاية، أن رجل الأعمال، أودع المبلغ المالي المطلوب، كما هو مثبت في الإشهاد المقدم من لدن الموثقة، لكن الممثلين القانونيين للمؤسسة الذين شرعوا في إجراءات البيع، قاموا بقطع أي اتصال مع رجل الأعمال والموثقة التي كانت تشرف على الإجراءات القانونية لتوثيق عملية البيع، دون مبرر أو سبب مشروع، رغم المحاولات الحبية العديدة المبذولة معهم، وتم تبرير هذا الانقطاع من طرف المؤسسة بكون المسؤول عن العملية يوجد في عطلة، وبعد استئنافه لعمله انقطع كل اتصال به مع توقف عملية نقل الملكية بالرغم من تنفيذ المشتكي لكل التزاماته اتجاه المؤسسة، قبل أن يفاجأ بدخول أشخاص على الخط، ينتمون إلى شبكة لـ “السمسرة” في العقارات، حيث قاموا بعرقلة عملية البيع بطرق ملتوية، مستغلين علاقاتهم بمسؤولين بإدارات محلية، فتحوا لهم أبواب هذه الإدارات خارج أوقات العمل، ما جعل رجل الأعمال يلجأ إلى القضاء للمطالبة باستكمال إجراءات البيع.
ورغم أن الملف مازال معروضا على أنظار القضاء، منح نائب رئيس المجلس الجماعي المكلف بالتعمير، رخصة هدم بنايات موجودة فوق العقار، علما أن رجل الأعمال المشتكي راسل عامل الإقليم بخصوص هذه الخروقات، وقام بإجراء تقييد احتياطي على الرسم العقاري لمنع أي تحويل للعقار أو التصرف فيه على نحو يغير حاله أو هدم البنايات الموجودة به، لأن العقار المذكور يتكون من بنايات مكونة من هيكل فولاذي، تم تفكيكه وبيعه في “الخردة” بمبلغ يناهز 400 مليون سنتيم، كما أن رئيس المجلس المكلف بالتعمير الذي وقع رخصة الهدم، سبق أن راسل قائد الملحقة الإدارية الحادية عشرة، أخبره من خلالها أن الرخصة التي منحها للشركة تتعلق بالإصلاح فقط مع احترام حالة الهيكل الفولاذي القائم دون إزالته.
وكشفت المصادر عن وجود “مضاربين” يتاجرون في البقع الأرضية بمختلف الأحياء والمناطق الصناعية، ويستغلون استفادتهم من الامتيازات المخصصة لحاملي المشاريع الاستثمارية للحصول على هذه البقع بأثمنة رمزية داخل المناطق الصناعية، حيث يستفيد بعض “السماسرة” من البقع المخصصة لإقامة مشاريع استثمارية وإعادة بيعها بأثمنة باهظة، وأكدت المصادر ذاتها وجود مضاربين يربحون أموالا طائلة من إعادة بيع البقع المخصصة للوحدات الصناعية بعد الاحتفاظ بها لمدة طويلة، علما أن ممارسات المضاربة العقارية بالمناطق الصناعية المنجزة، تزيد من حدة مشكل وُلُوج المستثمرين إلى البنيات التحتية الصناعية بأثمنة تنافسية.
وقررت وزارة التجارة والصناعة، اتخاذ مجموعة من التدابير لمحاربة هذه الممارسات المخلة، حيث قامت بإدماج بنود خاصة بتثمين البقع الأرضية في العقود ودفاتر التحملات المتعلقة بإنجاز المناطق الصناعية الجديدة مما يحد من مشكل المضاربة، حيث تلزم هذه المقتضيات المستثمر بالشروع في إنجاز مشروعه حسب جدول زمني محدد مسبقا، كما تعمل لجن محلية مشتركة على تفويت الأراضي في مختلف المناطق الصناعية وفق معايير واضحة تمكن من إنجاز مشاريع المستثمرين في أفضل الظروف، وأي إخلال بأحد البنود سالفة الذكر يترتب عنه إلزام المستثمر بأداء ذعيرة، بالإضافة إلى إلغاء تسجيل عقد بيع البقعة الأرضية، ويتم نزع الملكية عن طريق المحكمة بالنسبة إلى البقع التي تم تحفيظها من طرف المستثمر وعن طريق مسطرة تتم بين المستثمر والشركة المهيئة بالنسبة إلى البقع التي لم يتم تحفيظها بعد ذلك.