البالون الصيني حلق فوق مرابض للصواريخ الباليستية الأمريكية
في جو من التكتم، استطاع بالون صيني اختراق الأجواء الأمريكية يوم 28 يناير الماضي ليحلق فوق ألاسكا، ومن ثم غادر الأجواء الأمريكية محلقا فوق كندا يوم 30 يناير، وعاد مجددا في اليوم التالي إلى الأجواء الأمريكية.
ولم تعلن واشنطن وجود البالون حتى يوم الخميس الماضي، أي بعد 3 أيام من دخوله الأجواء الأمريكية للمرة الأولى. وحلق البالون في سماء مونتانا، فوق مرابض الصواريخ الباليستية الأمريكية، وفوق مواقع «عسكرية حساسة».
وقال البنتاجون، كذلك، إن البالون كان قادرا على المناورة حتى وصل إلى هذه المنطقة، ما يشير إلى أنه كان قابلًا للتوجيه، علمًا أن المنطقة التي حلق فوقها البالون يوجد بها أكثر من 100 صاروخ باليستي عابر للقارات قادر على حمل رؤوس نووية.
بينما تحدث البنتاجون عن رصد بالون تجسس آخر فوق أمريكا اللاتينية، وبدأت البحرية الأمريكية في محاولة انتشال حطام البالون الصيني، ومن المتوقع أن تكون العملية سهلة لأن الحطام على عمق 14 مترا تحت سطح الماء.
ومن خلال جمع الحطام ستتمكن السلطات الأمريكية من التعرف على مكونات البالون والتوصل إلى غرض استخدامه والتقنيات التي يحويها، وفقا لما قاله محرر البنتاجون بمجلة «أفيجين وييك»، بريان إيفرستين، في تغريدة على تويتر.
صاروخ واحد لإسقاط البالون
نقل مسؤولون أمريكيون عن الجيش قوله إنه سيحاول سريعا انتشال المكونات الرئيسية للمنطاد. وقال مسؤول دفاعي أمريكي كبير للصحافيين «عملية الانتشال جارية، لم يتحدد بعد الوقت الذي ستستغرقه»، مضيفا أن الحطام موجود في مياه ضحلة نسبيا.
وقال مسؤول عسكري كبير إنه يتوقع ألا تستغرق عملية الانتشال أسابيع أو شهورا وأنها ستكون أسرع نسبيا.
وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إن البالون لم يكن مرتبطا بالأرصاد الجوية بل كان بالونا أرادت الصين استخدامه للتجسس على مواقع عسكرية حساسة.
وأضاف المسؤول أن البالون الصيني واحد من أسطول من بالونات المراقبة التي استخدمتها الصين للتجسس في سماء خمس قارات، مشيرا إلى أن المقاتلة الأمريكية إف-22 أسقطت البالون بصاروخ واحد فقط.
أهداف تجسسية
أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أنه تم اكتشاف البالون في المجال الجوي الأمريكي بعد عبوره كندا. وتضم مونتانا -التي حلق فوقها البالون وفوق غيرها من الولايات في المنطقة، بما في ذلك داكوتا الشمالية- بعض القواعد التي ستطلق منها الولايات المتحدة أسلحة نووية في حال نشوب حرب؛ حيث توجد قاعدة مالمستروم الجوية، موطن الجناح الصاروخي رقم 341 التابع لسلاح الجو الأمريكي، ومخزن لـ150 صاروخًا باليستيًا عابرًا للقارات في مونتانا. وأكد مسؤولون أمريكيون أن القصد من هذا البالون هو المراقبة، وأن البنتاغون اتخذت خطوات لمنعه من تسجيل معلومات مهمة.
وتم نشر البالونات لأول مرة خلال الحروب الثورية الفرنسية، وتم استخدام تلك التي يديرها الجواسيس بمنظار خلال الحرب الأهلية الأمريكية لاكتشاف تحركات قوات العدو، وجرى استخدامها على نطاق واسع خلال الحرب الباردة، عندما سعت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي إلى إيجاد طرق لمراقبة جيش بعضهما البعض. ورغم أن هذه البالونات تفتقر إلى القوة، وتخضع لتقلبات تيارات الرياح، إلا أن الإصدارات الحديثة من الأجهزة منخفضة التكلفة يمكن أن تحتوي على الكاميرات والرادارات وأجهزة الراديو.
رد الصين
من جانبها، قالت وزارة الخارجية الصينية في بيان، صباح الأحد بالتوقيت المحلي لبكين، إن الصين أعربت عن «استيائها الشديد واحتجاجها» على قيام الولايات المتحدة بإسقاط منطادها، قائلة إن الولايات المتحدة «بالغت في رد فعلها» و«تنتهك بشكل خطير الممارسات الدولية».
وأضافت أن «الجانب الصيني أبلغ الجانب الأمريكي مرارًا وتكرارًا بعد التحقق من أن البالون مخصص للاستخدام المدني ودخل الولايات المتحدة بسبب ظروف خارجة عن السيطرة.
والصين طلبت بوضوح من الولايات المتحدة التعامل معه بشكل صحيح وبطريقة هادئة ومهنية وضبط النفس وكما صرح متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية بأن البالون لن يشكل تهديدا عسكريا أو شخصيا للأفراد على الأرض».
وجاء بيان الخارجية الصينية عقب إسقاط طائرات مقاتلة أمريكية، السبت، البالون فوق المحيط الأطلسي في مهمة أشاد بها الرئيس الأمريكي، جو بايدن، ووصفتها بأنها ناجحة.
التداعيات السياسية
كان أول أمر تأثر بحادثة البالون، إلغاء زيارة وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إلى بكين التي كانت مقررة الأحد، بعد أن أصبحت «الظروف غير مناسبة».
فقد كانت الزيارة تمثل فرصة لتهدئة التوترات المتصاعدة بين الطرفين على خلفية مجموعة من الملفات، خاصة جزيرة تايوان، واتفق على الزيارة الرئيسان جو بايدن وشي جين بينغ، خاصة أن الأخير بدأ يخفف من لهجته تجاه القوى الغربية.
وبعد إسقاط البالون، زاد التوتر بين البلدين، إذ أصدرت الخارجية الصينية بيانا أبدت فيه استياءها الشديد واعتراضها على استخدام الولايات المتحدة القوة لمهاجمة بالونها. وقالت بكين إنها تحتفظ بحقها لاتخاذ إجراءات ردا على إسقاط البالون.