الأخبار
حسمت الهيئة القضائية بغرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط، في وقت متأخر من ليلة أول أمس الاثنين، ملف الطاقم الطبي المزور الذي أجرى عملية جراحية وهمية تسببت في عاهة مستديمة لأربعيني كان يعاني مرض الجلالة.
وأصدرت الهيئة القضائية أحكاما في حق المتهمين الثلاثة في هذه القضية، توزعت بين أربع سنوات حبسا نافذا، ومثلها موزعة بالتساوي على حارسي الأمن اللذين استدرجا المريض الضحية للعملية الجراحية الوهمية.
وتعود أطوار هذه القضية إلى شهر شتنبر من سنة 2022، حيث كانت «الأخبار» فجرت فضيحة من العيار الثقيل بمستشفى الاختصاصات بالرباط، أسفرت عن اعتقال ثلاثة أشخاص (ممرض متقاعد من مواليد 1960، وحارسا أمن خاص بمستشفى التخصصات من مواليد الثمانينات).
وتشير معطيات الفضيحة إلى أن شخصا أربعينيا تقدم، بداية غشت من السنة نفسها، بشكاية رسمية إلى مصالح النيابة العامة المختصة بالمحكمة الابتدائية بالرباط، تفيد بتعرضه لعملية نصب وصفت بالخطيرة من طرف الموقوفين الثلاثة، بعد إخضاعه لعملية جراحية على عينه من طرف طبيب مزور نتج عنها فقدان البصر.
وانطلقت التفاصيل المثيرة والصادمة، التي استنفرت المحققين بمصلحة الشرطة القضائية بمنطقة حسان أكدال ومسؤولي المستشفى الجامعي ابن سينا بالرباط، من مدخل مستشفى التخصصات بالرباط، عندما صادف حارس أمن خاص رجلا أربعينيا وهو في وضعية إحباط، بعد فشله في الحصول على موعد مناسب له لإجراء عملية مستعجلة على عينه بسبب مرض «الجلالة»، حيث بادر إلى استغلال الوضع من خلال اقتراحه عرضا مغريا على المريض، يتعلق بجاهزية طبيب متخصص في أمراض العيون لإجراء العملية دون انتظار موعد بمصلحة العيون لاستقباله وفحصه.
وطمأن حارس الأمن، وهو صاحب سابقة قضائية بتهمة خيانة الأمانة، المريض وأخبره بإمكانية الخضوع للعملية في أقرب وقت، بمساعدة زميل له يشتغل بقسم المستعجلات بالمستشفى نفسه، وهو ما تم بالفعل حيث اتصل به بعد يومين وأخبره أن كل الترتيبات اتخذت لاستقباله بغرفة العمليات وإجراء العملية الجراحية.
ومباشرة بعد وصول المريض إلى مستشفى التخصصات، شرع الحارسان والطبيب المزور في تنفيذ السيناريو الخطير، حيث ولج الممرض المتقاعد إحدى القاعات الصغيرة المعزولة بالمستشفى وهي خاصة بحراس الأمن الخاص، وارتدى وزرة بيضاء وأمر الحارسين بإدخال المريض وتجهيزه للعملية، وسلم هذا الأخير مبلغا ماليا لأحد الحراس بناء على طلبه بدعوى أنه يتعلق بتكلفة «الخيط» المستعمل في العملية، قبل أن يمنح مبلغا مماثلا للطبيب الجراح المزور بعد انتهائه من العملية.
وأكدت مصادر مقربة من الضحية أن الطبيب الجراح المزور سلمه وصفة طبية غير مختومة، وأخبره أن يزوره من أجل «الكونترول» بعد شهر ونصف، إلا أنه اكتشف، قبل انصرام هذه المدة، أنه لم يعد بمقدوره الرؤية وفقد بصره بالكامل، وهو الأمر الذي دفعه للاتصال فورا بحارس الأمن الخاص بمستشفى التخصصات وزميله بقسم المستعجلات اللذين ورطاه في هذه العملية الجراحية الخطيرة، التي تسببت له في عاهة مستديمة، حيث هددهما باللجوء إلى القضاء ومقاضاتهما رفقة الطبيب، بدعوى تعريضه لخطأ طبي جسيم أفقده بصره، قبل أن يفطن إلى أنه تعرض لمؤامرة أكثر خطورة من الخطأ الطبي، بعد إخضاعه لعملية جراحية من طرف طبيب مزور انتحل صفة جراح في طب العيون بإيعاز من حارسي الأمن الخاص.
ومن أجل تدارك الفضيحة، حاول حارس الأمن طمأنة الضحية مجددا، حيث حجز له موعدا في اليوم الموالي لدى طبيبة عيون متخصصة بالمستشفى نفسه، قامت بفحصه رفقة طاقم طبي، قبل أن يؤكدوا له بكل مسؤولية أنه لم يعد بمقدوره الرؤية بالعين التي أجريت عليها العملية الجراحية.