في تطورات جديدة مرتبطة بقضية اغتصاب أم وأربعة من بناتها دفعة واحدة، من طرف عصابة إجرامية بعد مداهمة منزلهن بمنطقة بوقنادل بعمالة سلا، حسمت الهيئة القضائية بغرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالرباط، مساء أول أمس الخميس، الشوط الثاني من المحاكمة برفع العقوبات السجنية الصادرة ابتدائيا في حق المتهمين الثلاثة الرئيسيين من 36 إلى 75 سنة سجنا، مع فصل ملف المتهمة الرابعة التي أدينت ابتدائيا بسنتين حبسا نافذا.
وكان الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بالرباط تعهد، في بلاغ رسمي، تزامنا مع احتجاج النساء الضحايا على الأحكام الابتدائية التي وصفنها بالمخففة والمخيبة لآمالهن، بمبادرة النيابة العامة، في إطار المهام المسندة إليها قانونا، واعتباراً لقناعتها بخطورة الأفعال المرتكبة من طرف المتهمين، بالطعن بالاستئناف في القرار المذكور، مما سيترتب عنه نشر الدعوى العمومية من جديد في المرحلة الاستئنافية وإتاحة الفرصة لجميع الأطراف لحضور مناقشات القضية، مع حرص النيابة العامة على مواكبة مجرياتها وفق ما يفرضه القانون وتمتيع جميع الأطراف بالضمانات المخولة لهم قانونا، في إطار توفير شروط وضمانات المحاكمة العادلة.
وصدق توقع النيابة العامة بانتصار العدالة للضحايا، وذلك بمضاعفة العقوبة السجنية، حيث أدانت كل متهم من المتهمين الثلاثة بـ25 سنة سجنا بدل 12 سنة التي أدينوا بها ابتدائيا، في انتظار محاكمة المتهمة الوحيدة في هذه القضية التي تم فصل ملفها، حيث كانت المحكمة أدانتها بسنتين حبسا نافذا.
الملف المثير للجدل المرتبط بجريمة اغتصاب جماعي لأم أرملة وبناتها الأربع، توبع فيه ثلاثة متهمين في وضعية اعتقال، بتهم بالغة الخطورة تتعلق بالاختطاف والاغتصاب بالقوة تحت التهديد بالأسلحة البيضاء والتعذيب والمشاركة.
وتعود أطوار هذه القضية إلى صيف سنة 2020، حيث كانت عائلة تقطن بأحد الدواوير بمنطقة بوقنادل ضواحي سلا، تتكون من أم وأربع فتيات، اثنتان منهن حاصلتان على الإجازة، تعرضن لاعتداء شنيع من طرف عصابة ملثمة، انتهى باغتصاب جماعي لكل نساء البيت.
تحريات أمنية أنجزت حول هذه الجريمة غير المسبوقة أسقطت أربعة متهمين، بينهم فتاة، حيث تم عرضهم على العدالة وإيداعهم سجن العرجات، بعدما كشفت الأبحاث الأولية والتحقيقات التفصيلية التي خضعوا لها من طرف قاضي التحقيق تورطهم في تعريض أسرة بكاملها لجريمة اغتصاب جماعي وتعذيب.
وبالتزامن مع مجريات التحقيق حول ملابسات هذه الجريمة، سبق أن فجر مقطع فيديو مسجل باسم فتاة حاصلة على الإجازة كانت ضحية الاغتصاب الجماعي رفقة والدتها وأخواتها الثلاث، تطورات خطيرة جرت مسؤولين دركيين بمنطقة بوقنادل التابعة لسرية الدرك بسلا إلى التحقيق، حيث وجهت لهم اتهامات مباشرة بالتقصير في التجاوب مع نداءات الأسرة وهي تحذر بشكل مسبق من وقوع الاعتداء بعد أن تلقت تهديدات متواترة من طرف العصابة.
وبخصوص هذه الجزئية المرتبطة باتهام رجال الدرك بالتقصير، كان الوكيل العام للملك أكد، في بلاغ رسمي، أنه بخصوص ما نسب لعناصر الضابطة القضائية المعنية بالبحث من تقصير، فقد تمت متابعة من ثبت في حقه أي فعل مخالف للقانون، حيث تتم حاليا محاكمتهم طبقا للقانون، فيما تم فتح بحث قضائي بخصوص مزاعم وجود اشتباه في الارتشاء، حسب ما ورد في شريط منسوب للضحايا، مضيفا أنه سيتم ترتيب ما يلزم قانونا على ضوء نتائج البحث.
وكانت قضية التعذيب والاغتصاب الجماعي لخمس نساء من عائلة واحدة، أفرزت تطورات خطيرة جرت عددا كبيرا من رجال الدرك إلى التحقيق بشبهة التقصير، بحيث كانت «الأخبار» تناولت بشكل حصري إخضاع سبعة دركيين من المركز الترابي للدرك ببوقنادل للتحقيق، بعد الاستماع إليهم من طرف الفرقة الوطنية للدرك على خلفية اتهامهم بالتغاضي وعدم التفاعل الفوري مع شكايات الضحايا.
وأفادت مصادر مطلعة بأنه رغم إيقاف الجناة الذين نفذوا الهجوم الليلي على منزل الأسرة وجريمة الاغتصاب والضرب والجرح والتعذيب في حق نسائه، إلا أن النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالرباط فتحت تحقيقا موازيا تكلفت الفرقة الوطنية للدرك بإجرائه، حيث ركز على الاتهامات الموجهة إلى عناصر الدرك الملكي بمنطقة بوقنادل بالتقصير وعدم التفاعل مع شكايات استباقية وضعتها العائلة المعنية على مكاتب مسؤولي الدرك بالمنطقة، من أجل التدخل وحماية نسائها من بطش العصابة التي ظلت تهددهن بإيعاز من سيدة ذكرن اسمها وهويتها، وقد تم الاستماع إليها من طرف الضابطة القضائية، وإدانتها ابتدائيا بسنتين حبسا، قبل فصل ملفها، حيث باتت هي الأخرى مهددة بعقوبة مغايرة وصادمة، ارتباطا بالنفس الجديد الذي طبع مناقشة الملف بغرفة الجنايات الاستئنافية.
وحسب معطيات حصرية حصلت عليها «الأخبار»، فقد استمعت عناصر الفرقة الوطنية للأبحاث القضائية إلى كل العناصر الأمنية التي كانت مكلفة بالمداومة طيلة فترة التهديد وتنفيذ الاعتداء الوحشي، إضافة إلى الاطلاع على كل المحاضر المنجزة، والسجلات الخاصة بالشكايات الواردة على المركز الترابي، فضلا عن تسجيلات الكاميرات من أجل ضبط كل الملابسات المحيطة بهذه القضية، ارتباطا بالأدوار المنوطة بمصالح الدرك وحدود ومسؤولية تدخلها سواء في أوقات سابقة أو لاحقة لتوقيت ارتكاب الجريمة.