شوف تشوف

اقتصادالرئيسيةتقاريرخاص

6 ملايين مغربي تداولوا العملات الرقمية نهاية السنة الماضية

الإطار التنظيمي لتأطيرها جاهز وسيعزز دور المغرب في قطاع التكنولوجيا المالية

 

 

لمياء جباري

 

فاجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الجمعة الماضي، قطاع العملات المشفرة عندما أعلن إطلاق عملته المشفرة الخاصة التي تسمى عملة ترامب $ ($TRUMP).. وصار هذا الإطلاق من بين أنجح الإطلاقات في التاريخ، إذ ارتفعت قيمة عملة ترامب $ من بضعة سنتات فقط إلى 33.87 دولارا في أقل من 24 ساعة، وهو ما يمثل قفزة مذهلة تفوق 18000 في المائة، وفقا لمنصة «فوكس بيزنس».

 

المغرب رائد في تبني العملات الرقمية

من المتوقع أن تصل الإيرادات في سوق العملات المشفرة عالميا إلى 45.3 مليار دولار في عام 2025. وسيصل عدد المستخدمين في سوق العملات المشفرة على الأرجح إلى 861 مليون مستخدم في عام 2025. ومن المتوقع أن يصل معدل انتشار المستخدمين إلى 11.02 في المائة عام 2025. ومن المتوقع أن يبلغ متوسط ​​الإيرادات لكل مستخدم في سوق العملات المشفرة 52.6 دولارا عام 2025. ورغم التحديات التنظيمية، تظل الولايات المتحدة في طليعة الابتكار في مجال العملات المشفرة وتبنّيها، حيث تقود المؤسسات المالية الكبرى وشركات التكنولوجيا الطريق.

المغرب، الذي كان متحفظًا لفترة طويلة تجاه انتشار العملات المشفرة، يشهد تحولًا كبيرًا من خلال توجهه نحو تنظيمها. فمنذ عام 2017، وكانت المعاملات بالعملات الافتراضية محظورة رسميًا، حيث حذرت السلطات المالية من المخاطر المرتبطة بها، مثل غياب حماية المستهلك، وتقلب الأسعار والإمكانية المحتملة لاستخدامها في أغراض غير مشروعة. باتت العملات المشفرة، التي كانت تعد آنذاك محظورة، محط اهتمام السلطات في الوقت الحالي. فبالرغم من القيود الرسمية، استمرّت هذه الأصول الرقمية في جذب جمهور مغربي متزايد الفضول وشغوف بالابتكار. ولم تغب هذه الدينامية، رغم طابعها غير العلني، عن أنظار السلطات، ورغم هذه القيود، لم يتوقف شغف المغاربة بالعملات المشفرة عن النمو، ما جعل البلاد من بين الدول الإفريقية الرائدة في تبنيها.

استجابةً لهذا الواقع، بدأ المغرب في اتخاذ منعطف حاسم نحو تنظيم العملات المشفرة، وأكد عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، هذا التوجه خلال مؤتمر دولي بالرباط في 26 نونبر 2024.

 

الإطار التنظيمي جاهز

كشف والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، خلال شهر دجنبر الماضي، أن الإطار التنظيمي (مشروع قانون) لتأطير العملات المشفرة «جاهز»، مشددا على أن «البنك المركزي أوفى بوعدِه في هذا الصدد واشتغل بشكل مشترك مع مختلف الأطراف وجهات المصلحة المعنية»، متحفظاً عن «ذكر خطوطه العريضة».

وقال الجواهري، في لقاء صحفي إثر اجتماع مجلس البنك: «النص القانوني متوفر حاليا ونعمل على إعداد نصوصه التطبيقية، ومن المفترضِ أن يكون محل مناقشة وتحليل»، مبرزا أن «إعداده تم بمساعدة تقنية مشتركة من صندوق النقد والبنك الدوليين، وبمشاركة جميع الأطراف والوزارات المعنية»، وقال «حاولنا صياغة مشروع قانون الأصول المشفرة بأهداف وغايات تأخذ في الحسبان جميع الاعتبارات على المستوى الدولي وتوصيات مجموعة العشرين». واعتبر الجواهري أن «المغرب من أوائل البلدان على صعيد العالم التي تقنن عمل واستثمارات الأصول المشفرة». وطمأن المسؤول المالي المغربي أن المشروع المنتظَر «يؤطر هذه الأصول مع قدر معيّن من المرونة في ما يتعلق بالأصول المشفرة والعملات الرقمية، دون قتل الابتكار»، حسب وصفه، قبل أن يبرز أنه «يوفّر إطار عمل واضحا ودقيقا لكل من مستخدِمي العملات الرقمية والمستثمرين، والذي سيجعل من الممكن تحديد ما يجب على كل طرف القيام به في سياق متباينِ وتتداخل فيه عدة اعتبارات، ولكن، أيضًا، بمراعاة المخاطر الكامنة في هذا النوع من الأصول المالية».

 

إطلاق عملة رقمية للبنك المركزي

يستند المشروع إلى أفضل الممارسات الدولية، مع التركيز بشكل خاص على تجارب دول مثل فرنسا والسويد وسويسرا. ويهدف إلى توفير إطار قانوني لتنظيم استخدام العملات المشفرة، وحماية المستهلكين وضمان الاستقرار المالي. ويسعى المشروع، كذلك، إلى تحديد الوضع القانوني للعملات المشفرة في المغرب بشكل واضح، ووضع آليات للمراقبة والإشراف، واتخاذ تدابير لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. بالتوازي مع ذلك، يستكشف بنك المغرب إمكانية إطلاق عملة رقمية للبنك المركزي (MNBC)  ، وتهدف هذه المبادرة إلى الاستفادة من مزايا التقنيات الرقمية لتعزيز الشمول المالي وتحديث نظام الدفع الوطني. وعلى عكس العملات المشفرة اللامركزية، ستكون العملة الرقمية للبنك المركزي صادرة ومراقبة من قبل بنك المغرب، ما يوفر بديلاً رقمياً للدرهم التقليدي. وينظر المغرب إلى هذه الخطوة كحل لمواجهة تحديات الشمول المالي، وقال الجواهري: «نحن نستكشف إلى أي مدى يمكن أن تساهم هذه العملة الجديدة في تحقيق بعض الأهداف المتعلقة بالسياسات العامة، سيما في مجال الشمول المالي».

 

فاعل رئيسي في قطاع التكنولوجيا المالية

يمثل اعتماد هذا الإطار التنظيمي خطوة مهمة للمغرب ، الذي بات يعترف الآن بأهمية العملات المشفرة في الاقتصاد العالمي، مثل تلك التي توفرها هذه التقنيات مع الحد من المخاطر المرتبطة بها. هذه الخطوة قد تعزز أيضًا دور المغرب كلاعب رئيسي في قطاع التكنولوجيا المالية (fintech) على مستوى القارة الإفريقية. وتسعى المملكة إلى ترسيخ مكانتها كقائد إقليمي في مجال التكنولوجيا المالية. ومن خلال تنظيم استخدامها يهدف المغرب إلى الاستفادة من الفرص تنظيم العملات المشفرة، يسعى المغرب إلى جذب المستثمرين الأجانب، وتعزيز الابتكار المحلي وترسيخ موقعه على الساحة الإفريقية.

جدير بالذكر أنه، رغم أن مشروع القانون قيد الاعتماد، لا تزال العديد من التفاصيل التنظيمية بحاجة إلى توضيح. وسيكون على الفاعلين في القطاع والمستثمرين المحتملين متابعة التطورات التشريعية عن كثب لفهم جميع تداعيات هذا الإطار القانوني الجديد. وسيعتمد نجاح هذه الخطوة على التنفيذ الفعّال للقوانين وقدرة البلاد على التكيف مع التغيرات السريعة في قطاع التكنولوجيا المالية. وأظهرت دراسة للوسيط الفرنسي في المنتوجات المالية «هيلو سايف- HelloSafe »، أخيرا، حيازة وتداول 6 ملايين مغربي للعملات المشفرة بنهاية السنة الماضية، أي ما يعادل 16 في المائة من إجمال السكان، وبزيادة وصلت إلى 2.5 ملايين حامل للعملة إضافي بين 2029 و2024؛ ما يمثل ارتفاعا بنسبة 60 في المائة خلال خمس سنوات، فيما شكل تداول هذه العملات خارج مظلة القانون في المملكة خطرا على الاقتصاد الوطني، حيث ساهمت في تفاقم نزيف العملة الصعبة ورفعت مستوى مخاطر تبييض الأموال.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى