شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

50/50

خرج علينا خبراء التنمية البشرية، في السنوات الأخيرة، بمصطلح الاستحقاق الذاتي، وهو مفهوم لا يمت بصلة لعلم النفس كما يحاول أن يروج له البعض.

مقالات ذات صلة

الاستحقاق الذاتي هو الاعتقاد بأن المرء يستحق بطبيعته معاملة خاصة أو امتيازات أو مكافآت دون كسبها بالضرورة. غالبا ما تؤدي هذه العقلية إلى توقع الناس لنتائج إيجابية أو معاملة استثنائية. يمكن أن ينبع ذلك من الشعور بالتفوق أو المبالغة في تقدير قيمة المرء أو الافتقار إلى الوعي بالجهود المطلوبة للنجاح. وفي حين أن الثقة بالنفس وتقدير الذات مهمان، فإن الاستحقاق المفرط يمكن أن يعزز الاستياء والتوقعات غير المنطقية والعلاقات المتوترة. في كثير من الحالات، تتضمن معالجة الاستحقاق الذاتي تطوير التعاطف وفهم قيمة العمل الجاد وتعلم تقدير وجهات نظر الآخرين.

من هنا تناسلت مجموعة من الأفكار المغلوطة لدى العديد من النساء حول استحقاقهن لما أصبح يطلق عليه «معاملة الأميرة»..، حيث تشترط الحبيبة أو الزوجة على الشريك التكفل بكل مصاريف حياتها من مأكل وملبس ومكياج وشعر ورحلات سياحية وأمسيات صاخبة رفقة صديقاتها.. يعتقد هذا النوع من النساء أن كونها أنثى يكفي لتستولي على ممتلكات الرجل وتقوده إلى إفلاس محقق.. أتذكر كيف استمعت لإحدى «خوبيرات» التنمية البشرية وهي تنفش ريشها قائلة «لا يتوجب على الأنثى أن تساهم في العلاقة العاطفية بشيء.. يكفي أنها تغمر الرجل بتواجدها الأنثوي الطاغي، حتى يغدق عليها كل ما يملك».. مما جعلني أتساءل هل مول الكرا ومدرسة الدراري والخضار ومول الدجاج سيقبلون عملة الأنوثة الطاغية مقابل خدماتهم؟.. في حال تم قبول عملة الأنوثة للحصول على مستلزمات الحياة اليومية، أعتقد  أن المسألة ستتخذ حينها منحى آخر، أطلق عليه الناس في ما مضى «أقدم مهنة في التاريخ»..

فبأي منطق تعتقد بعض النساء أن وجودهن على هذا الكوكب البائس كفيل بمنحهن حقوقا مادية ومعنوية ما أنزل الله بها من سلطان؟ لماذا تصر بنات اليوم على تجاهل القوانين الكونية التي تنص على مبدأ الأخذ والعطاء والتكامل؟ ولماذا نجد في المعسكر المقابل رجالا يروجون لمبدأ تقاسم المصاريف والتملص من تقاسم الأعباء المنزلية؟ لماذا أصبحت العلاقات العاطفية ساحة حرب ودمار وخراب بين نساء لا يملكن وجه مونيكا بيلوتشي، ورجال لا يملكون أرصدة أوناسيس؟ أين اختفى الإحسان والمعروف؟ ولماذا أصبحت المغربيات والمغاربة يتعاركون من أجل الظفر بمعاملة الأميرة؟

أصبحت فكرة دفع 50/50 في العلاقة، وخاصة في ما يتعلق بالمال، موضوعا للجدل في السنوات الأخيرة. تقليديا، التزمت العديد من الثقافات بمعايير النوع الاجتماعي حيث كان من المتوقع أن يتكفل الرجال بالنساء، وخاصة في العلاقات الزوجية. لكن ومع تطور الأدوار المجتمعية وتحقيق المساواة بين الجنسين، تغير مفهوم المسؤولية المشتركة. إن السؤال حول ما إذا كان يجب على الزوجين تقاسم كل شيء بالتساوي أو ما إذا كان أحد الشريكين – غالبا الرجل – يتحمل عبئا ماليا أكبر هو في صميم الكثير من المناقشات.

بالنسبة للكثيرين، يبدو تقسيم 50/50 في العلاقات وكأنه نهج عادل ومنطقي. إنه يعكس فكرة أن كلا الشريكين مساهم متساو وأنه لا ينبغي لأي منهما أن يتحمل مسؤوليات مادية مرهقة. وهذا صحيح بشكل خاص في العلاقات الحديثة، حيث يعمل كل من الرجال والنساء ويكسبون دخلا شهريا. ويزعم أنصار نموذج 50/50 أن هذا يعزز المساواة والعدالة، ويضمن مساهمة الشريكين بالتساوي في حياتهما المشتركة معا.

مع ذلك، لا يحظى نموذج 50/50 دائما بموافقة نسائية. ترفض النساء اقتسام المصاريف بدعوى أن هذا الأمر يتجاهل المساهمات العاطفية والنفسية والصحية التي تقدمها المرأة، وخاصة في حالة الولادات المتكررة ورعاية البيت والأطفال، وفي حالات كثيرة تقوم المرأة برعاية عائلة الزوج الكبيرة أيضا. وهنا يأتي دور فكرة «معاملة الأميرة». إن مفهوم معاملة الزوجة كالملكة المتوجة غالبا ما يكون متجذرا في توقعات الجنس التقليدية. قد ترغب العديد من النساء، وخاصة في الثقافات الأكثر محافظة أو أبوية، في أن يتم التعامل معهن بإحساس بالاحترام والتقدير، حيث يتولى الرجل دور سي السيد.

غالبا ما تنبع الرغبة في «معاملة الأميرة» من السرديات الثقافية الراسخة حول الأنوثة والذكورة.  تاريخيا، تمت تربية النساء على تقدير التدليل والاهتمام والفشوش، بينما تم تدريب الرجال على أدوار الحماية والقيادة والقوامة. وقد خلقت هذه الديناميكية انقساما بين توقعات الرجال والنساء عندما يتعلق الأمر بالأدوار الجندرية في العلاقات. من ناحية، لا تزال العديد من النساء يرغبن في الشعور بالمعاملة الخاصة، ويرغبن في أن يكون الزوج هو الشخص الذي يتحمل أعباء الحياة المادية. من ناحية أخرى، قد يشعر الرجال بالضغط والتوتر للوفاء بالتوقعات المجتمعية والاقتصادية التي تتربص بهم نهاية كل شهر.

لقد حان الوقت لوضع حد لهذه الصراعات التافهة بين النساء والرجال حول من يدفع حساب البيتزا والطاكوس. لن يستفيد أحد من هذه الحرب الشعواء سوى مول السناك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى