محمد اليوبي:
تعتبر منظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي إحدى دعائم إصلاح نظام الحماية الاجتماعية، وتمكن هذه المنظومة من ولوجٍ يسير وعادل وشامل لبرامج الدعم الاجتماعي، وترتكز المنظومة على سجلين هما السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد.
السجل الوطني للسكان نظام معلوماتي وطني لتسجيل المواطنين المغاربة والأجانب المقيمين بالمغرب، يمنح لكل شخص مسجل رقما فريدا يسمى المعرف المدني والاجتماعي الرقمي، وهو أساسي للتسجيل في السجل الاجتماعي الموحد. ويوفر السجل الوطني للسكان خدمة التحقق الآني من صدقية المعطيات، بينما السجل الاجتماعي الموحد نظام معلوماتي وطني لتسجيل واستهداف الأسر الراغبة في الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي.
ويهدف مشروع التحديد والاستهداف لبرامج الحماية الاجتماعية إلى وضع نظام للتحقق من الهوية الاجتماعية للسكان المقيمين في المغرب. وتكتسي هذه الآلية أهمية قصوى نظرا لدورها في تحقيق استهداف فعال للأشخاص الأكثر استحقاقا لبرامج الدعم الاجتماعي.
لهذه الغاية تعمل الحكومة حاليا على وضع السجل الاجتماعي الموحد والسجل الوطني للسكان، وتفعيل الوكالة الوطنية للسجلات. وسيمكن السجل الوطني للسكان من إحصاء واستهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي، حيث يحدد كيفيات منح «التعريف المدني والاجتماعي الرقمي»، وكذا شروط وكيفيات التحقق من صدقية المعطيات الشخصية المدلى بها للإدارات العمومية والجماعات الترابية والهيئات العمومية والخاصة.
ويحدد السجل الاجتماعي الموحد البرنامج الاجتماعي الملائم لكل مستفيد (تيسير، ودعم الأرامل، إلخ). ويهدف إلى تحديد إجراءات التسجيل في هذا السجل وتنقيط الأسر المسجلة في السجل الاجتماعي الموحد وكذا التصريح بجميع التغييرات التي تهم المعطيات التي تم إدخالها عند التسجيل والإدلاء بطلب مراجعة تنقيط الأسر وكذا كيفيات إلغاء التسجيل في السجل الاجتماعي الموحد.
ويسعى هذا السجل إلى تجميع البرامج في نظام مندمج للسياسات العمومية، إذ يراهن على ضمان فعالية النفقات الموجهة للبرامج الاجتماعية من خلال آليات استهداف أكثر وضوحا، وسيناط بالوكالة الوطنية للسجلات تدبير هذين السجلين.
ودخلت الآلية الجديدة المتعلقة بالسجل الوطني للسكان حيّز التطبيق، وركزت المرحلة التجريبية في الرباط والقنيطرة التي انطلقت في دجنبر 2021 على السجل الوطني للسكان. وتم لهذا الغرض إنشاء 71 مركزاً لخدمة المواطنين بالملحقات الإدارية والقيادات والباشويات، وتمت تعبئة 142 موظفا لتسجيل المواطنين وإرشادهم. وفاق عدد المسجلين في السجل الوطني للسكان 270 ألفا حتى منتصف شهر أكتوبر الجاري، وتعد هذه المرحلة التجريبية مرحلةً مهمة مكنت من اختبار الأنظمة في ظروف حقيقية، وإجراء تعديلات تقنية، والتكوين.
وبالنسبة للسجل الاجتماعي الموحد، فإن النظام المعلوماتي والجوانب التقنية والقانونية جاهزة، غير أنه من الضروري أن تستفي برامج الدعم الاجتماعي بعض الشروط الأساسية لتفعيل السجل. وعبأت الإدارات المسؤولة عن برامج الدعم الاجتماعي الموارد البشرية والتقنية اللازمة للسماح بتفعيل السجل الاجتماعي الموحد قبل نهاية السنة الجارية.
وطبقا للتوجيهات الملكية، قررت الحكومة، خلال اجتماع اللجنة البين وزارية لقيادة إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية بتاريخ 24 غشت 2022، تسريع تعميم وتفعيل السجل الاجتماعي الموحد والسجل الوطني للسكان، وهكذا تم اتخاذ القرار لتعميم السجل الوطني للسكان قبل متم سنة 2022 والسجل الاجتماعي الموحد على مجموع الصعيد الوطني قبل متم سنة 2023، حيث سيمكن هذا الإجراء من انطلاق منح التعويضات العائلية بناء على معايير الأهلية لهذين السجلين، وذلك موازاة مع الإصلاح التدريجي للمقاصة وتعويض البرامج الاجتماعية الحالية.
ومن أجل ضمان تفعيل هذين السجلين في أحسن ظروف النجاعة والفعالية، تم إحداث لجنة القيادة برئاسة رئيس الحكومة، وتجتمع هذه اللجنة بشكل شهري قصد تقييم حالة تقدم هذا الورش والبت في النقاط التي تستلزم التحكيم وكذا اتخاذ القرارات الاستراتيجية. كما تم إحداث ثلاث لجن موضوعاتية تتمثل في اللجنة الموضوعاتية الأولى الخاصة بمنظومة الاستهداف، واللجنة الموضوعاتية الثانية الخاصة بتحديد عتبة الأهلية للاستفادة من برنامج الدعم الاجتماعي واللجنة الموضوعاتية الثالثة الخاصة بالإجراءات القانونية المواكبة للبرنامج.
وبخصوص متطلبات التعميم، تبذل الحكومة مجهودات مهمة على مستوى الموارد البشرية والجوانب اللوجيستية، قصد تعميم آلية الاستهداف في الآجال المحددة، من تعبئة وتكوين 4.500 موظف في مراكز خدمة المواطنين، و400 موظف في الأقاليم، وتأهيل 1.500 مركز لخدمة المواطنين وكذا تأهيل مقرات الباشويات والملحقات الإدارية والقيادات، واقتناء لوازم التسجيل في السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد.