الأخبار
علم لدى مصادر “الأخبار” أن غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط أسدلت الستار، بحر الأسبوع الماضي، على الملف المثير المرتبط بفوضى سوق الجملة بمدينة الخميسات، الذي يتابع فيه رجل أعمال بالمدينة وموظف بالبلدية رفقة “بلطجية” ارتكبوا جرائم بالجملة في حق التجار لسنوات، قبل أن تتدخل السلطات القضائية والأمنية لتضع حدا لحالة الفوضى العارمة التي كان يشهدها سوق الجملة بالمدينة.
وأصدرت الهيئة القضائية بالغرفة المذكورة، في وقت متأخر من ليلة الخميس الماضي، أحكامها القضائية الابتدائية في حق المتهمين الثمانية في هذا الملف، بينهم مكتري سوق الجملة، وهو تاجر كبير متخصص في بيع الأثاث المنزلي، وموظف بلجنة المراقبة بالبلدية، حيث أدانتهم بعقوبات سجنية بلغت في مجموعها 32 سنة، وزعت بالتساوي عليهم، أي أربع سنوات لكل واحد منهم.
وقد تابعت المحكمة المتهمين بتهم ثقيلة تتعلق بتكوين عصابة إجرامية والسرقة الموصوفة واحتجاز شخص دون إذن السلطات والنصب والتهديد والإيذاء العمدي وإهانة الضابطة القضائية.
الحكم خلف استحسانا كبيرا لدى التجار وساكنة مدينة الخميسات، بعد أن روعهم المتهمون بإيعاز من مكتري السوق وتواطؤ الموظف الجماعي.
وتعود أطوار هذا الملف إلى سنتين تقريبا، عندما سادت حالة من الفوضى العارمة بسوق الجملة بالخميسات، بعد ظهور أشخاص انتظموا في شبكة وقاموا بممارسات جد خطيرة يعاقب عليها القانون، تتعلق بفرض إتاوات على التجار، وتعشير البضائع بالقوة، قبل أن تتفاعل السلطات الأمنية والقضائية مع شكايات التجار وتوقف كل المتورطين، بمن فيهم مكتري السوق وموظف بلجنة المراقبة، إضافة إلى ستة أشخاص، قدمتهم معطيات الملف ك”بلطجية” متخصصين في النصب والاعتداءات واستخلاص إتاوات مالية بالعنف، مقابل تعشير البضائع.
مصادر “الأخبار” أكدت أن جرائم العصابة وفق التوصيف المتضمن في صك الاتهامات الموجهة للمعتقلين، امتدت إلى تنفيذ اعتداءات داخل المدينة والتحكم في كثير من الأمور بتحريض من بعض المسؤولين، مما جعلهم يكتسبون صلاحيات أكثر ويتصرفون وفق منطق “قوانين الشارع” والسيبة، وهو ما توصلت إليه الأبحاث التمهيدية والتفصيلية، وكذا الاستنطاقات المباشرة خلال جلسات الحكم، حيث تأكدت طبيعة الجرائم الخطيرة المنسوبة للمتهمين وهي تكوين عصابة إجرامية والسرقة الموصوفة والإيذاء العمدي واحتجاز شخص دون إذن السلطات، وإهانة الضابطة القضائية.
وكانت فضائح سوق الجملة بالخميسات قد خلفت ردود أفعال كثيرة، أفرزت وقفات احتجاجية نفذتها الفعاليات الحقوقية والنقابية بالإقليم، من أجل رفع الشطط عن التجار، ووضع حد لحالة “السيبة” التي فرضها أشخاص موالون لتاجر كبير بالمدينة نائل لصفقة تدبير السوق، حيث تجاوز كل الاتفاقات والتعهدات المتضمنة في دفتر التحملات، وانصرف إلى فرض قوانين خاصة به على التجار وتعشير البضائع، أمام أعين مسؤولي المراقبة والسلطات المختصة التي ظلت تتفرج لسنوات، قبل أن تحسم السلطات الأمنية والقضائية هذا الملف تحت الإشراف المباشر لوكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالخميسات، وكذا الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، الذي أحال كل المتورطين على قاضي التحقيق، من أجل إخضاعهم للتحقيقات التفصيلية ومواجهتهم بالتجار الضحايا وباقي القرائن، حسب مصادر “الأخبار”، وقد خضع المتهمون لجلسات استنطاق تفصيلية، أعقبتها جلسات محاكمة ماراطونية، أنهاها الخميس الماضي، رئيس الهيئة القضائية بغرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط بإدانة المتهمين الثمانية بأربع سنوات حبسا نافذا لكل واحد منهم.