كشفت المندوبية السامية للتخطيط، في تقرير للميزانية الاقتصادية الاستشرافية لسنة 2023، أنها تتوقع أن يبلغ النمو الاقتصادي الوطني 3.7 في المئة في سنة 2023، فيما سيستمر عجز الميزانية بـ5.5 في المئة من الناتج الداخلي الخام في نفس السنة.
زيادة الفاتورة الغذائية في المغرب
تتوقع المندوبية السامية للتخطيط في هذا التقرير أن تصل ديون الخزينة لـ68.9 في المئة من الناتج الداخلي الخام. وسجل التقرير زيادة الفاتورة الغذائية في المغرب بسبب انخفاض مردودية الحبوب وزيادة الواردات من المنتجات الغذائية في سنة 2022، وهو ما سيجعل العجز التجاري للمغرب يعرف تدهورا بنسبة 17,9 في المئة بسبب ارتفاع الواردات من المواد الطاقية والغذائية. وتتوقع المندوبية في ذات التقرير تراجع القدرة الشرائية للأسر المغربية ب1.5 في المئة في سنة 2022، ويُعزى التراجع لانخفاض مداخيل الأسر وتحويلات مغاربة الخارج، وللارتفاع الكبير لأسعار المواد الطاقية وبالتالي ارتفاع المواد الأساسية الأخرى. وأعلنت المندوبية السامية للتخطيط تسجيل نسبة النمو الاقتصادي الوطني في 2.5 في المئة سنة 2023، وتتوقع المندوبية أن يتم تسجيل موسم فلاحي متوسط في سنة 2023، وتراجع الطلب العالمي تجاه المغرب لـ 3.6 في المئة، واستقرار سعر برميل النفط عند 100 دولار. وفي ما يتعلق بالمدخرات الوطنية، فإنها ستسجل ركودا فعليا، بارتفاع بنسبة 26.5 في المئة من الناتج الداخلي الخام مقابل 26.6 في المئة من الناتج الداخلي الخام في سنة 2022، على أن تبلغ المدخرات الداخلية 21.2 في المئة من الناتج الداخلي الخام. كما أنه من المتوقع أن يبلغ الدين العمومي الإجمالي 83.3 في المئة من الناتج الداخلي الخام وتصل ديون الخزينة إلى 68.9 في المئة من الناتج الداخلي الخام. وأوضحت المندوبية أنه يرتقب أن يظهر النشاط الاقتصادي الوطني صمودا باعتماد فرضية عودة الظروف المناخية للموسم الفلاحي نحو منحاها الموسمي العادي، حيث ستعرف القدرة الشرائية للأسر توجها نحو الارتفاع، خاصة في المناطق القروية. مما سيدعم ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي بنسبة 4,5 في المئة خلال الفصل الأول من عام 2023، حسب التغير السنوي، عوض 1,1 في المئة خلال نفس الفترة من 2022. وكشف موجز المندوبية، أنه من ناحية أخرى، سيساهم التشديد المستمر للسياسة النقدية في تباطؤ طلب الشركات وسيشكل استمرار تنامي النفقات العمومية الدعامة الرئيسية للاستثمار. وعلى العموم، سيساهم الطلب الداخلي في زيادة النشاط الاقتصادي ب 3,2 نقطة خلال الفصل الأول من 2023، عوض 0,8 نقطة خلال العام السابق. أما على مستوى فروع النشاط، تضيف المندوبية السامية للتخطيط، فسيظل النمو الاقتصادي خلال الفصل الأول من 2023 رهينا بتحسن الأنشطة الفلاحية المرتبط أساسا بعودة الظروف المناخية المواتية خلال نفس الفترة وباستمرار تعافي أنشطة الخدمات القابلة للمتاجرة.
ضغوط تضخمية مستمرة
ما زالت الضغوط التضخمية تُلقي بظلالها على الاقتصاد، بعدما دفعت البنك المركزي لرفع سعر الفائدة مرتين في العام الماضي بـ100 نقطة أساس إلى 2.5 في المئة، إذ يُتوقع أن يصل التضخم إلى 6.6 في المئة مقابل 1.4 في المئة في 2021، على أن يناهز 3.9 في المئة في 2023، وهو ما قد يستلزم تشديداً آخرَ للسياسة النقدية في أولى جلسات السياسة النقدية لبنك المغرب في مارس المقبل. وقال والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري، في مؤتمر صحافي في 20 دجنبر، إن تأثير رفع الفائدة سيظهر في بداية العام 2023، إذ سيتم تقييم تأثير الرفع الأول الذي تم في شتنبر على مستوى فوائد القروض الممنوحة من البنوك لصالح الأفراد والشركات، وسيمتد التأثير إلى النمو الاقتصادي. بالإضافة إلى كبح جماح التضخم، يُراهن المغرب على موسم زراعي جيد لرفع الإنتاج الوطني من الحبوب، إلا أن هذا يبقى رهناً بكمية الأمطار التي تستقبلها البلاد في 2023 التي يعتمد عليها القطاع الزراعي الذي يُسهم بـ14 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي. ويتوقع أن يبلغ إنفاق الحكومة على الاستثمار العمومي في العالم الحالي حوالي 28 مليار دولار. وتستهدف المملكة تحقيق نمو اقتصادي بمعدل 4 في المئة مقابل 1.5 في المئة في 2022، وخفض عجز الميزانية إلى 4.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 5.3 في المئة المتوقع مع نهاية 2022. وكالة «موديز» قالت في تقرير أصدرته يوليوز الماضي إن المغرب أظهر كفاءة في تدبير الأزمات وتحسين الحوكمة بما يسمح بتحسن تدريجي لوضعية الميزانية والمديونية، وتتوقع أن يسجل اقتصاد البلاد نمواً بما يتراوح بين 3 إلى 3.5 في المئة حتى 2025، وبخصوص عجز الميزانية تشير إلى 6.2 في المئة و5.8 في المئة و5.3 في المئة لسنوات 2022 و2023 و2024. وتشير وكالة «فيتش» في تقرير أصدرته في نونبر أن البلاد تواجه نمواً متباطئاً بـ1,1 في المئة نتيجة موسم الجفاف الأكثر قسوة منذ عقود والتضخم الذي يؤثر على الاستهلاك ووتيرة التمويل، ناهيك عن الظرفية الدولية المتقلبة، بينما تتوقع نمواً اقتصادياً بـ2.8 في المئة عام 2023 ليرتفع إلى 3.2 في المئة في 2024.
أرقام قياسية في صادرات الفوسفاط
حققت المملكة أرقاما قياسية من حيث صادرات الفوسفاط ومشتقاته بأكثر من 9.5 مليارات دولار، وصناعة السيارات بـ8.5 مليارات دولار في الأشهر العشر الأولى، بينما يُرتَقب أن تنهي السنة بـ23.4 مليار دولار مُجتمعةً. وقال رياض مزور، وزير الصناعة والتجارة، في حديث مع موقع «الشرق»، إن الصادرات الصناعية للمغرب ستفوق 35 مليار دولار في 2022، على أن تتجاوز في 2023 ما قيمته 40 مليار دولار، أي بنحو 14 في المئة كزيادة على أساس سنوي. وإلى جانب الصادرات، يُنتظر أن تحقق إيرادات السياحة رقماً قياسياً العام الماضي عند 8.4 مليارات دولار، ومثلها في 2023، فيما ستبلغ تحويلات المغتربين 10 مليارات دولار في 2022، وحوالي 9.6 مليارات دولار في 2023، وهي إيرادات تدعم رصيد البلاد من العملة الصعبة على نحو يغطي وارداتها لأكثر من نصف سنة. سجل المغرب هذا الأداء الجيد في وقت قفز فيه معدل التضخم إلى 8.3 في المئة في نونبر وهو مستوى لم تشهده البلاد منذ ثلاثة عقود، ناهيك عن تداعيات موسم جفاف غير مسبوق. واختار المغرب تحديد حصة مهمة من الاستثمار العمومي لقطاعات المستقبل، إذ خصص 12.3 مليار دولار لتطوير القطاعات المرتبطة بإنتاج وتطوير صناعات الفوسفاط على مدى 5 سنوات، وذلك ضمن البرنامج الاستثماري الأخضر الجديد لـ «المجمع الشريف للفوسفاط» (OCP) ، للأعوام بين 2023 و2027. البرنامج الاستثماري الجديد للمجمع الشريف للفوسفاط يهدف إلى زيادة الإنتاج بالاعتماد على الطاقة الخضراء، وتحقيق الحياد الكربوني قبل عام 2040، على أن تصل نسبة المكون المحلي إلى 70 في المئة ، فضلاً عن توفير 25 ألف فرصة عمل. هذه الاستثمارات ستتيح على المدى البعيد وضع حد لاعتماد الشركة الحكومية على الواردات، مثل «الأمونياك» الذي تسعى إلى إنتاجه من خلال الهيدروجين الأخضر. تخطط الحكومة لإنتاج نحو 3 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030، وفق سيناريو متفائل، بالاعتماد على إمكانات البلاد في مجال الطاقة المتجددة وتحلية مياه البحر، ما من شأنه تسريع تحقيق هدف الحياد الكربوني في 2050.
لمياء جباري