أدى انفجار ضخم بمرفأ بيروت وقع بعيد الساعة السادسة من مساء الثلاثاء، إلى مقتل 100 شخص على الأقل وإصابة ما يقرب من 4 آلاف آخرين، وتسبب بأضرار جسيمة في المباني امتدت لعدة كيلومترات.وأعلن لبنان حالة الطوارئ لمدة أسبوعين، وشكل لجنة للتحقيق في الحادث على أن تقدم نتائجها خلال 5 أيام، كما أعلن عن حالة الحداد في البلاد لمدة 3 أيام.
وتوالت المواقف الإقليمية والدولية معلنة التضامن مع سكان العاصمة اللبنانية ومعبرة عن استعدادها لتقديم المساعدة للحكومة في التحقيق في الحادث ودعمها في مواجهة الآثار الناجمة عن الكارثة.
أعلن المجلس الأعلى للدفاع بعد اجتماعه برئاسة الرئيس اللبناني ميشال عون وحضور رئيس الحكومة وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية والقضائية “بيروت مدينة منكوبة”. ورفع المجلس توصية إلى مجلس الوزراء الذي انعقد الأربعاء لإعلان حالة الطوارئ في بيروت، وشكّل لجنة تحقيق ترفع تقريرها حول المسؤوليات خلال خمسة أيام.
وقال الصليب الأحمر اللبناني يوم أمس الأربعاء إن الانفجار الضخم في مرفأ بيروت الذي ألحق أضرارا كبرى بالأحياء المجاورة في المدينة، أسفر عن مقتل أكثر من مائة شخص وإصابة أكثر من أربعة آلاف بجروح.
وتضاربت المعلومات حول أسباب هذا الانفجار الذي ذكّر بالانفجار الضخم الذي أدى إلى مقتل رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، وأفيد بأنه ناتج عن انفجار مستودع لمفرقعات نارية في العنبر رقم 12 بعد حريق تسبّب به احتكاك كهربائي، فيما ذهب آخرون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى تناقل روايات لم تتأكد صحتها عن استهداف طيران إسرائيلي لشحنة أسلحة تابعة لحزب الله في المرفأ.
وساد الذعر في بيروت والضواحي نتيجة مشاهد الدمار المخيفة التي سُجّلت في قُطر 7 كيلومترات، حيث أدى الانفجار إلى وقوع عشرات الضحايا ومئات الجرحى نتيجة انهيار مبان قديمة وتطاير زجاج معظم الأبنية الشاهقة وأبوابها في الأشرفية والدورة والمدوّر ووسط بيروت وفردان وفرن الشباك والسراي الحكومي والمجمّعات التجارية وشركة كهرباء لبنان ومطار بيروت الولي وصولا إلى جزيرة قبرص مروراً ببيت الوسط، حيث كان الرئيس سعد الحريري يترأس اجتماعاً لـ”كتلة المستقبل”.
وفور وقوع الانفجار بثّت قناة LBCI صوراً عن أضرار في بيت الوسط، وساد اعتقاد بأن المستهدف سعد الحريري كما حصل مع والده، قبل أن يظهر الحريري شخصياً ويطمئن الجميع.
عشرات القتلى وآلاف الجرحى
كشف وزير الصحة اللبناني حسن حمد، أن عدد المفقودين من جراء انفجار بيروت الذي هز العاصمة، أول أمس الثلاثاء، يفوق عدد القتلى الذين تم التعرف عليهم حتى الآن، وهو 100 قتيل كما هو معلن.
وأكد حسن حمد، أمس الأربعاء، أن “عدد الضحايا يتزايد. حتى الآن هناك حوالي 100 جثمان، وهناك الكثير من الاتصالات التي تدل على أن المفقودين أكثر من عدد الجثامين التي وصلت إلى المستشفيات”.
ولا تزال فرق الإنقاذ والدفاع المدني تبحث عن مفقودين في مكان الانفجار الذي امتدت آثاره إلى أكثر من 20 كيلومترا في بيروت، وأدى إلى أضرار جسيمة في مئات المباني.
وكشف الوزير اللبناني أن تضرر 4 مستشفيات بالكامل في بيروت من جراء الانفجار، ونقل المرضى الذين كانوا يرقدون بها إلى أخرى، فاقم من المشكلة، و”حوّل الأزمة إلى كارثة وبائية صحية بامتياز”.
وصدرت نداءات استغاثة لإنقاذ الجرحى في منازلهم أو في سياراتهم على الطرقات، وفُقد الاتصال بفرقة من فوج إطفاء بيروت كانت توجّهت إلى المرفأ لإطفاء الحريق قبل وقوع الانفجار.
وتابع الرئيس اللبناني ميشال عون تفاصيل الانفجار الكبير وأعطى توجيهات إلى كل القوى المسلّحة بالعمل على معالجة تداعيات الانفجار وتسيير دوريات في الأحياء المنكوبة من العاصمة والضواحي لضبط الأمن.
وشدّد عون “على ضرورة التحقيق في ما حدث وتحديد المسؤوليات سيما أن تقارير أمنية كانت أشارت إلى وجود مواد قابلة للاشتعال والانفجار في مرفأ بيروت”.
وتعهد رئيس الحكومة حسان دياب الذي تفقّد مرفأ بيروت، في كلمة متلفزة مساء الثلاثاء، بمحاسبة “المسؤولين عن كارثة” الانفجار الذي وقع في “مستودع خطير”، على حد قوله، في مرفأ بيروت. وقال “ما حصل اليوم لن يمر من دون حساب سيدفع المسؤولون عن هذه الكارثة الثمن”، مضيفاً “ستكون هناك حقائق تعلن عن هذا المستودع الخطير الموجود منذ 2014، أي منذ 6 سنوات”.
وأعلن رئيس الحكومة اللبناني الأربعاء يوم حداد وطني على “ضحايا الانفجار”.
ورجح المدير العام للأمن العام اللبناني عباس إبراهيم أن يكون الانفجار ناجماً عن مواد “مصادرة وشديدة الانفجار”. وقال للصحافيين خلال تفقده المكان “يبدو أن هناك مخزنا لمواد مصادرة منذ سنوات وهي شديدة الانفجار”، مشدداً على ضرورة انتظار نتيجة التحقيقات.
وذكرت LBCI أن هذه المواد هي عبارة عن نترات الأمونيوم التي سبق أن صودرت من إحدى السفن ووضعت في أحد مستودعات المرفأ في انتظار إتلافها.
ولحقت أضرار الانفجار، الذي حصل نتيجة انفجار كميات كبيرة من ”نترات الأمونيوم” تًقدّر بـ2750 طناً كانت توجد في أحد عنابر مرفأ بيروت، بقصر بعبدا، مقرّ رئاسة الجمهورية الواقع في الضاحية الشرقية لبيروت، وبمقرّ رئاسة الحكومة في وسط العاصمة، وبمطار بيروت الدولي في الضاحية الجنوبية.
وقال رئيس الجمهورية ميشال عون خلال الاجتماع إنّ “كارثة كبرى حلّت بلبنان”، مشدّداً على “اتخاذ الإجراءات القضائية والأمنية الضرورية، ومساعدة المواطنين ومعالجة الجرحى والمحافظة على الممتلكات”.
ضحايا وظلام وغضب
قدرت مصادر لبنانية أن حوالي300 ألف شخص باتوا بدون مأوى من أصل 360 ألفا من سكان العاصمة بيروت. عبّر العديد من المواطنين عن حال الغضب العارم إثر التداعيات الهائلة للانفجار، ووجّهوا شتائم للطبقة السياسية ودعوها إلى الرحيل، فيما غرق آخرون بالدموع وأصابتهم نوبات عصبية.
وانقطعت الاتصالات الأرضية والخلوية لفترة طويلة من الوقت، وخيم الظلام على العاصمة بيروت، وسأل لبنانيون عن كيفية إصلاح الدمار والأضرار الفادحة في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة والتي تبلغ مليارات الدولارات.
وفي موقع الانفجار الذي شعر به السكان وصولا إلى جزيرة قبرص، يبقى المشهد مأساويا. ففي مرفأ بيروت شوهدت جثث وأشلاء، وتحوّلت المستودعات ركاماً.
في شوارع العاصمة وأحيائها، كان في الإمكان رؤية سيّارات مدمّرة متروكة في الطرق، وجرحى تغطّيهم دماء، وزجاج متناثر في كلّ مكان.
وتسبب الانفجار بتضرّر باخرة لقوات الأمم المتحدة العاملة في لبنان وجرح عدد من عناصر هذه القوات، وفق ما جاء في بيان لليونيفيل. وبين الإصابات حالات خطرة.
مساعدات دولية
توالت ردود الفعل من مختلف أنحاء العالم للتضامن مع لبنان وعرض المساعدات إثر الانفجار.
وتلقّى الرئيس عون اتصالاً من أمير قطر الذي أمر بإرسال مستشفيات ميدانية عقب الانفجار، وأعربت الخارجية الأمريكية عن استعدادها لتقديم المساعدة، كما فعل وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان.
وعرضت عدة دول المساعدة على لبنان وخصوصا فرنسا التي أرسلت الأربعاء عدة أطنان من المواد الصحية.
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على تويتر أن فرنسا سترسل فرقة من الدفاع المدني و”أطنانا من المواد الصحية” الى بيروت.
وعرضت الولايات المتحدة أيضا المساعدة وكذلك ألمانيا. كما أن إسرائيل التي لا تزال عمليا في حالة حرب مع لبنان عرضت مساء الثلاثاء “مساعدة إنسانية وطبية”.
كما قدّمت روسيا وقطر والإمارات العربية المتحدة وسوريا والكويت ومصر والجامعة العربية والأردن والعراق التعازي بالضحايا، فيما أكّدت إيران دعمها لبنان.
وعبرت الولايات المتحدة الامريكية عن جاهزيتها لمساعدة الشعب اللبناني للتعافي من آثار الانفجار الذي خلف عشرات القتلى وآلاف الجرحى، وقالت إنها تراقب الوضع عن كثب. وأعربت وزارة الخارجية الأمريكية، في بيان لها عن «خالص التعازي لكافة المتضررين من الانفجار الهائل في مرفأ بيروت».وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثلاثاء أنّ الانفجارين القويين اللذين هزّا بيروت يبدو كأنهما “اعتداء رهيب”. وأضاف أن جنرالاته أخبروه بأن السبب هجوم عبر قنبلة، وقال للصحافيين في البيت الأبيض “لدينا علاقة جيدة جدا مع شعب لبنان، وسنكون هناك للمساعدة”.
عرب وأجانب ضمن ضحايا الانفجار
قتل وجرح عدد من العرب والأجانب من جراء الانفجار الضخم الذي هز بيروت، مساء الثلاثاء، وأدى إلى دمار هائل امتد لمسافة أكثر من 20 كيلومترا، بسبب انفجار مستودع يحتوي على نترات الأمونيوم في مرفأ المدينة.
وأعلنت السفارة المصرية في بيروت، في بيان عبر صفحتها في فيسبوك، أن أحد مواطنيها قُتل في انفجار بيروت، في حين أبلغ مواطنون مصريون السفارة باختفاء آخر كان في مكان قريب من الانفجار.
وقالت السفارة اليمنية في لبنان إن يمنيين اثنين أصيبا بجروح طفيفة، من جراء انفجار مرفأ بيروت، الذي راح ضحيته أكثر من 100 قتيل، وأصيب نحو 4 آلاف.
كما أكدت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين في الأردن إصابة مواطنين أردنيين اثنين إثر انفجار بيروت، وقالت إنها «تتابع بشكل حثيث» أوضاع الجالية الأردنية في لبنان.
وأفادت السفارة المغربية في بيروت بأن مواطنة مغربية تعمل بمنظمة تابعة للأمم المتحدة أصيبت بكسور في قدمها من جراء الانفجار، مشيرة إلى أنها تتلقى العلاج بإحدى المستشفيات اللبنانية.
كما أعلنت جمعية الهلال الأحمر العراقي عن إصابة 10 عراقيين خلال الانفجار، وأضافت أنهم في حالة مستقرة ويتلقون العلاج حاليا، وفقا لمراسل «سكاي نيوز عربية».
ومن جهة أخرى، قال رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون إن مواطنا أستراليا قتل في «الانفجار المروع»، مشيرا إلى تضرر مبنى السفارة في بيروت «بشكل كبير» من جراء الانفجار، موضحا أن «الموظفين فروا من دون إصابات خطيرة».
وأفادت سفارة كازاخستان في بيروت، بإصابة السفير بجروح، لكنها لم تذكر مدى خطورتها، في حين تضررت أجزاء من مبنى السفارة من جراء الانفجار.
وأعلنت سفارة هولندا في بيروت من خلال بيان، إصابة 5 من موظفيها بسبب الانفجار، كما ذكرت السفارة الروسية في بيروت أن مبنى السفارة تعرض لأضرار فيما أصيبت موظفة بجروح طفيفة بشظايا الزجاج المتطاير.
وأعلنت وزارة الخارجية الألمانية إصابة أفراد من طاقم سفارة ألمانيا في بيروت.
كما أعلنت الأمم المتحدة عن إصابة 48 شخصا من موظفيها و27 من أفراد أسرهم و3 من زوارهم نتيجة الانفجار، من دون ذكر تفاصيل أخرى بشأن جنسيات الضحايا.
الجمعة يوما للنطق بالحكم ضد مدبري قتل الحريري
تصدر المحكمة الخاصة بلبنان حكمها في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005. وسيحضر رئيس الوزراء السابق سعد الحريري جلسة النطق بالحكم في قضية اغتيال والده التي غيرت وجه لبنان.
ومن المقرر أن يصدر القضاة في المحكمة الخاصة بلبنان حكمهم يوم الجمعة المقبل (السابع غشت 2020) في القضية التي يُحاكم فيها أربعة رجال متهمين بتدبير التفجير الذي أودى في 2005 بحياة رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري و21 آخرين.
وبعد نحو 13 عاماً على تأسيسها بموجب مرسوم صادر عن الأمم المتحدة، تنطق المحكمة بحكمها غيابياً بحق أربعة متهمين تقول إنهم ينتمون إلى حزب الله، في قضية غيرت وجه لبنان ودفعت لخروج القوات السورية منه بعد 30 عاماً من الوصاية الأمنية والسياسية التي فرضتها دمشق.
واعتبر الحريري الأسبوع الماضي أن الجمعة سيكون «يوماً للحقيقة والعدالة من أجل لبنان».
وجراء وباء كوفيد-19، أعلنت المحكمة أنه «سيُتلى (الحكم) من قاعة المحكمة مع مشاركة جزئية عبر الإنترنت».
يذكر أنه في 14 فبراير من العام 2005، قتل رفيق الحريري مع 21 شخصاً وأصيب 226 بجروح في انفجار استهدف موكبه قبالة فندق سان جورج العريق في وسط بيروت.
وباستثناء مصطفى بدر الدين، القيادي العسكري السابق في حزب الله والذي قتل في سوريا العام 2016، تقتصر المعلومات عن المتهمين الأربعة الآخرين على ما قدمته المحكمة الدولية.
وأسندت للمتهمين الأربعة الذين ينتمون إلى حزب الله اللبناني، سليم عياش وحسن مرعي وحسين عنيسي وأسد صبرا، اتهامات عدة أبرزها «المشاركة في مؤامرة لارتكاب عمل إرهابي، والقتل عمداً، ومحاولة القتل عمداً». وإذا صدر الحكم بالإدانة فستعقد جلسات أخرى لإصدار الأحكام. وأقصى عقوبة ممكنة في حالة الإدانة هي السجن مدى الحياة.