عبد اللطيف المناوي
أشك في أن الكثيرين لا يدركون مدى تأثير تغير المناخ على حياتهم اليومية العادية. فإن مجرد ارتفاع درجة حرارة الأرض بدرجة مئوية واحدة أو درجتين يُعد تحديا بيئيا خطيرا، وكفيل بأن تنتفض العديد من الدول لمواجهة الآثار الناجمة عن ذلك، كما هو كفيل بأن يثير قلق المجتمع العلمي والبيئي بأكمله.
ووفقا للتقارير العلمية، يعزى الارتفاع المستمر في درجات الحرارة إلى زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة، وهو أمر يشكل تهديدا لتوازن البيئة والحياة على الكوكب. كما تشير دراسات «معهد الأرض» بجامعة كولومبيا إلى أن ارتفاع درجة الحرارة بدرجة واحدة مئوية قد يؤدي إلى زيادة في تكرار الظواهر الطبيعية المدمرة، مثل العواصف والفيضانات، وقد يتسبب ذلك في تهديد للمناطق الساحلية وتأثيرات سلبية على البنية التحتية للمدن.
ورأينا خلال الفترة الأخيرة فعلا زيادة في حجم الكوارث الطبيعية التي كانت لها آثار مدمرة على البشر والكائنات الحية، بل وعلى مستوى تغيير الطبيعة الجغرافية والديموغرافية لبعض الأماكن في العالم.
من الناحية البيئية، فإن درجة حرارة واحدة قد تكون سببا مباشرا في ذوبان الجليد في القطبين، ما يسهم في ارتفاع مستوى سطح البحر، ويُظهر تقرير اللجنة البيئية الدولية أن هذا الارتفاع قد يهدد بالغمر للمناطق الساحلية وتهجير المجتمعات البشرية، ولا يمكن استبعاد تأثيرات متسارعة على التنوع البيولوجي يمكن أن تظهر أيضا، حيث تتعرض بعض الكائنات الحية إلى خطر الانقراض، بسبب فقدان مواطن العيش الطبيعية.
وعلى الصعيدين الزراعي والبيولوجي، يشير تقرير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة إلى أن ارتفاع درجة الحرارة يؤثر سلبا على المحاصيل الزراعية والإنتاج الغذائي، ما يتسبب في نقص في الإمدادات الغذائية وتقليل فاعلية الزراعة، حيث تتأثر المحاصيل بشكل كبير بارتفاع درجة الحرارة، ما يؤدي إلى تغيرات في نمو النباتات وتوزيع الأمطار.
وهذا يعني أن الأماكن التي كانت قابلة للزراعة قد تصبح غير صالحة، ما يؤثر على إمكانية توفير الغذاء للسكان، وقد يعرضهم لخطر المجاعات، التي ازداد عددها كذلك في الفترة الماضية.
كل هذا من درجة واحدة، فما بالنا من درجتين، فقد أجرت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) عدة تجارب أظهرت أن ارتفاع درجة الحرارة بدرجتين مئويتين قد يؤدي إلى تغيرات جذرية في الأنماط المناخية، مع ازدياد تكرار الجفاف، ومن ثم تشكيل مناطق جديدة ذات درجات حرارة مرتفعة.
ويمكن أن تزيد هذه التغيرات من ازدياد عدد اللاجئين، بسبب التغيرات المناخية، والضغط على الموارد الطبيعية.
التغير المناخي الذي صار له مؤتمر سنوي مهم يحرص على حضوره العديد من قادة دول العالم، ليس رفاهية أبدا، بل تحدٍ كبير يتطلب تعاونا دوليا للتصدي له.
وأرجو أن تكون مثل هذه الدراسات التي ذكرتها محفزة للجميع – كل في مكانه- على تبني ممارسات وتقنيات جديدة للحفاظ على كوكبنا، وضمان استدامة الحياة عليه.