مفكرون وسياسيون وصحافيون ورياضيون ممنوعون من دخول الجزائر
حين توقفت رحلة زملاء صحافيين مغاربة عند حاجز التفتيش ونقط المراقبة، في مطار هواري بومدين بالجزائر العاصمة، وتكرر المشهد مرات ومرات، استحضرت عبورا بذات المطار حين قادتني دورة تكوينية للصحافة الرياضية المتوسطية إلى الجزائر قبل سبع سنوات. بدأت أولى خيوط معاناتي أمام شرطة الحدود، إذ توقفت طويلا أمام رجل أمن بزي رسمي تفحص جواز سفري وتعمق في ملامحي ثم سألني عن سر زيارتي للجزائر، فأعفيته من الجواب بإشهار دعوة من اللجنة المنظمة. تبين أن الأمر في غاية الخطورة حين حمل جواز سفري وهرول نحو جهة غير معلومة، مسحت بعيني المطار، وحين التفت إلى الطابور الذي كان ورائي اكتشفت أن الجميع انفض من حولي، وبعد دقائق عاد الشرطي الشاب مزهوا خلف رئيسه المثقل بالرتب، وبدون مقدمات طلب مني إحضار حقيبة سفري التي كانت وحيدة في معبر الحقائب، والالتحاق به في مكتبه، وقبل أن أسأله عن مكان المكتب فهم قصدي وكلف الشرطي نفسه بمرافقتي.
تجدد السؤال نفسه حول أسباب الزيارة، في الوقت الذي شرع فيه الشرطي في تفتيش حقيبتي ودفاتري، قبل أن يسألني عن علاقة القرابة التي تجمعني بوزير الداخلية الراحل إدريس البصري، وعن الفندق الذي سأقيم فيه، قبل أن يفرج عني.
ومع مرور الأيام، تبين أن السلطات الجزائرية وضعت قائمة سوداء بأسماء الإعلاميين والصحافيين العرب والأجانب، الممنوعين من ولوج الجزائر برا وبحرا وجوا، هذه اللائحة أعدتها وزارة الشؤون الخارجية بالتنسيق مع بعض الوزارات الأخرى، بدعوى «الإساءة» للجزائر، كما تضمنت القائمة أسماء لصحافيين جزائريين مغضوب عليهم.
وحسب مصادر إعلامية جزائرية، فإن قائمة الممنوعين من دخول الأراضي الجزائرية قد سلمت إلى كل البعثات الدبلوماسية بالخارج، وأن المشمولين بالحظر في حالة عبورهم للمطارات والموانئ والمعابر البرية يتم توقيفهم وإعادتهم إلى بلدانهم، وعلى رأس القائمة الصحافيون المغاربة بدون استثناء والفنانون الجزائريون الذين أحيوا حفلات في المغرب، وبعد المغرب تأتي مصر في المرتبة الثانية من حيث عدد الصحافيين الممنوعين من زيارة الجزائر.
الطاقم التلفزيوني المغربي ممنوع من تغطية القمة العربية
قدمت السلطات الجزائرية نموذجا لـ «حسن» استضافة القمة العربية، حين منعت إعلاميين مغاربة يعملون في التلفزيون المغربي من تغطية الاجتماع التمهيدي للقمة، وكذا الاستعداد لمواكبة مؤتمر جامعة الدول العربية في الجزائر. وحسب بيانات الشجب والتنديد من هيئات إعلامية، ومن خلال تدوينات بعض الزملاء الذين طالهم المنع، فإن فريق العمل التلفزيوني المغربي قد تعرض لاستفزازات ممنهجة بمطار هواري بومدين في العاصمة الجزائرية، حيث تم احتجاز عناصره وآليات عمله لمدة تجاوزت ست ساعات، ورافق هذا الاحتجاز تحقيق أمني، قبل السماح لهم بدخول التراب الجزائري، باعتبارهم أفرادا عاديين فقط، مجردين من هويتهم المهنية التي على أساسها ذهبوا إلى الجزائر، من أجل تغطية أعمال القمة العربية.
وحسب صحيفة «القدس العربي»، التي كانت سباقة إلى نقل خبر الاحتجاز، فإن سلطات المطار قد جردت الإعلاميين المغاربة من المعدات والتجهيزات التقنية الخاصة بعملهم الصحفي وصادرتها، بل وأخضعتها لتفتيش دقيق، ليتبين لاحقا أن الوفد الإعلامي المغربي برمته ممنوع من تغطية أعمال القمة العربية، بعد حرمانه من الاعتماد الرسمي الخاص بها، دون باقي الوفود الإعلامية العربية والدولية.
ووصف الإعلام المغربي والعربي ما حصل في مطار العاصمة، بـ «الفضيحة» بعد أن «أجبرت البعثة الإعلامية المغربية على مغادرة الأراضي الجزائرية، عشية انعقاد قمة جامعة الدول العربية، بسبب الضغوطات والتحرشات والتحقيقات الأمنية وساعات الانتظار الطويلة في مطار بومدين».
وسرد شهود عيان تفاصيل معاناة دامت أكثر من ست ساعات، وتحدثوا عن «أبشع أنواع المعاملة من قبل الأجهزة الأمنية الجزائرية بمختلف أنواعها، رغم أن الإعلاميين أدلوا بجميع الوثائق والبيانات والبطائق التي تدل على هوياتهم»، علما أن بداية المعاناة تكمن في رفض السلطات الجزائرية دخول الوفد الإعلامي المغربي الرسمي عبر خط جوي مباشر، إذ اضطروا إلى السفر عبر طائرة إلى باريس، ومنها إلى العاصمة الجزائر لأداء واجبهم المهني، قبل أن يتعرضوا إلى ما يشبه الاعتقال التعسفي، الذي انتهى بتجريدهم من صفتهم الصحفية، ونزع معداتهم وكاميراتهم، والسماح لهم بالدخول إلى التراب الجزائري، كسياح.
ودعت النقابة الوطنية للصحافة المغربية المسؤولين في جامعة الدول العربية إلى «تحمل مسؤوليتهم الكاملة حول ما تعرض له الوفد الصحافي المغربي، باعتبار القمة العربية من مسؤولية جامعة الدول العربية، والجزائر مجرد محتضنة، ولا حق لها في منع وفد صحفي من القيام بواجبه المهني، خصوصا إذا كان الوفد ينتمي إلى دولة معنية بانعقاد القمة العربية، ومشاركة فيها بوفد رسمي».
حين قضى وفد إعلامي رياضي ليلة باردة بمطار بومدين
لم يكن الوفد الإعلامي المغربي يظن أن انتدابه لتغطية ألعاب البحر الأبيض المتوسط، شهر يوليوز الماضي، سينتهي بمأساة، إذ إن أفراد البعثة الصحفية اضطروا إلى المبيت في ركن من مطار هواري بومدين، وتم منعهم من مرافقة البعثة المغربية المشاركة في النسخة 19 من دورة البحر الأبيض المتوسط في وهران.
ورفضت السلطات الجزائرية مغادرة الصحافيين المغاربة للمطار، دون أن تكشف عن السبب وراء هذا القرار، مشيرة فقط إلى أن الأمر يدخل في إطار إجراء بحث عن الطاقم الصحفي المغربي، في حين عم استياء كبير الجانب المغربي بسبب تجاهل أفراد الطاقم بشكل واضح دون أن يتواصل معهم أي شخص طيلة 48 ساعة.
وحل أفراد الدفعة الأولى من البعثة المغربية بالجزائر وعددهم 99 فردا يمثلون سبع رياضات، إضافة إلى بعض المسؤولين عن اللجنة الوطنية وأفراد اللجنة الطبية ووسائل الإعلام المرافق، وكان من المقرر أن يكتمل الوفد الرياضي المغربي، بإرسال الدفعة الثالثة والأخيرة التي تضم ممثلي رياضة ألعاب القوى الوطنية.
واحتجزت شرطة المطار جوازات سفر الصحافيين المغاربة الذين عانوا من التجويع والمحاصرة، قبل أن تشرع اللجنة الأولمبية الوطنية المغربية في إعادة الصحافيين الرياضيين التسعة إلى المغرب، عبر تونس، بعد يومين من الاحتجاز.
ومنع الصحافيون المغاربة، وهم ثمانية محررين ومصور، في المطار منذ ظهر الأربعاء، من تغطية الحدث الرياضي، في سياق تمر فيه العلاقات بين الجزائر والمغرب بأحد أسوأ لحظاتها، حيث قطعت العلاقات الدبلوماسية بينهما منذ شتنبر 2021، بسبب قضية الصحراء المغربية.
وأجمع الصحافيون المحتجزون على أن موظفي الجمارك قد طلبوا منهم جوازات سفرهم ولم يردوها إليهم إلا قبل دقائق من صعودهم إلى الطائرة التي أعادتهم إلى تونس، حيث استقبلهم السفير المغربي في محاولة لترميم معنوياتهم. وتلقى المحتجزون عبارات المساندة والتضامن من جمعيات وهيئات الصحافة الرياضية التي نددت بالمنع الممنهج والغريب، الذي تعرض له الوفد الإعلامي المرافق للوفد الرياضي المغربي من دخول التراب الجزائري، عبر مطار وهران، مستنكرة «هذا الموقف المعادي للمواثيق الإعلامية الدولية والمصادر لحق الإعلاميين في تأدية واجبهم المهني»، وداعية كافة المؤسسات الدولية والقارية الوصية على الإعلام، ومطالبتها بالتحرك العاجل لحماية المهنة من الغارات السياسية.
وذكرت أنه رغم الجهود التي بذلها ممثلو اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية، وأعضاء القنصلية العامة المغربية بوهران وأعضاء عن اللجنة الدولية لألعاب البحر المتوسط، إلا أنه تم التحفظ على أعضاء الوفد الإعلامي المغربي حيث قضوا ليلة بالمطار في ظروف مزرية للغاية.
اليوسفي يتعرض لتفتيش مهين في مطار بومدين
في نهاية سنة 2015، حل عبد الرحمان اليوسفي بالجزائر لتقديم فروض العزاء في وفاة صديقه المناضل الحسين أيت أحمد، لكن الوزير الأول السابق سيجد نفسه في موقف حرج، مع الجهات المسؤولة بمطار هواري بومدين بالعاصمة الجزائرية، بتعمد إهانته من خلال إقدام عناصر الجمارك الجزائرية على تفتيش أغراضه لدى مغادرته التراب الجزائري، وحسب مقربين من اليوسفي «فإن المناضل المغربي قرر العودة إلى المغرب بعد أن قام بواجب العزاء في وفاة المعارض الجزائري، غير أن مصالح الجمارك عاملته وكأنه «إرهابي»، وأخضعت حقائبه لتفتيش «مهين» أثار غضب اليوسفي.
وأوضحت المصادر أن اليوسفي اكتشف لدى عودته إلى الوطن، أن «أغراض حقائبه مبعثرة، حتى الخاصة منها»، فشعر حينها بالمهانة وقرر متابعة جمارك مطار هواري بومدين، وهو ما صرح به للصحافة، حيث قال إنه سيعمد إلى تعيين محام بهدف رفع دعوى قضائية ضد مسؤول مطار هواري بومدين الدولي بالجزائر العاصمة، متهما مسؤولي الجمارك الجزائريين بكسر حقيبة سفره وبعثرة أشيائه الخاصة وبعض مقتنياته، ومعتبرا أن الأمر مزعج، ومؤكدا أن أمتعته قد خضعت لتفتيش غير لائق بالجزائر، وهو ما سيلجأ على إثره إلى القضاء.
وأمام تفاعلات تعرض الوزير الأول السابق، عبد الرحمان اليوسفي، للإهانة في مطار الهواري بومدين في العاصمة الجزائرية، ومباشرة بعد إعلانه تعيين محام للرفع دعوى قضائية ضد جمارك مطار الجارة الشرقية، قدمت السلطات الجزائرية اعتذارا رسميا للوزير الأول السابق اليوسفي.
وأكدت جريدة «لوسوار» الجزائرية الناطقة بالفرنسية، أن السلطات الجزائرية قدمت الاعتذار لليوسفي باعتباره شخصية بارزة في المغرب ومعروفة بدعمها الفاعل للثورة الجزائرية، كما أكدت الجريدة أن العبث بحقيبة اليوسفي الأسبوع الماضي قام به عنصر من أفراد الجمارك بالمطار، ووصفت عمله بـ «الأرعن»، حيث خرق القواعد الدبلوماسية المتعارف عليها بالمطارات الدولية. واعتبرت إدارة المطار ما حصل لليوسفي فعلا منفلتا لا يمكن اعتباره نيلا من شخصية اليوسفي الذي يتمتع بسمعة طيبة في وسط المجاهدين الجزائريين، فيما كشف مصدر جزائري مطلع لـ «أنباء تونس» أن التعامل مع اليوسفي بهذا النوع من التفتيش يندرج في كونه صحافيا وليس سياسيا.
ممنوعون من دخول الجزائر بسبب تضامنهم مع المغرب
قامت السلطات الجزائرية بإعداد قائمة لمجموعة من الصحافيين العرب والأجانب بينهم مصريون وجزائريون «مغضوب عليهم» لمنعهم من دخول أراضيها، تحت أي ظرف، ولو كانوا يرافقون وزراء أو مسؤولين كبارا. وتشمل القائمة عددا من الصحافيين الذين يعملون في قناة «الجزيرة» القطرية وعلى رأسهم الإعلامي السوري فيصل القاسم، إضافة إلى الإعلامي المصري عمرو أديب، وإبراهيم حجازي، وخالد الغندور، ومصطفى عبدو، وحسن راتب، وأحمد بهجت، ومدحت شلبي، ومحمد عبد المتعال، ووليد دعيس.
وكان السبب الرئيسي وراء وضع اسم فيصل القاسم في قائمة الممنوعين من دخول الجزائر، رده على حفيظ دراجي المعلق الرياضي الجزائري في قنوات «بين سبورتس»، من خلال نشر تدوينة حول الجزائر وسياستها الخارجية.
وقال القاسم في تغريدة عبر حسابه على «تويتر»، «نظام يتآمر مع إثيوبيا ضد مصر، نظام يتحالف مع إيران ضد العرب، نظام يعادي جاره العربي المغرب، ثم يريد لم شمل العرب في قمة عربية. الجزائر ينطبق عليها المثل القائل: «تركت زوجها مبطوح وراحت تداوي ممدوح».
ودخل حفيظ دراجي على الخط بمنشور له على صفحته الرسمية عبر «فيسبوك»، قال فيها «نحن لا نفتخر بتدمير بلدنا لأجل إسقاط رئيسنا»، فجاء رد آخر من صحافيين سوريين غالبيتهم يعملون في قناة الجزيرة.
ولم يسلم الصحافيون الرياضيون المصريون من المنع بعد أن أدرجت أسماؤهم ضمن القائمة السوداء، بعد ما وصفه النظام الجزائري بـ«الهجمة الإعلامية الشرسة للإعلام المصري ضد الجزائر بعد مباراة أم درمان الشهيرة بالسودان»، وأنه تم إسقاط البعض وإبقاء البعض، حسب درجة تعاملهم مع الجزائر.
ومن بين الصحافيين العرب الذين يشملهم الحظر، أيضا، الصحافي السعودي صالح الفهيد، الذي سخر من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، واصفا إياه بـ «المومياء»، وذلك على إثر تقديمه اعتذارا لمتابعيه حول خبر وفاة بوتفليقة الذي اتضح عدم صحته في ما بعد.
فنان فرنسي ممنوع من العودة إلى مسقط رأسه بقسنطينة
صدر قرار بمنع المغني الفرنسي إنريكو ماسياس، من دخول الجزائر حتى برفقة وفد من الفنانين الفرنسيين، كما أجهضت زيارته إلى الجزائر منذ سنوات، بعد أن أدلى بتصريحات وصفها النظام الجزائري بـ «الحمقاء تجاوز فيها دوره كفنان، في محاولة للعب دور يتجاوز حجمه وتكوينه ومستواه الفكري».
وطالب المغني الفرنسي الشهير إنريكو ماسياس بالسماح له بزيارة مسقط رأسه مدينة قسنطينة الجزائرية والوقوف على تراب هذه المدينة لإحياء حفل هناك، إلا أن السلطات الجزائرية رفضت مبررة ذلك بديانته اليهودية، دون الحديث عن السبب الحقيقي الذي لا يغدو أن يكون عبارة عن تسجيل صوتي لانتقادات وجهها الفنان الفرنسي للجزائر وحكامها في تدبيرهم للاختلاف.
وجاءت مطالبة إنريكو ماسياس في كندا أثناء حفل تكريم له حضره سفيرا فرنسا وإسرائيل. وعبر المغني الفرنسي الجزائري الأصل عن حزنه الشديد بسبب منعه من دخول الأراضي الجزائرية لأسباب وصفها بالتافهة، مشيرا إلى أنه حظي بتكريم في أكثر من بلد، إلا أنه لم يحظ بالتكريم الأهم بالنسبة له، والذي يأمل أن يحققه قبل أن يفارق الحياة وذلك بدخوله الجزائر، كي يحيي حفلا كبيراً يجمع فيه شمل يهود المدينة والمعجبين به.
وكان اسم إنريكو ماسياس قد تسبب في مقاطعة أعمال مطربين جزائريين ذنبهم الوحيد تقاسمهم الغناء مع ماسياس، كما دعت الصحف الجزائرية لمقاطعة أغاني المطربة اللبنانية الشهيرة صباح قبل عشرات السنين، فقط لأنها غنت في برنامج فرنسي جمعها بإنريكو، في حين أكدت «الشحرورة» آنذاك أنها غنت إلى جانب فنان فرنسي من أصل عربي بغض النظر عن ديانته. يذكر أن المغني الفرنسي المثير للجدل في الجزائر، كان قد أحيى حفلاً في مصر في عام 2004، أعرب خلاله عن أمله بأن ينعم الجميع بالسلام، وأن يتمكن من الغناء للفلسطينيين في غزة.
واعترف وزير الإعلام الجزائري الأسبق محيي الدين عميمور بأن المنع يدخل في سياق منع التطبيع، وحين سئل عن الصحافيين الجزائريين الذين زاروا إسرائيل قال: «إن الصحافيين الجزائريين الذين قاموا بزيارات لإسرائيل يعيشون عزلة منقطعة النظير جراء ما قاموا به دون احترام مشاعر المواطنين، ناهيك عن حادث هبوط الطائرة الفرنسية وعلى متنها أمين سر الرئيس الجزائري، عن طريق الخطأ في إسرائيل، أيام حكم الراحل هواري بومدين، وتم إثرها إنهاء مهام أمين عام الرئاسة آنذاك على خلفية الخطأ المرتكب». وعندما سئل عن اللقاء الذي جمع بوتفليقة برئيس الحكومة الإسرائيلية في جنازة الحسن الثاني، أجاب: «هذا فخ وضع للرئيس بوتفليقة في جنازة الحسن الثاني»، دون أن يقدم تفاصيل عن واضعي الفخ ومصمميه.
حاجز أمني في وجه الشاب خالد ورضا الطلياني
تجاوز المنع الصادر في حق المطرب الشاب خالد، حدود مطارات الجزائر، إلى إصدار قرار بمنع تداول أغانيه في هجوم غير مسبوق على فنان عالمي. وكشف موقع الجزائر 24 عن صدور تعليمات شفوية تقضي بمنع بث أغاني ملك الراي الشاب خالد عبر أثير القناة الإذاعية الأولى، فيما لم يعرف بعد إن كانت التعليمات ستسري على باقي الإذاعات الأخرى والتلفزيون العمومي.
ورجحت المصادر المحسوبة على النظام الجزائري أن يكون السبب هو انتشار صور له خلال زيارته إلى المغرب ولقائه بمسؤولين سياسيين، منهم وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي في إطار فعاليات موسم أصيلة الثقافي.
ورغم أن الزيارة لم تكن رسمية إلا أن بعض وسائل الإعلام المغربية نقلت على لسان خالد تصريحات حول العلاقات المغربية الجزائرية، التي تشهد توترا كبيرا على مدار السنوات الأخيرة، إلا أن تعليق خالد لم يخرج عن إطار الدعوة إلى «تغليب روح الأخوة بين البلدين تحت شعار «خاوة خاوة»».
وتعد هذه أول زيارة للشاب خالد إلى مدينة أصيلة رغم امتلاكه لمنزل في مدينة مراكش المغربية، إذ قال ملك الراي، الذي سبق للعاهل المغربي الملك محمد السادس أن منحه الجنسية المغربية، إنه أعجب بمدينة أصيلة بعد أن زار بعض معالمها السياحية والثقافية، وقال إنه سيعود إليها لاحقا. وتوجه الشاب خالد بعد ذلك إلى طنجة لقضاء عطلة عائلية خاصة.
وكان الشاب خالد قد أحيى حفلا كبيرا بالسعودية ضمن فعاليات موسم الرياض، ويعد هذا الحفل هو الأول له بالمملكة العربية السعودية، وشهد إقبالا جماهيريا كبيرا، وانسحابا للسفير الجزائري.
ويبدو أن مواقف الشاب خالد وحصوله على الجنسية المغربية وحمله للعلم المغربي، بل وانتقاله للعيش في المغرب، خلق له متاعب مع النظام الحاكم في الجزائر، إذ تعرض لهجوم لفظي حين توجه برفقة زوجته إلى السفارة الجزائرية في فرنسا ومنع دخول مقر السفارة باعتباره ليس جزائريا بعدما حصل على الجنسية المغربية.
ونال المطرب الجزائري رضى الطلياني حصته من المنع بسبب إصراره على تنشيط مهرجانات فنية في المغرب، كما أصدرت تونس قرارا في حق رضى يقضي بمنعه من دخول التراب التونسي بسبب مبرر مضحك «إدمان المطرب على المخدرات».
وتعرض لطفي بلعمري مغني الراب الجزائري لموقف مماثل، حين منع من دخول الجزائر منذ عام 2014، حيث يعيش كلاجئ سياسي في مدينة غرونوبل الفرنسية.
مفدي زكرياء.. أول صحافي جزائري هارب من غضب بومدين
غضب هواري بومدين كثيرا من الصحافي الملقب بشاعر الثورة الجزائرية مفدي زكرياء، على خلفية قصيدة مدح للملك الحسن الثاني، وأخرى في حق الحبيب بورقيبة، في عز التوتر الدبلوماسي بين الجزائر والمغرب عام 1975. واتهمت بعض الصحف الجزائرية الشاعر الجزائري بالحصول على امتيازات، مثلما كان يفعل شعراء البلاط.
في بداية 1956 طلب من مفدي زكرياء كتابة نشيد وطني تجسد مضامينه الثورة الجزائرية، وخلال يومين فقط جهز شاعر الثورة نشيد «قسما بالنازلات الماحقات»، وتبرع الموسيقار المصري الراحل محمد فوزي بتلحين النشيد، لكن مفدي ظل مهمشا. ومع تأسيس الإذاعة الجزائرية تم توظيفه كمقدم برنامج صباحي، بعد الاستقلال، خاصة بعد أن رفض كتابة قصيدة حول الثورة الزراعية، كما اصطف إلى جانب المغرب في قضية الصحراء المغربية.
دفع «الغبن» بشاعر الثورة إلى التمرد على وضعه والانتقال إلى تونس، بوصفه شاعر المغرب العربي، وحل ضيفا على الملك الحسن الثاني، وقد شكل هذا الاهتمام بمفدي قلقا للرئيس الجزائري الأسبق بومدين، دفع به سنة 1966 إلى اتخاذ قرار بتغيير النشيد الوطني الجزائري، فكلف مستشاره المرحوم مولود قاسم نايت بلقاسم بإجراء مسابقة للشعراء الجزائريين، لوضع نشيد وطني آخر للبلاد، بدلا من نشيد «ذلك الخائن الذي بات يمدح أعداء البلاد في تونس والمغرب»، على حد قول بومدين. ولكن مولود قاسم الذي كانت تجمعه علاقة صداقة بمفدي زكرياء، تمكن من إقناع هذا الأخير بدخول المسابقة، وهو ما حدث بالفعل، ليكتشف مستشار الرئيس بومدين في النهاية أن النشيد الفائز ليس إلا لشاعر الثورة مفدي زكرياء، وهو ما دفع بالرئيس بومدين إلى قول جملته المشهورة: «اتركوه.. اتركوا النشيد الأول».
استقر زكرياء لفترة في المغرب قبل أن يعود إلى تونس، حيث توفي بسكتة قلبية، ونقل إلى الجزائر ليوارى الثرى في مسقط رأسه بغرداية.
ناشرون مغاربة منعوا من حضور معرض الكتاب بالجزائر
بررت وزارة الثقافة الجزائرية موقف المصادرة، وقالت إن آلة الرقابة هي التي منعت مجموعة من الكتب المغربية من العرض في الصالون الدولي للكتاب بالعاصمة الجزائر، مضيفة بأنه إجراء عادي يلجأ إليه المغرب أيضا.
وأضاف البلاغ أن المنع يتعلق بكتب: «الشعر العربي في الصحراء المغربية»، للمؤلف علي ماء العينين النعمة، و«ثقافة الصحراء» لإبراهيم الحيسن، إلى جانب كتاب «قراءة جديدة لتاريخ المغرب العربي» لمؤلفه عبد الكريم غلاب.
وقدم المسؤولون الجزائريون مبررات واهية حول منع قائمة عناوين مغربية في المعرض الدولي، وهي العناوين التي أثارت استياء كبيرا لدى الأوساط الثقافية التي حضرت الدورة، خاصة وأن الكتب الممنوعة تتحدث عن الصحراء المغربية وهو الموضوع الذي يغضب سلطات الجزائر حتى ولو تعلق الأمر بعادات الصحراويين.
وقالت آلة الرقابة الجزائرية إنها لم تقتصر على منع الكتب المغربية، بل تضمنت أيضا، عناوين محظورة تتعلق بالإرهاب والتطرف، والجنس، والتصوف، والشعوذة، حسب مسؤولين جزائريين، الذين أكدوا أنها عناوين تمس بالهوية الجزائرية، حسب زعمهم.
اللجنة الوزارية المشتركة التي تشرف كل سنة على مراقبة قوائم الكتب التي تعرض بالمعرض الدولي، منعت عددا من العناوين الأخرى الصادرة بالجزائر، خصوصا المنتقدة للنظام الجزائري، وتلك التي تكشف عن حقائق حول الاقتصاد والسياسة الجزائريين، كما منعت الكتب والسير الذاتية الخاصة بمعارضي النظام.
ومنعت الجزائر نحو سبعة عناوين من دخول المعرض وتتعلق بالرئيس الليبي السابق معمر القذافي، وكتابين عن نظام الأسد في سوريا، ويتعلق الأمر بـ «ليبيا والدكتاتور معمر القذافي» لياسر حماية، «مجنون ليبيا من العجز الجنسي إلى الفشل السياسي» لمحمد الباز، الصادرين عن «دار الكنوز المصرية»، وكتاب «السنوسي صندوق القذافي الأسود»، و«رجل من جهنم الرجل الذي وصف نهايته في روايته معمر القذافي» لمجدي كامل، «جماهيرية الدم والنار معمر القذافي» لخليل عبد السلام، «مزرعة آل القذافي في جماهيرية الفساد العظمى»، «نساء في حياة آل القذافي» الصادر عن «دار الكتاب العربي المصرية للنشر والتوزيع»، وكتاب «سقوط الطاغية وقيام أمة» الصادر عن اتحاد الناشرين الليبيين. كما تم منع الإصدارين اللذين يتحدثان عن نظام الأسد بعنوان «آل الأسد سقوط آخر الطغاة» لأحمد زكي، والثاني «سورية.. درب الآلام نحو الحرية» لعزمي بشارة، عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بقطر.
حسن البصري