شوف تشوف

الرأي

كابوس ندرة المياه

جمال أكاديري

 

من المحتمل أن تكون  2021 سنة أزمة المناخ بامتياز، بسبب انتشار الأحداث المناخية الكارثية بجميع أنحاء العالم، وعلى رأسها تفاقم الاحتباس الحراري، الذي سيخلف أزمة أخرى أكثر قساوة، ألا وهي أزمة الجفاف وندرة المياه، فعامل الاحتباس الحراري، وسوء إدارة الموارد المائية، سيؤديان بالقارة الإفريقية على سبيل المثال، إلى تفاقم حالات الجفاف بمعظم أنحائها. وضع سيعرض ملايين الأشخاص للخطر.

سلسلة الأزمات هي مؤشر فعلي على تذمر الطبيعة من العبث بقوانينها، وفي الوقت نفسه إنذار للبشرية. فلما حذر الخبراء من نقطة اللاعودة، ومن أن أزمة المناخ الحالية وعواقبها، هي واحدة من أكثر الأزمات التي عرفتها البشرية خطورة، فلأن في هذا العام، ربما، ستضطر البشرية إلى رفع نسبة اليقظة، وإلى إجراء تغيير فوري، في أنشطتها الصناعية المتسارعة المدمرة، وعاداتها الاستهلاكية المضرة بالبيئة .

لقد كانت هناك موجات حر مرتفعة جدا في الأماكن الباردة، وانفجرت فيضانات، فجأة، بمناطق مستقرة مناخيا، وجرفت كل شيء معها، واندلعت حرائق التهمت غابات بأكملها، ودمرت حقولا وقرى…

وأخيرا حذر تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية «WMO»، من أن أزمة مياه خطيرة تلوح في الأفق. ففي سنة 2018 كان ثلاثة ملايير شخص لا يحصلون على مياه الشرب الكافية، لمدة شهر على الأقل، وبحلول عام 2050 سيرتفع عددهم إلى خمسة ملايير، إن لم يتغير الوضع .

ويقدم هذا التقرير، الذي يحتوي على مساهمات حوالي عشرين منظمة دولية ومنظمة تنموية ومعهد علمي، أرقاما مقلقة للغاية، حول نقص في المياه الذي يهدد شعوبا بأكملها. ففي العشرين سنة الماضية، انخفض تخزين المياه في الأرض بمقدار سنتيمتر سنويا.

ولا يزال نقص المياه مصدر قلق كبير للعديد من الدول. فأكثر من ملياري شخص يعيشون ببلدان معرضة للاستنزاف المائي، ويعانون من نقص الوصول إلى مياه الشرب والصرف الصحي، وبشكل خاص في شرق إفريقيا.

وقد أصبح نقص المياه شائعا، بعد أن كان أمرا لا يمكن توقع حدوثه بهذا الإيقاع الموسمي، لدرجة أن ما يقرب من ربع سكان العالم، الذين يعيشون في سبع عشرة دولة، هم اليوم في حالة نقص خطير في المياه، ويقتربون مما صار يطلق عليه «يوم صفر قطرة من المياه»، الذي لن تتدفق عند حلوله المزيد من المياه من الصنابير. وهذا ما يعلنه تقرير آخر صادر عن معهد الموارد العالميةWRI» ». فالزراعات المتطورة والصناعات على اختلافها تمتص 80 في المائة من المياه السطحية والجوفية المتاحة، في متوسط ​​كل سنة. والدول المعنية بسوء التدبير المائي، تقع جغرافيا وبشكل رئيسي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

فكأن ندرة المياه، هي أكبر أزمة لا يتحدث عنها أحد بالجدية والمسؤولية المطلوبة، مع أن عواقبها ستأخذ منحى مأساويا، في حال تفاقمها بشكل غير محتمل… انطلاقا من انعدام الأمن الغذائي، مرورا بالصراعات والحروب حول مصادر المياه، وصولا إلى عدم الاستقرار المادي والفقر المدقع، الذي سيزيد من هجرات سكان الجنوب المعطوب إلى الشمال المتقدم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى