محمد اليوبي
أصدرت محكمة الاستئناف بالرباط أحكامها في ملف ما أصبح يعرف بفضيحة «باب دارنا 2» التي تفجرت بمنتجع الهرهورة بضواحي مدينة تمارة.
ورفعت المحكمة العقوبة الحبسية المحكوم بها ابتدائيا في حق رئيس جمعية سكنية من أربع إلى خمس سنوات حبسا نافذا، وأبقت على العقوبة الحبسية نفسها في حق أمينة مال الجمعية، بسنتين حبسا نافذا، وغرامة مالية قدرها 500 درهم لكل واحد منهما، مع أداء تعويضات مالية بالملايين لضحايا المشروع السكني الوهمي.
وتابعت المحكمة رئيس الجمعية في حالة اعتقال، وأمينة المال التي اعتقلت من داخل قاعة الجلسات أثناء محاكمتهما ابتدائيا، من أجل تهم النصب وخيانة الأمانة واستعمال مال الغير، بعدما تعرض 130 منخرطا في الجمعية لأكبر عملية نصب واحتيال في مشروع سكني وهمي. ويوجد ضمن الضحايا أفراد من الجالية المقيمة بالخارج، الذين تقدموا بشكاية إلى النيابة العامة بعدما وجدوا أنفسهم، بعد سنوات من الانتظار والتسويف، أمام مشروع عقاري وهمي، حيث لم يتم حتى اقتناء وعائه العقاري، ليكتشفوا في الأخير أنهم ذهبوا ضحية عملية نصب واحتيال من طرف مسؤولي الجمعية السكنية.
وترجع حيثيات هذه الفضيحة إلى بداية سنة 2013 حين أطلق المسمى (ه.م) بمعية مجموعة من شركائه مشروع «بسمة» بتمارة قبل أن يتحول إلى مشروع «دار الأعراس» بشطريه الأول والثاني بالهرهورة، حيث تم نصب لوحات إشهارية لمشروع سكني وهمي، قبل إزالة هذه اللوحات من شوارع الهرهورة من طرف السلطات. وأكد الضحايا أن رئيس الجمعية يواجه تهما بالاستيلاء على أموال المنخرطين التي تجاوزت مبلغ أربعة ملايير سنتيم، واستعمل كافة أساليب المماطلة والوعود التسويفية واختلاق الأعذار لتبرير عدم حرص الجمعية على إنجاز المشاريع السكنية التي يروج لها، علما أن الجمعية لم تعمل حتى على اقتناء الوعاء العقاري.
ولم يستبعد الضحايا وجود تواطؤ بين رئيس الجمعية وبعض المسؤولين، خاصة بعد التستر على وضع لوحة إشهارية ضخمة في الشارع الرئيسي، مما أعطى الانطباع للمنخرطين وقتها بأن المشروع جدي، وجعلهم يسارعون إلى دفع أشطر جديدة لدعمه وتسريع إنجازه ما أمكن، كما ساهم تعليق تلك اللوحة الإشهارية في تغليط منخرطين جدد في جدية المشروع، وسهل اقتناصهم لدفع مبالغ مالية لفائدة الجمعية، وهو ما تم بالفعل، حيث لجأ (ه.م.) و(إ.غ.) إلى توسيع المشروع بخلق مشروع «دار الأعراس» الشطر الثاني لاقتناص المزيد من الضحايا، الذين يبلغ عددهم حوالي 130 ضحية، علما أن الأرض التي كان مفروضا إنجازه عليها لم تكن حتى موضوع وعد بالبيع، كما تمت الاستعانة بملصقات دعائية وأشخاص من خارج الجمعية للترويج علنا ووسط الشارع العام لمشروعين لا يتوفران حتى على وعود بالبيع.
وبعد لجوء أعداد من المنخرطين إلى القضاء مطالبين بالكشف عن مصير أموالهم، قام قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتمارة بمتابعة رئيس الجمعية المدعو (ه.م) في حالة اعتقال احتياطي وأمينة المال المدعوة (إ.غ) في حالة سراح بتهم النصب والاحتيال وخيانة الأمانة. وأدت التحريات التي قام بها مجموعة من المنخرطين إلى اكتشاف امتلاك رئيس الجمعية رفقة أمينة المال لمجموعة من الشركات التي تتنوع أهدافها ما بين التسويق، خدمات البناء والتجهيز، والاستشارات، والدراسات، وتدبير النفايات، وتدبير «السانديك» السكني، وتصفية العقارات، وإنتاج العلامات التجارية، حيث استعملت بعض الشركات في القيام بتحويلات مالية من حساب الجمعية، حيث اكتشف الضحايا إبرام عقد بين الجمعية وشركتين في ملكية الرئيس وأمينة المال، بحيث تكلفت الشركة الأولى باقتناء علامة تجارية، وتدبير النفايات للمشروع السكني الذي لم ير النور بعد، في حين تتكفل الشركة الثانية بتسويق مشروع الجمعية السكني. وفي المقابل تدفع الجمعية لكل شركة من الشركتين 5% من كل دفعة مالية من دفعات المنخرطين. وكشفت تحريات المنخرطين أن هاتين الشركتين كانتا تستفيدان بدون وجه حق من أموال الجمعية سواء عبر أداء رواتب مستخدميها أو عبر تحويلات بنكية غير مبررة حتى في إطار العقدين المذكورين.
من جهة أخرى، كشفت التحريات التي قام بها منخرطو الجمعية قيام مكتب الجمعية باقتناء قطعة أرضية فلاحية بمنطقة «عين عتيق»، ويظهر في شهادة ملكيتها المستخرجة من المحافظة العقارية حجز تحفظي عليها من طرف شركة يملكها رئيس الجمعية، بمبلغ يفوق القيمة العقارية للأرض المذكورة.