شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسية

100 يوم من المعارضة

من حق الرأي العام أن يطالب بتقييم 100 يوم من أداء الحكومة والوقوف على إنجازاتها وإخفاقاتها، كما جرت به الأعراف الديمقراطية. لكن المنطق ذاته يستلزم على المعارضة أن تقدم كشف حساباتها، بشأن مدى استثمارها للإمكانيات الدستورية والسياسية الموضوعة رهن إشارتها للفترة نفسها. فمن المفروض أن المعارضة البرلمانية تحمل تصورها الخاص في كيفية إحراج الحكومة في الملفات التي تهم العيش اليومي للمواطن، واقتراح البدائل التشريعية والاستعداد الدائم للوصول إلى السلطة في حال توفرت الشروط لذلك.

مقالات ذات صلة

لكن يبدو أن كل ما استطاعت المعارضة القيام به خلال 100 يوم الأولى، هو اقتصارها على توجيه الأسئلة لأعضاء الحكومة والتي لا تتجاوز الاستفسارات أو طلب التوضيحات في ملفّات حكومية محدّدة أو – في أقصى الحالات- توجيه بعض المزايدات اللغوية في الجلسات العامة، أو تحريك مقترحات قوانين بائتة سبق اقتراحها في الولايات السابقة للرفع الوهمي من سلة الاقتراحات التشريعية. مع أن هناك مجالات كبيرة وهوامش واسعة كان بإمكان المعارضة إحراج الحكومة فيها، لكنها اختارت نهج معارضة لغة «الهش والبش» والتنميق اللغوي.

وللأسف فنحن اليوم أمام تحالف حكومي مهما قيل عنه، فهو قوي ومتجانس يفرض أجندته السياسية على مسار العمل البرلماني دون مقاومة تذكر. في المقابل هناك معارضة تائهة ويأكل بعضها البعض ولا تقوى على المواجهة وليست لها أي قدرة على الإبداع والاستثمار في هفوات الحكومة، ولا تستطيع حتى القيام بنشاط توافقي. والنتيجة الحتمية لكل ذلك، أنه لا توجد معارضة حقيقية، والبرلمان الحالي لم يحقق الطموحات المطلوبة منه، لأن نوابه لا يستغلون الصلاحيات الرقابية التي يمتلكونها، أو لنقل إنهم يستغلونها في ما لا يخدم مصالح المواطن.

إن ضعف المعارضة البرلمانية ليس شأنا خاصا بها، بل يترتب عليه المس بالسير المتوازن للنظام السياسي، الذي لا يمكن أن يحلق بجناح الأغلبية دون جناح المعارضة، وما لم تعد الأحزاب التي اختارت المعارضة طواعية أو فرضها عليها القدر السياسي، إلى إنتاج معارضة بنّاءة لها وزنها السياسي وثقلها الجماهيري وأولوياتها المسطرة وتعرف كيف تصنع الأحداث السياسية، فإننا سنعيش ولاية بدون طعم وبدون معنى.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى