الآليات الزجرية لمحاربة «كوفيد- 19»
نهاد افقير طالبة باحثة بسلك الدكتوراه
في سياق تعزيز التدابير الاحترازية للحد من انتشار فيروس «كورونا المستجد»، وأخذا بعين الاعتبار الوضعية الوبائية بالمملكة، تعلن السلطات العمومية أنه تقرر تمديد «حالة الطوارئ الصحية» لمدة إضافية، تمتد إلى غاية 20 ماي 2020.
ووفق بلاغ مشترك لوزارة الداخلية ووزارة الصحة، ستظل جميع الإجراءات الوقائية والزجرية المعمول بها في إطار المرحلة الأولى «لحالة الطوارئ الصحية» سارية المفعول، طيلة هذه المدة الإضافية، مع تكييفها كلما اقتضى الأمر ذلك، حماية للصحة العامة للمواطنات والمواطنين، تفعيلا للفصل 21 من الدستور المغربي.
وتعزيزا للجهود الوطنية المبذولة، على كل مواطنة ومواطن ضرورة التقيد التام بمتطلبات هذه المرحلة الدقيقة، والانخراط الفعال في تنزيل كل التدابير الوقائية المتخذة، وكذا التعاون مع رجال وأعوان السلطات المحلية والمصالح الأمنية، الذين يحرصون على القيام بواجبهم الوطني بكل حزم ومسؤولية، وتفعيل الإجراءات القانونية في حق أي شخص يعمد إلى الإخلال بالضوابط المعمول بها.
فالهدف من المرسوم رقم2.20.292 الصادر في 23 مارس 2020، المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، هو وضع الإطار القانوني الملائم لاتخاذ التدابير الناجمة عن حالة الطوارئ الصحية بمجموع التراب الوطني عند الاقتضاء، كلما كانت حياة الأشخاص وسلامتهم مهددة من جراء انتشار أمراض معدية أو وبائية، واقتضت الضرورة اتخاذ تدابير استعجالية لحمايتهم من هذا الفيروس. كما يقر المرسوم باتخاذ جميع التدابير اللازمة خلال الفترة المحددة لذلك، بموجب مراسيم ومقررات تنظيمية وإدارية، أو بواسطة مناشير وبلاغات، من أجل التدخل الفوري والعاجل للحيلولة دون تفاقم الحالة الوبائية، وتعبئة جميع الوسائل المتاحة لحماية حياة الأشخاص وضمان سلامتهم.
فاستعمال التدابير الزجرية المنصوص عليها في المرسوم، يعتبر ضروريا لردع المخالفين الذين يستهينون بحياة المواطنين وبسلامتهم ويعرضونها للخطر، حيث إنه بموجب هذا المرسوم يعاقب كل شخص يخالف الأوامر والقرارات الصادرة عن السلطات العمومية بهذا الشأن من خلال المادة الرابعة، بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر، وبغرامة تتراوح بين 300 و1300 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، وذلك دون الإخلال بالعقوبة الجنائية الأشد، ويعاقب بالعقوبة نفسها كل من عرقل تنفيذ قرارات السلطات العمومية المتخذة تطبيقا لهذا المرسوم.
بالإضافة إلى تجريم تحريض الغير على مخالفة قرارات السلطات العمومية المتخذة بشأن حالة الطوارئ الصحية، سواء كان التحريض بواسطة الخطب أو الصياح أو التهديدات المفوه بها في الأماكن أو الاجتماعات العمومية، أو بواسطة المكتوبات أو المطبوعات أو الصور أو الأشرطة المبيعة أو الموزعة أو المعروضة للبيع أو المعروضة في الأماكن أو الاجتماعات العمومية، أو بواسطة الملصقات المعروضة على أنظار العموم بواسطة مختلف وسائل الإعلام السمعية البصرية أو الإلكترونية، وأي وسيلة أخرى تستعمل لهذا الغرضِ دعامة إلكترونية.
وتدخل في هذا الإطار القوانين المنصوص عليها في القانون الجنائي، خصوصا في حالة إهانة الموظف العمومي والاعتداء عليه، ذلك أن القانون الجنائي كان واضحا بهذا الخصوص من خلال الفصل 263، حيث: «يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة من مائتين وخمسين إلى خمسة آلاف درهم، من أهان أحدا من رجال القضاء أو من الموظفين العموميين أو من رؤساء أو رجال القوة العامة أثناء قيامهم بوظائفهم أو بسبب قيامهم بها، بأقوال أو إشارات أو تهديدات أو إرسال أشياء أو وضعها، أو بكتابة أو رسوم غير علنية، وذلك بقصد المساس بشرفهم أو بشعورهم أو الاحترام الواجب لسلطتهم».
فالملاحظ أن المشرع ارتقى من خلال المادة سالفة الذكر بالعقوبة من مخالفة إلى جنحة، بغية ردع المخالفين، وضمان تقيدهم بالأوامر والتعليمات الصادرة عن السلطات العمومية إبان فترة الطوارئ الصحية، وذلك دون الإخلال بالعقوبة الجنائية الأشد، وبذلك فالمادة الرابعة من المرسوم بقانون تحيل صراحة على مقتضيات القانون الجنائي، في مواده من 300 إلى 308 والمتعلقة بجريمة العصيان.
وبعد استقرائنا للفصل 432 من القانون الذي ينص على أن: «من ارتكب بعدم تبصره أو عدم احتياطه أو عدم انتباهه أو إهماله أو عدم مراعاته النظم أو القوانين قتلا غير عمدي أو تسبب فيه عن غير قصد يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين وخمسين إلى ألف درهم»، مما يحيلنا إلى طرح سؤال غاية في الأهمية، حول مدى فعالية هذا الفصل الجنائي مع المقتضيات الزجرية للمرسوم المتعلق بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها؟ بمعنى هل كل من خالف ما جاء في المرسوم، والذي قد يهدد حياة الأشخاص تطبق عليه عقوبة جريمة القتل الخطأ؟