يوسف وسجود الكواكب الأحد عشر؟
هناك من يحاول ربط سجود الكواكب ليوسف مع كواكب النظام الشمسي، وهو تورط غير جيد وإقحام آيات الله اللانهائي في العلم البشري القاصر المحدود، وهي الصدمة التي أعلنتها هيئة دراسة الكواكب بالإعلان عن وفاة كوكب بلوتو، فلم يأخذ اسم الكوكب التاسع؟ وهناك من هو أكبر حجما وأجمل دورانا واستدارة عند حائط النظام الشمسي؟
إن الديمقراطية انتقلت من الأرض إلى السماء على نحو مقلوب، فليس هناك من مزايا لكوكب إلا في ما يقدم، وبذلك لم يتم تحقيق الديمقراطية إلا في دوران الكوكب ورقدة القبر، ففي القبر ليس من أمير وصعلوك، بل الجثث وهي رميم، وتلك الوجوه عليها الدود يقتتل؟
ولا فرق بين الأموات، في ديمقراطية صارمة، ومساواة عادلة، وسبحان من قهر عباده بالموت، ورفع السموات بغير عمد ترونها؟
كلما قرأت سورة يوسف أتعجب من أمور لا تنتهي، وهي سمة القرآن، فمع كل قراءة تتجدد المعاني، والبارحة وصلت إلى سورة يوسف فوقفت مرة أخرى كيف سجدت العائلة ليوسف، وأن سجود أحد عشر كوكبا جاء تفسيره في النهاية بسجود الإخوة، وهو أمر لم يحدث إلا حين طلب الله من الملائكة السجود لآدم فأبى إبليس.
كذلك وقفت عند موقف يعقوب وهم يخبرونه بكل بساطة أن ابنه الذي يحبه أصبح في بطن الذئب؟
قلت لمن حولي: ماذا كان أحدنا سيتصرف لو جاءه خبر من هذا النوع؟ طرد الإخوة بالجملة، وحفلة تحقيق جهنمية، وضرب بالعصا والخيزران، وصراخ تنشق منه السموات، ولطم ولبط وخبط؟
قال يعقوب: «صبر جميل والله المستعان على ما تصفون»!
إنه موقف يخجل ويرتعش منه الإنسان على هذا الخلق السامي..
ومما استوقفني عدد الكواكب أنها أحد عشر، « إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين».
لقد ذهب أصحاب التفسير العلمي حين وصلوا إلى بلوتو، أنه الكوكب التاسع من المجموعة، وبقي أن يكتشفوا الرقم عشرة و11 فتصح الآية ويظهر الإعجاز و(يزبط) المعنى.. وهو تمحل ومماحكة وقلة عقل في فهم مرامي الكتاب والسبع المثاني من القرآن العظيم.
والجواب الذي جاء من المؤتمر العلمي الأخير لعلماء الفلك، أعطى التفسير العكسي؛ فبعد أن كانت هناك توقعات بتوسيع النظام الشمسي ليضم 12 كوكبا، حدث العكس وانخفض عدد كواكب المجموعة الشمسية إلى (8) ثمانية، بعد أن قرر اتحاد الفلكيين الدولي في اجتماعه الأخير تجريد الجرم السماوي بلوتو من لقبه ككوكب.
وبهذا يتغير عدد الكواكب من 9 إلى 8، وهي: عطارد والزهرة والأرض والمريخ والمشتري وزحل وأورانوس ونبتون.
جاء هذا بعد أن وضع اتحاد الفلكيين الدولي بالعاصمة التشيكية (براغ) في 24 غشت 2008، تعريفا علميا محددا للجرم السماوي المسمى «كوكبا»، مما أدى إلى تجريد بلوتو من تصنيفه كـ (كوكب) لأنه لا يطابق المواصفات.
وأدى هذا التعريف الجديد للكواكب، إلى طرد بلوتو من قائمة كواكب النظام الشمسي، بعد أن ساد له الاعتراف لمدة ثلاثة أرباع القرن!
ولكن هذه هي الحياة، وهذه هي روح العلم، حذف وإضافة لا يعرفان الهدوء.
وكان الجرم السماوي بلوتو قد تم اكتشافه عام 1930، وقد تقرر أن يصنف من الآن فصاعدا إلى «كوكب قزم» مما يجرده من تعريفه ككوكب.
ورغم أن القرار مؤلم إلا أنه كان من الضروري اتخاذه، حسب تصريحات (هاينو فالكه) عالم الفلك من جامعة نييمجن. قال الرجل:
«كلنا نعرف بلوتو ونحبه جدا. بالطبع إنه شيء مؤلم فقدان شخص عزيز فجأة، لكننا اكتشفنا أنه واحد من كواكب قزمة كثيرة. يجب علينا أن نتقبل أن العلم يتطور وأننا نكتشف يوما بعد يوم أن نظامنا الشمسي أكبر بكثير وأكثر إثارة مما تخيلناه وأن علينا تغيير التقييمات الحالية».
وكان سبب هذا التحول الدرامي وإعلان نعوة بلوتو من قائمة الكواكب الحية بعد اكتشاف جرم سماوي تبين أن قطره أكبر من قطر بلوتو، فكان من الضروري تحديد التعريف الجديد للكوكب هل هو الحجم أو الدوران المنفصل لوحده حول الشمس أو كلاهما؟ أو غير ذلك؟
كان ذلك بعد اكتشاف عدة أجسام في نظامنا الشمسي تشبه بلوتو.
ومثلا ففي عام 2007، تم اكتشاف جسم وراء بلوتو يفوقه حجما، وسمي هذا الجرم برقم «2003 313UB» أو بشكل غير رسمي «زينا».
وبسبب تفوق حجمه عن حجم بلوتو، وجد العلماء أنفسهم أمام السؤال عما إذا كان يجدر ضمه إلى الكواكب التقليدية، أم تجريد بلوتو من لقبه ككوكب؟
وفي هذا الإطار يقول العالم فالكه: «هناك احتمالات متعددة لتعريف الكواكب. ولم نكن قد قمنا بذلك حتى الآن لأنها كانت موجودة بكل بساطة. لكن توجب علينا لأول مرة التفكير في تعريف محدد للجرم السماوي المسمى كوكب».
وسوف يؤدي هذا القرار إلى تغيير الكتب المدرسية، حيث تم تحديد ثلاثة أصناف من الأجرام السماوية، كما يشرح عالم الفلك الأمريكي ريتشارد بينزل:
«تم تعريف مصطلح كوكب بدقة على أنه جسم له شكل مستدير بسبب الجاذبية الخاصة به، وله مدار ثابت حول الشمس لا يتقاطع مع مدار آخر».
أما الكوكب القزم فهو أيضا جرم سماوي له شكل مستدير بسبب الجاذبية الخاصة به، ولكن مداره يتقاطع مع مدارات أخرى، أما الأجرام الصغيرة التي تدور حول الشمس دون أن تكون لها جاذبية كبيرة بما يكفي لتكون مستديرة، فيطلق عليها «جسيمات النظام الشمسي.»
انتهت أسطورة بلوتو وتم حذفه من النظام الشمسي في الدرجة التاسعة، وأصبح النظام الشمسي يعتمد نظام الثمانية، وهناك كواكب ملحقة، وهذا سيبقى حتى يحصل اتفاق جديد..
وقد حاول علماء أمريكيون في المقام الأول الإبقاء على بلوتو ككوكب عن طريق اقتراح بجعل «كوكب» المصطلح العام لتلك الأجرام السماوية مع التفريق بين «الكواكب التقليدية» و«الكواكب القزمة».
هذا الاقتراح كان لينتج عنه وجود 11 أو 12 كوكبا في النظام الشمسي، ولكن أغلبية العلماء رفضوا هذا الاقتراح، ومنهم هاينو فالكه الذي قال:
«هناك عوامل أخرى تلعب دورا، لكننا يجب أن نتجاهلها وأن نتقيد بالتعريف العلمي الصارم. هناك بعثات في طريقها الآن إلى بلوتو. إنها ذاهبة إلى كوكب، ولكنها سوف تعود من كوكب قزم. إن هذا لأمر محزن بكل تأكيد».
ولكن كنوع من التعويض تم اعتبار بلوتو نموذجا لنوع من الجديد من الأجرام السماوية، وهي المتواجدة وراء كوكب نبتون. ولم يتفق العلماء حتى الآن على اسم لذلك النوع.
إن قصة يوسف تروي عن أحد عشر كوكبا والشمس والقمر. فهل سيتم ترسيم النظام الشمسي هكذا، أم أننا أمام قصة أشد إمعانا في المغامرة وإغراقا في الألغاز؟