يثير التقدم المستمر والسريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي جدالا حول المدى الذي يمكن أن يبلغه بعد سنوات، أو عقود. وتفتحُ الاختراقات التي تحققت في الفترة الأخيرة بابا واسعا للتوقعات، خاصة بعد أن بُدئ في ابتكار نموذجٍ للروبوت يستطيع التطور بطريقة ذاتية، أي دون تدخل بشري أو برمجة جديدة، إذ يتعلمُ من أخطائه ويصححها، ويتجاوز ما علمه المبرمجُ إياه.
ويتوقعُ من يعتقدون في عدم وجود سقف لتطور الذكاء الاصطناعي أن الآلة الذكية ستصبح أكثر ذكاء بلا حدود، وستكون قادرة على محاكاة أكثر أعمال البشر تعقيدا.
ويذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك، إذ يتوقعون أن تصبح قادرة على الإحساس والشعور بمقدار التقدم الذي يرونه قادما في الشبكات العصبية الاصطناعية (ANNS)، بحيث تستطيع تعليم نفسها وتطوير أدائها ذاتيا والتصرف كما لو أن لها روحا مثل الكائنات الحية.
ولا يعترف من يرون أنه لا سقف لتطور الذكاء الاصطناعي بأن الحديث عن الوصول إلى آلة تعمل كما لو أن لها روحا تتجاوز حدود العلم، ويتعارض مع طبيعة الروح التي لا تُعدُ ولا تتمركز في مكان أو مساحة، ولا يمكن بالتالي الكشف عنها وتحليلها علميا.
وحتى المؤمنون بينهم ممن يوافقون على معنى الروح هذا يعتقدون في أن تطوير خوارزميات الذكاء الاصطناعي سيزود الآلة الجامدة بما يبدو كأنها روح، بالتوازي مع قابليتها للتطور الذاتي، وليس للتطوير الذي يقوم به بشر فقط.
وهم يرون أن معظم ما يفهمونه عن الروح يجدونه بشكل أو بآخر في عمل الدماغ، من حيث هو مركز الأحاسيس والمشاعر والعواطف، وكل ما يحدد شخصية الكائن البشري، على أساس أن نشاط الخلايا العصبية فيه هو المسؤول عن الحالة الإدراكية والنفسية والعاطفية لكل شخص.
غير أنه رغم وجود أساس للاعتقاد في أنه لا سقف لتطور الذكاء الاصطناعي، يصعب قبول أنه سيبلغ مستوى يجعل للآلة روحا أو ما يشبهها، لسبب بسيط هو أن أحدا لا، ولن، يعرف ما هي الروح: (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا).
وحيد عبد المجيد