حسن البصري
خطف أحد جامعي الكرات الأنظار في مباراة «الديربي» البيضاوي بين الوداد والرجاء، حين كان يرمي بالكرات فوق رقعة الملعب، فيضطر الحكم إلى توقيف النزال.
في المباريات ذات التوتر العالي يخطف جامعو الكرات الأنظار، حين يساهمون في دعم فريقهم المحبوب بما تيسر من جهد من أجل تحقيق الانتصار.
هناك طرق عديدة تجعل جامع الكرات عنصرا مؤثرا، في مباراة يكون فيها فريقه طرفا في حاجة إلى الدعم والمساندة، أبرزها الانسحاب الكلي من جنبات الملعب في الدقائق الأخيرة، وجعل لاعبي الفريق المنافس يركضون خلف الكرات الطائشة.
أما الطريقة الثانية فتبدأ بعملية استفزاز من جامع الكرات تجاه لاعب الفريق الخصم، حين يتراخى في إعادة الكرات إلى رقعة الملعب، أو يقوم بمداعبة الكرة لينال صفعة من لاعب يسارع الزمن، حينها تتوقف المباراة ويصبح التركيز في خبر كان.
لكن أحدث الأساليب وأقدرها على توقيف المباراة بفعل «جامع»، هو رمي الكرات في الملعب، ما يضطر معه الحكم إلى مصادرة هجوم فريق يسارع الزمن لاستدراك هزيمة.
كل هذه الطرق لها توقيت زمني مدروس، وغالبا ما تتم في الدقائق الأخيرة من المباريات، ولها آليات تنفيذ متفق عليها، ولها مهندس عمليات يختار الفتى المناسب للعملية المناسبة.
نحمد الله أن جامعي الكرات في بلادنا ما زالوا في مرحلة تأهيل، ففي جارتنا الشرقية خطف أحد جامعي الكرات الأنظار بعد أن تحول إلى حارس مرمى، ومنع الفريق الخصم من تسجيل هدف في آخر دقائق المباراة، حين تصدى لتسديدة كانت في طريقها إلى شباك فريقه المحبوب، حصل هذا في بطولة الدرجة الثانية بين مولودية باتنة وهلال العيد، ومنذ تلك الواقعة أصبح جامع الكرات أشهر من حارس مرمى فريقه.
هناك الكثير من الجنود المجهولين في عالم الرياضة، ومنهم جامعو الكرات الذين يضطلعون بأدوار أساسية في المباريات، دون أن يلاحظ أحد أهميتهم، طالما أن الأضواء تبقى مسلطة على فئات أخرى من لاعبين ومشجعين ومسيرين ومدربين وقضاة الملاعب، قبل أن يقفز هؤلاء إلى الواجهة، عندما خرجوا عن حدود الواجبات الممنوحة لهم، وتحولوا إلى مهدرين للوقت في ظاهرة تكررت في أكثر من مباراة، بل إن بعضهم أصبحوا جزءا من خطة المدربين.
صحيح مثل هذه العمليات «الفدائية» فيها نوع من المخاطرة، خاصة حين يتعلق الأمر بمباراة «ديربي»، أو مباراة ذات توتر عال، كما حصل للفتى الودادي عمر الذي نجح في استفزاز مدرب الزمالك، بعد اختياره ضمن العناصر المكلفة بجمع الكرات، في لحظة سينتزع عمر النجومية من لاعبي الوداد والزمالك، وسيجد نفسه مطوقا بصحافة الإثارة بعد المباراة، لتنتزع منه تصريحا بعد الاعتداء عليه من طرف مدحت عبد الهادي، المدير الرياضي للنادي المصري، دقائق قبل أن تلفظ المباراة أنفاسها.
أمام جاذبية كرة القدم وقدرتها على صنع النخب، من بين لاعبين يضعون منذ صغرهم مسافة الأمان بينهم وبين الدراسة، ارتمت الناشئة في حضن الكرة ورمت بكراساتها في زاوية المتلاشيات، وحققت النجومية ولو كجامعي كرات، في ملعب يمشي فيه الغش ويرتع، ومع مؤطرين يختارون الغش عن سبق إصرار وترصد، يختارونه عن قناعة وهم يعلمون أنه زائف.
في الملعب يمارس بائع التذاكر في السوق السوداء ما تيسر من غش فيستنسخ ويزور، ويلجأ بائع «السندويتشات» إلى الغش في الوجبات، ويمارس باعة القمصان والقبعات غشهم السنوي حين يعرضون بضاعة من درجة ثالثة، يغش مؤطر جامعي الكرات حين يقدم إلى الأطفال دروسا في تقنيات الغش و«تاحراميات»، ويجعلهم يؤمنون بأن من غشنا فهو منا.
لكن لست وحدك أيها الفتى من يغش في بلد لا تسجل فيه محاضر الغش إلا من طرف شرطي مرور، أو في فصول امتحانات البكالوريا.