ويزداد الوضع سوءا
عدد كبير من المسؤولين الجهويين والإقليميين يؤكدون أن الدخول الدراسي الحالي سيكون الأصعب على الإطلاق منذ سنوات، فمعدل الخصاص في الأطر التربوية بلغ مستويات قياسية غير مسبوقة، وبالرغم من تعيين حوالي 9 آلاف أستاذ متدرب في الفصول الدراسية فإن المشكل سيظل قائما، ومعها سيلجأ المسؤولون لحلول أقل ما يقال عنها أنها لا تربوية، أقلها اعتماد مبدأ نصف حصة، وخاصة في التعليم ابتدائي، ليتمكن مدرس واحد من تدريس فوجين في فترتين زمنيتين، وأيضا اعتماد الأقسام المشتركة، وهي ظاهرة كانت تعيشها فقط مدارس العالم القروي ووصلت عدواها للمدن الكبرى أيضا، بما في ذلك مدارس العاصمة، ثم وصول الاكتظاظ في الفصول الدراسية لمستويات قياسية ستتجاوز بحسب عدد من مديري المؤسسات التعليمية إلى 60 تلميذا في الفصل الدراسي، وهو الرقم الذي تم بلوغه السنة الماضية في حالات قليلة، لكنه سيصبح الآن شبه عام، لاسيما في التعليم الإعدادي بعدما بدأت المديريات الإقليمية في تطبيق التدبير الوزاري المعروف برفع عتبات النجاح، بل إن الظاهرة الجديدة هذه السنة، وأمام هذا الوضع سيضطر المديرون الجهويون إلى اللجوء مرة أخرى للتعاقدات لسد الخصاص، وأمام الهجرة الجماعية التي تعرفها الأسر المغربية نحو القطاع الخاص، بسبب مشاكل الرداءة في طرق التدريس والاكتظاظ وضعف البرامج الدراسية وانعدام الأمن في المدارس العمومية، وسيضطر المسؤولون الإقليميون إلى إغلاق بعض المؤسسات، وخاصة في التعليمين الابتدائي والإعدادي، لتوفير الأطر البشرية، ليتم إعادة انتشارهم في مدارس أخرى، مع ما يعنيه ذلك من مشكلات اجتماعية كبرى للمدرسين.
هذه السنة أيضا، هي السنة السادسة على التوالي بدون تكوين مستمر، لتنهي هذه الحكومة ولايتها كاملة وهي مصرة على جريمتها الكبرى في حق التربية والتكوين بهذا البلد. كما سيتأخر ظهور الكتب المدرسية لمادة التربية الإسلامية حتى شهر أكتوبر أو نونبر، لكون مديرية المناهج تبنت برامج دراسية جديدة، وهي العملية التي تمت بعبث لا يقل جرما، حيث كونت مديرية المناهج لجان يترأسها مقربون من مدير هذه المديرية، وأخرجوا «شيئا» يسمى برامج دراسية في ثلاثة أسابيع فقط، علما أن الهيئة الوطنية للتقييم، والتي قامت بتقويم حصيلة تنفيذ الميثاق الوطني للتربية والتكوين، بأمر من الملك محمد السادس، قد سجلت نفس الملاحظة بخصوص كل البرامج المعمول بها حاليا، مما يعني أن مدير هذه المديرية لم يقرأ التقويم المنجز أو لم يفهمه أو لم يعره اهتماما بالرغم من كونه أمر ملكي.
إذن، داخل مناخ السواد هذا، والذي نرى فيه بوضوح تعليمنا يموت ببطء وألم شديدين، تصر الوزارة على العمل بنفس الطاقم الإداري الفاشل الذي أوصلنا لهذا المستوى من الحضيض غير المسبوق، فلا البرامج الإصلاحية المتعاقبة نفعت، ولا الميزانيات الضخمة أجدت، لأن هؤلاء المسؤولين، يعرفون جيدا بأن أي إصلاح جدي لمنظومة التعليم، تربويا وإداريا، سيعني بالضرورة خروجهم منها بعد محاسبتهم، لكونهم أضحوا وجها من أوجه أزمة التعليم، وعلى رأس هؤلاء طبعا مدير مديرية المنازعات والشؤون القانونية، والذي كبد الوزارة خسارة مئات القضايا في المحاكم الإدارية، وذلك منذ تم تعيينه بـ«المظلة» في القطاع، دون أن ننسى طبعا مدير مديرية المناهج وهو المسؤول بشكل مباشر عن الفوضى التي يعرفها سوق الكتاب المدرسي، بسبب هزالة «كتبه» من جهة، وجشع الذين يطبعونها من جهة أخرى، وإلا ماذا يعني تبني أغلب المدارس الخاصة لكتب مستوردة يتجاوز سعرها 300 درهم للكتاب الواحد، ألفها مغمورون في فرنسا وبلجيكا وكندا وتفضيلها على كوارث الكتب المغربية المليئة بالأخطاء اللغوية والمعرفية؟