محمد اليوبي
علمت «الأخبار» من مصادر مطلعة أن عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، أعد لائحة سوداء لعدد من المسؤولين الكبار سيتم إعفاؤهم في الأيام المقبلة، أغلبهم محسوبون على حزب العدالة والتنمية، تم تعيينهم في عهد الوزير الأسبق، مصطفى الرميد. وتأتي قرارات وهبي، بعدما توصل بتقارير حول تورطهم في «شبهات» واختلالات شابت عدة صفقات ومشاريع تشرف عليها وزارة العدل.
وسارع وهبي إلى اتخاذ قرار بإعفاء عبد الإله الحكيم بناني، الكاتب العام للوزارة، ومصطفى دحدوح، المدير العام لمؤسسة الأعمال الاجتماعية، كما سبق له أن وافق على طلب إعفاء مدير التجهيز والممتلكات. وأكدت المصادر أن وهبي استشاط غضبا، خلال الأسبوع الماضي، بعدما اكتشف أن بعض المسؤولين المحسوبين على حزب «البيجيدي» بالوزارة يتخذون قرارات دون علمه، بالإضافة إلى مسؤوليتهم عن الاختلالات التي تعرفها العديد من المشاريع المتعثرة أو المتوقفة نهائيا، ما جعله يسارع إلى التوقيع على قرارات الإعفاء، وإعداد لائحة أخرى لمسؤولين سيطولهم القرار نفسه قريبا، حسب ما أكده مصدر مسؤول بالوزارة.
وسبق لعبد اللطيف وهبي أن فجر قنبلة من العيار الثقيل تحت قبة البرلمان، عندما تحدث عن وجود شبهة «الفساد» في بعض صفقات بناء المحاكم التي فوتتها وزارة العدل، ما أدى إلى تعثر أو توقف بعض هذه المشاريع، وأكد أنه فتح تحقيقا في الموضوع، وسيحيل الملفات على النيابة العامة للمتابعة القضائية.
وتحدث وزير العدل عن وجود مجموعة من البنايات متوقفة، بسبب وجود مشاكل بين وزارة العدل والشركات التي نالت صفقات بنائها، فيما تم تفويت صفقات إلى شركات أخرى لإتمام أشغال البناء، وكشف وهبي أن بعض الشركات تحصل على صفقات دون إنجاز الأشغال، والغريب في الأمر أن المساهمين في هذه الشركات أنفسهم يحصلون على صفقات أخرى من الوزارة بأسماء شركات مغايرة يساهمون فيها كذلك، كما تحدث وهبي عن حصول شركات على صفقات من الوزارة، ثم تعلن أنها تعرضت للإفلاس بعد حصولها على مبالغ مالية دون إنجاز الأشغال المطلوبة.
وأكد وهبي أنه أمر بفتح تحقيق، وطلب أسماء هذه الشركات، وقال: «إذا تبين أن هناك سوء نية سأحيلها على النيابة العامة»، وأضاف: «ليس من المعقول أن تفوز شركة بصفقة كبيرة، ثم تعلن الإفلاس، إذا حصلت أي شركة على مشروع الدولة يجب عليها أن تنجزه»، وأعلن وهبي الحرب على هذه الشركات، ووعد بإحالة ملفات جميع الشركات التي تبين وجود سوء نية لديها في عرقلة مشاريع الدولة، على النيابة العامة للمتابعة القضائية، واعتبر مثل هذه الممارسات تدخل في إطار جرائم النصب والاحتيال، لأن هذه الشركات تقدم معطيات خادعة للحصول على الصفقات، وتحدث عن صرف ثلاثة ملايير درهم في إطار صفقات إنجاز بنايات المحاكم منذ سنة 2012 إلى حدود الآن، لكن ما زال هناك مشكل في هذه البنايات.
وحسب معطيات حصلت عليها «الأخبار»، فقد قامت المفتشية العامة بمهمة مراقبة وتقييم تدبير مشاريع أوراش البناء المتعثرة، والوقوف على بعض النواقص التي حالت دون إنجازها في الآجال المحددة لها، أو أدت إلى توقفها، بحيث قامت بزيارات ميدانية إلى مقرات هذه المشاريع، وأجرت اجتماعات مع أصحاب المشاريع أو أصحاب المشاريع المنتدبين، بحضور جل المتدخلين في أوراش البناء، وخلصت إلى تقديم توصيات بشأنها، ويتعلق الأمر بتسعة عشر مشروعا؛ منها عشرة مشاريع عرفت وتيرة إنجاز ضعيفة، وتسعة مشاريع بناء وتهيئة عرفت فسخ بعض الصفقات المتعلقة بها أو صفقات في طور الفسخ. كما قامت المفتشية بدراسة اتفاقيات الإشراف المنتدب المبرمة مع كل من الشركة العامة العقارية، ومديرية التجهيزات العامة، التابعة لوزارة التجهيز والنقل واللوجستيك، لتعهد إليهما مهمة الإشراف المنتدب على مشاريع بناء وتهيئة المباني الإدارية التابعة للوزارة .
كما سجل تقرير سابق للمجلس الأعلى للحسابات، وجود اختلالات شابت صفقات بوزارة العدل، كلفت خزينة الدولة الملايير من أموال دافعي الضرائب، وذكر التقرير نماذج لصفقات بناء محاكم دون احترام دفتر التحملات والتصاميم الأولية، حيث تمت برمجة الصفقات على مستوى مديرية التجهيز وتدبير الممتلكات، دون أن تتوفر هذه الأخيرة على رؤية واضحة للمشاريع المزمع إنجازها، وهو ما يتجلى من خلال عدم احترام لائحة المشاريع المدرجة في البرامج التوقعية للصفقات، ومن خلال غياب جداول القيادة المتعلقة بضبط التوقعات ورصد الحاجيات، وتفادي التعديلات المتكررة التي تعرفها المشاريع، كما هو الشأن بالنسبة إلى تغيير صنف المحكمة المستفيدة، أو تغيير التموقع الجهوي للمشاريع.