النعمان اليعلاوي
تظاهر عدد من المغاربة، أمام مقر البرلمان بالعاصمة الرباط، للتنديد بمقتل شابين مغربيين رميا بالرصاص في عرض البحر على يد عناصر من خفر السواحل الجزائري، حيث عبر المشاركون في هذه الوقفة الاحتجاجية، التي دعت إليها الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، عن رفضهم وإدانتهم لجريمة قتل الشابين المغربيين، التي اعتبروها «جريمة دولية مكتملة الأركان». ورفع المشاركون، خلال الوقفة، شعارات منددة بالنظام العسكري الجزائري، بالإضافة إلى لافتات وصور تتضمن عبارات تحمل النظام العسكري الجزائري مسؤولية قتل الشابين المغربيين خارج القانون وتطالب بمحاسبته على الجريمة.
وفي هذا السياق، قال إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، إن الوقفة الاحتجاجية جاءت من أجل التنديد بالجريمة الممنهجة التي ارتكبها الجيش الجزائري في حق شابين مغربيين، مؤكدا مطالبة الرابطة، المجتمع الدولي، بـ«ترتيب الجزاءات الملائمة بمقتضى القانون الدولي»، مضيفا أن الجريمة «كان مخططا لها من طرف الجيش الجزائري، والرابطة المغربية لحقوق الإنسان ستراسل الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة»، موضحا أن الرابطة «تدرس رفقة الجمعيات الحقوقية تقديم دعوى قضائية ضد قادة الجيش الجزائري في المحاكم الدولية، ونعتبر أن ما تم انتهاك للقانون الدولي الإنساني وانتهاك لكافة مواثيق حقوق الإنسان».
ومن جانبها، فوضت عائلة الضحايا مكتبي المحاماة حكيم شرقي (محام بهيئة باريس) وغزلان محترم (محامية بهيئة الدار البيضاء)، بحيث تقدما على الفور بشكاية بفرنسا تتضمن صك اتهام متعلق بالقتل العمد، واختطاف سفينة وعدم مساعدة شخص في حالة خطر. وحسب بلاغ لمكتبي المحاميين، فإن عائلة قيسي لجأت للقضاء بسبب صمت السلطات الجزائرية، التي وقعت عملية الاغتيال الغاشم على أراضيها، بحثا عن الإنصاف وتحقيق العدالة وتسليط الضوء على وحشية النظام الجزائري، كما دعت عائلة قيسي إلى احترام مشاعرهم ومعاناتهم وعدم الانسياق إلى حركات الدعم والمساندة أو الاحتجاجات التي لها أهداف مغرضة أو الركوب عليها لتحقيق مآرب أطراف تحركها أهداف وأجندات. وطالبت العائلة، السلطات الجزائرية، بتمكينها من جثمان عبد العالي مشيور الموجود حاليا في عهدة الجزائر وإعادته إلى عائلته حتى يدفن في المغرب في أقرب وقت ممكن، مؤكدة أن المعركة الحقيقية في هذا الملف هي تحقيق العدالة ومحاسبة المتورطين في مقتل الشباب في عرض بحر السعيدية.
وراسل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بالجزائر، وذلك بخصوص الفاجعة التي استعملت فيها قوات خفر السواحل الجزائري الذخيرة الحية، مطالبا بالعمل على تمتيع إسماعيل الصنابي الموجود رهن الاعتقال بالجزائر بكافة ضمانات المحاكمة العادلة والعلنية والسماح لملاحظين دوليين بحضورها، وضمان سلامته الجسدية والنفسية. وأكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان على أن ما تعرض له الضحايا يعد انتهاكاً جسيما لحقوق الإنسان وحرماناً تعسفياً من الحق في الحياة، وهو حق مطلق تتوجب حمايته، مهما كانت الظروف والأسباب والملابسات والحيثيات، خاصة أن الضحايا كانوا في خط حدودي غير واضح، وفي منطقة بحرية غير متنازع عليها، مدينا استعمال الرصاص الحي من طرف قوات خفر السواحل الجزائرية بالمياه الإقليمية الشرقية بالبحر الأبيض المتوسط، تجاه مواطنين عزل، عوض المبادرة، كما هو متعارف عليه عالميا، لتقديم الإغاثة لأشخاص تائهين في مياه البحر ومساعدتهم.
في السياق ذاته، دخل نادي المحامين بالمغرب على خط القضية من خلال تنظيمه زيارة تضامنية مع أهالي الضحايا، متعهدا بملاحقة المتورطين. وقال مراد العجوطي، رئيس نادي المحامين، إن «هذا الاعتداء الذي وصفه بالإرهابي والبربري الذي نفذه العسكر الجزائري في مواجهة شابين مغربيين كانا يستمتعان بعطلتهما، يعد خرقا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS) لعام 1982، والاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ البحريين (SAR) لعام 1979، والاتفاقية الدولية لحماية الحياة البشرية في البحر (SOLAS) لعام 1974، والتي تلزم الدول بإنقاذ حياة البشر المهددين بالغرق والأشخاص في حالة تيهان أو ضياع في البحر بغض النظر عن جنسيتهم أو الظروف المحيطة بهم».
وفشلت وزارة الدفاع الوطني الجزائرية في الدفاع عن عناصرها المدانين في الجريمة، حين أصدرت بيانا حاولت من خلاله تبرير العملية التي أسفرت عن مقتل سائحين مغربيين كانا يتمتعان بالجنسية الفرنسية، اعترفت من خلاله بأن «وحدة من حرس السواحل تابعة للواجهة البحرية الغربية بالناحية العسكرية الثانية اعترضت، أمسية يوم الثلاثاء، في حدود الساعة السابعة وسبع وأربعين دقيقة، ثلاث دراجات مائية قامت باختراق مياهنا الإقليمية». وأقرت وزارة الدفاع الجزائرية بأن عناصرها أطلقت النار على المواطنين بعدما اجتازا رفقة آخرين الحدود البحرية الفاصلة بين محطة السعيدية ومرسى بن مهيدي دون أن تكون لهما ومن معهما نية اختراق المياه الإقليمية الجزائرية، محاولة إخلاء مسؤولية خفر السواحل الجزائرية إزاء الحادث بعدما ادعوا أن عناصر خفر السواحل حذرت سائقي الدراجات المائية صوتيا ثم برصاصات تحذيرية، وبأنها لم تباشر إطلاق الرصاص عليهم إلا بعد رفض الضحايا الانصياع لهم.