شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسيةوطنية

وصفة ملكية

رفع الملك محمد السادس من سقف التطلعات والانتظارات لتجاوز تداعيات زلزال الحوز والمناطق المجاورة له خلال الجلسة الثالثة من الجلسات الملكية المصغرة التي تهم الزلزال. والحقيقة أن هذه الفاجعة أخذت حيزا كبيرا من الأنشطة الملكية، فلم يسبق لأي قضية استراتيجية من ضمن 28 جلسة ملكية عُقدت خلال العقد الأخير أن تطلبت ثلاث جلسات متتالية، بل لم يسبق أن عقد الملك ثلاثة اجتماعات رفيعة في ظرف 10 أيام.

وإذا دل ذلك على شيء فإنما يدل على الاهتمام غير المسبوق الذي يوليه الملك لقضية تعويض ضحايا زلزال الحوز، طبعا يمكن اعتبار الجلسة الثالثة بما تمخض عنها من قرارات بمثابة خارطة طريق ليس فقط من أجل الدواوير المتضررة بل من أجل العالم القروي والجبلي عامة.

فما ورد في البلاغ هو وصفة صالحة ليس فقط للخروج من تداعيات الزلزال الذي أصاب المناطق التي يقطنها 4,5 ملايين مغربي، بل يمكن تعميمها على المدى المتوسط لإنقاذ حياة 20 مليون مغربي كتب عليهم القدر أن يولدوا ويترعرعوا ويموتوا بالعالم القروي والجبال وسط سياسات التهميش والاقصاء والعزلة.

لقد أعطى الملك محمد السادس الدرس النموذجي من خلال خارطة الطريق لإخراج مناطق الحوز وتارودانت وورزازات وأزيلال من النفق المظلم الذي كانت تعيش فيه لعقود. خارطة طريق قائمة على كلفة مالية رهيبة تتجاوز 12 ألف مليار سنتيم بأربعة مكونات أساسية تقوم على إعادة إيواء السكان المتضررين، وإعادة بناء المساكن وإعادة تأهيل البنيات التحتية؛ وفك العزلة وتأهيل المجالات الترابية، وتسريع امتصاص العجز الاجتماعي، خاصة في المناطق الجبلية المتأثرة بالزلزال؛ وتشجيع الأنشطة الاقتصادية والشغل، وكذا تثمين المبادرات المحلية، بالإضافة إلى إحداث منصة كبرى للمخزون والاحتياطات الأولية (خيام، أغطية، أسرة، أدوية، مواد غذائية..)، بكل جهة، وذلك قصد التصدي بشكل فوري للكوارث الطبيعية. واليوم قد يكون هذا التركيز على المناطق المتضررة مشروعا بل ومطلوبا، لكن من اللازم أن تتحول هذه الوصفة الملكية إلى علاج جذري يستأصل أعطاب الآلاف من الدواوير التي لم تصلها إلى اليوم عدسات الكاميرات والكوارث التي تعري أوراق توت السياسات الانتقائية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى