شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

وصفة جديدة وأورام قديمة

حسن البصري

 

كشف تقرير حديث للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، عن أعطاب الرياضة المغربية، ورصد جوانب من معيقات الإقلاع الرياضي، معتبرا «اقتصاد الرياضة» حلما لا يصله إلا الذين آمنوا بأن مهنة رياضي لم تعد مهنة لا مهنة لهم، بل مكانة اعتبارية تفضي إلى الوجاهة.

تحدث التقرير عن سوء فهم الدور الحقيقي للرياضة، والإصرار على جعلها مرادفا للترفيه والتسلية، والحصيلة أن مهنة «رياضي» ضعيفة الاستقطاب والتثمين.

أظهر التشريح الأولي بأن ظاهرة «هجرة الكفاءات الرياضية»، هي تحصيل حاصل لما يتصارع في دواخل الرياضيين، من معارك بين الرغبة في الرحيل والسعي للتمسك بالقشة.

خصص التقرير جانبا منه لحالة المرافق الرياضية، وقال إنها لا تستجيب للمعايير المعتمدة عالميا، وأن اختلالات تميز طرق تسييرها، مبديا تحفظه من بناء ملاعب ضخمة هجرتها الجماهير واستوطنتها اللقالق.

لم يأت التقرير بجديد يذكر ولا قديم يعاد، على حد تعبير زملائنا المعلقين الرياضيين، بل اكتفى بإرسال إشارات تؤكد ترهل المشهد الرياضي، بنفس القلق الذي ساورنا حين بحثنا عن الرياضة في تقرير النموذج التنموي الجديد، فعثرنا عنها مختبئة بين السطور، تعقبناها فأطلت خجولة مذعورة، لم تتعد إطلالاتها خمس مرات من شرفة تقرير لجنة بنموسى، الرياضة التي تصعد في «الطوندونس» وتحطم أرقام المشاهدة وتجعل نجومها في مرتبة الزعماء، ظهرت محتشمة في أذهان هيئة الشامي وبنموسى، وحتى الفرق التي تحولت إلى معابد يصلي على قبلتها ملايين عشاق الكرة، لم تتشرف بزيارة من مكونات اللجنة.

نذكر جميعا الرسالة الملكية التي بعثها الملك محمد السادس للرياضيين المجتمعين في مناظرة الصخيرات سنة 2008، ونعلم جميعا أن توصياتها لازالت تنتظر التنزيل، كل ما فعله المتعاقبون على قيادة الشأن الرياضي تحويل سطور الرسالة إلى مجرد ديباجة لمعاهدات ومواثيق عابرة وخطب حماسية ومرافعات موسمية.

حين انخرط المغرب بمختلف مؤسساته الحزبية والنقابية وجمعيات المجتمع المدني، في إعداد النموذج التنموي الجديد الذي دعا إليه ملك البلاد وراهن عليه ليكون مدخلا حقيقيا لمغرب الغد، اعتقدنا أن الرياضة ستكون في صلب الاهتمام لكنها سقطت سهوا من الأذهان، وزكى سقوطها تقرير الشامي في انتظار تقارير الحليمي..

سقطت الرياضة في الامتحان التجريبي للتنمية، ولم نجد لها مكانا في النقاش الوطني العمومي، رغم أن الرياضة فعل يلامس ملايين الشباب في هذا البلد، وعدد ممارسي كرة القدم بشكل رسمي في المغرب يفوق أربع مائة ألف ممارس، دون الحديث عن رقم المعاملات المالية وجاذبية الرياضة وأدوارها الدبلوماسية.

من العبث أن نتعقب خيط الرياضة، ونحن نمسح بعيوننا سطور تقرير مجلس الشامي، فرؤساء الأحزاب والنقابات لا يؤمنون بالرياضة كقطاع مؤثر وغالبيتهم لا يرتدون «الشورط» إلا عند الاستحمام، بل إن برامجهم في الاستحقاقات السياسية والنقابية لا تنبعث منها رائحة النشاط الرياضي، حتى ولو «شاط».

نحن أمة شغوفة بالرياضة شاء السياسيون أم كرهوا، نحن أمة نخرج للشارع العام لنفرح ونسعد لمجرد انتصار في مباراة لكرة القدم، نحن شعب نترقب التصنيف العالمي لمنتخبنا ولا نهتم بتصنيفاتنا المتدنية في قطاعات الصحة والتعليم. نحن قوم ندين بالولاء لنجم في الملاعب ونقتذي به أكثر مما ننصت لخطب الزعماء السياسيين، نحن نملأ مدرجات الملاعب لمشاهدة مباراة حارقة ونتدافع أمام أكشاك بيع التذاكر ونقبل بمزايدات «المارشي نوار»، وحين يتعلق الأمر بمهرجان خطابي سياسي تمتلئ المدرجات الأمامية بالمخبرين وما تبقى من مناضلين وانتهازيين.

نحن شعب شغوف بالرياضة، شبابنا يحفظ عن ظهر قلب أغاني مدرجات الملاعب أكثر من حفظ دروسه، نحن جمهور اقتنع بالدور الدبلوماسي للرياضية، وجعلها حائط صد في وجه أعداء وحدتنا الترابية.

في الرياضة يستقيل المدرب عند الهزيمة ويبقى الفريق، وفي السياسة يستقيل الفريق ويبقى الزعيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى