شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

«وسيط المملكة» تشتكي للملك من الفساد الإداري

أكدت أن الاختلالات الإدارية أصبحت بنيوية ومعرقلة للإصلاح والاستثمار

محمد اليوبي

 

اشتكت مؤسسة «وسيط المملكة»، في تقريرها السنوي برسم سنة 2023، من استمرار ظلم الإدارة للمواطنين وتفشي الفساد الإداري الذي أصبح معرقلا للإصلاح والاستثمار. وأشار التقرير إلى أن المؤسسة عرفت، خلال الخمس سنوات الماضية (2019- 2023)، تسجيل ما مجموعه 29270 ملفا، أي ما معدله 5854 ملفا مسجلا في السنة.

وحسب التقرير، تميزت هذه الفترة بتغيير ملحوظ في بنية الملفات المتوصل بها، حيث هيمنت فيها ملفات التظلم على باقي أنواع الملفات، بتسجيلها لنسبة نمو سنوية بلغت 12,63 %، وبتصدرها لمجموع المتوصل به سنة 2023 بنسبة 74,37 %، مقابل 57,15 % فقط من مجموع ما سجل في سنة 2019؛ وبذلك يكون إجمالي التظلمات المقدمة خلال الخمس سنوات الماضية شكل نسبة 67,27 % من إجمالي الملفات المسجلة خلال مجموع هذه الفترة.

وأوضح التقرير أن نسبة 93,75 % من مجموع التظلمات المتوصل بها، خلال الفترة الممتدة من سنة 2019 إلى سنة 2023، همت أربعة تصنيفات موضوعاتية رئيسية. ويتعلق الأمر بالتظلمات ذات الطبيعة الإدارية، التي حافظت على صدارة الترتيب على امتداد هذه الفترة، مسجلة ما مجموعه 7788 تظلما، وما نسبته 39,55 % من مجموع التظلمات المسجلة، تلتها التظلمات ذات الطبيعة المالية بما مجموعه 5939 تظلما، مشكلة بذلك 30,16 % من مجموع التظلمات المتوصل بها خلال هذه الفترة، ثم التظلمات ذات الطبيعة العقارية بما مجموعه 3655 ملف تظلم، بنسبة 18,56 % من مجموع التظلمات، وبما مجموعه 1078 تظلما، وبما نسبته 5,47 % من مجموع التظلمات المتوصل بها، جاءت التظلمات المرتبطة بعدم تنفيذ الأحكام في مواجهة الإدارة.

وأشارت مؤسسة الوسيط إلى أن التعامل مع عملية رصد الاختلالات التي تعتري أوجه الأداء الارتفاقي يجب أن يرقى، من جانب الإدارة، من مجرد التعاطي مع الموضوع كحالات منعزلة، إلى محاولة تشخيص أبعادها ودلالاتها، وتفكيك جذورها، والحسم في ما إذا كانت عوامل عرضية في الأداء الارتفاقي فحسب، ويكون بذلك أمر تجاوزها مرهونا فقط بكشف دواعيها والتأكد من أسبابها المنشئة، أم أن الأمر أصبح يأخذ صورة سلوكيات متجذرة لدى مؤدي النشاط الإداري أو القائم به أو المسؤول عنه، وفي هذه الحالة يصبح الاختلال مرتبطا بثقافة سائدة  لصيقة بالضمير المهني، مما يستوجب إيجاد حلول لها بصيغ تتعدى مستوى الوقوف عند جانب الرصد والتعريف وإبراز تجلياتها في قرارات وتوصيات وتقارير مؤسسة الوسيط، أو أحكام وقرارات القضاء، أو تطبيق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.

وأكد التقرير أن مؤسسة الوسيط، من خلال ما ترصده من اختلالات بالمرافق الإدارية، أصبح بعضها بنيويا ومتأصلا في مجموعة من الممارسات العملية، وعبرت المؤسسة عن تخوفها من تحول الإدارة من أداة حاضنة للإصلاح وعنصر فاعل فيه ومنتج لآلياته، إلى إدارة معرقلة له، بسبب تماديها في العديد من التصرفات التي سبق الكشف عنها في تقارير سابقة للمؤسسة، وكانت موضوع توصياتها الصادرة واقتراحاتها المرفوعة؛ سيما وأن البحث عن مبررات هذه التعثرات أضحى، في الكثير من الحالات، يستنزف قوة وتفكير مؤدي الخدمة الارتفاقية أكثر من بحثه عن سبل تجاوزها وتحسين صورة الإدارة لدى المرتفق، بل إن رهانه على الخروج منتصرا لموقفه، ولو كان مخالفا للقانون أو لقواعد العدل والإنصاف، يطغى على واجبه المفترض في إيصال الحق إلى طالبه.

وأبرز التقرير أن المؤسسة وقفت، من خلال العديد من التظلمات والشكايات الواردة عليها، على عدم تجاوب الإدارة مع الطلبات المقدمة إليها من قبل المرتفقين أو عدم الرد على تظلماتهم أو التأخر في ذلك (عدم احترام المدة الزمنية المحددة للجواب بمقتضى القانون)، والأمر نفسه وقفت عليه المؤسسة في تعامل بعض الإدارات مع الدعاوى القضائية المرفوعة ضدها، بحيث ترتكن إلى عدم الجواب، بما ينتج عنه من صدور أحكام قضائية في غير مصلحتها، مع العلم أن أجوبتها المدلى بها خلال مرحلة التنفيذ (دون جدوى) كان من الممكن، لو نوقشت إبان صدور الحكم، أن تغير النتيجة القضائية التي أضحت عنوانا للحقيقة في ضوء حكم أو قرار قضائي استنفد طرق الطعن فيه، وبنفس عقلية عدم الجواب أيضا، يضيف التقرير، تتعامل بعض الإدارات مع المراسلات الموجهة إليها من طرف هذه المؤسسة بمناسبة معالجتها للتظلمات المقدمة أمامها، مما يؤدي إلى إعمال مقتضيات المادة 36 ثم المادة 38 من القانون رقم 14.16 المنظم لها، وبالتبعية إصدار توصيات في مواجهة الإدارة تقر بمخالفتها للقانون أو لمبادئ العدل والإنصاف، وبعد تبليغها إليها من أجل التنفيذ تقدم تبريرات وحججا كان من شأنها تغيير مسار ملف التظلم الذي كان معروضا على المؤسسة منذ البداية؛ وهو ما يشكل من جهة هدرا للجهد والزمن، ويترك من زاوية أخرى انطباعا سيئا على أدائها ونظرة سلبية لدى المتعاملين معها، وكل ذلك اعتبرته المؤسسة مخالفة صريحة لمقتضيات القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، وكذا القانون رقم 54.19 بمثابة ميثاق للمرافق العمومية.

وكشف تقرير المؤسسة عن اختلالات مرتبطة بإجراءات تسليم التراخيص المتصلة بالاستثمار. وشدد التقرير على أن أهم التعثرات التي وقفت عليها المؤسسة، من خلال ما تلقته من شكايات وتظلمات، ذات صلة بمجال تسليم تراخيص الاستثمار، سيما ما تعلق منها بتعقد الإجراءات وبطء المساطر، وأكدت، كما ورد في تقاريرها السابقة، على ضرورة تعامل الإدارة بشكل أكثر انسيابية مع طلبات إنشاء المقاولات ومنح الرخص الإدارية المتعلقة بالاستثمار، أمام ما رصدته من ممارسات منافية لمتطلبات العناية والتبسيط التي جاء بها القانون المتعلق بتبسيط المساطر الإدارية وما تلاه من مراسيم تطبيقية له، وميثاق المرافق العمومية، ومختلف المقتضيات القانونية ذات الصلة، وخاصة منها تلك المتعلقة بالحق في المعلومة والوثائق الإدارية واحترام الآجال القانونية التي تؤطر عمليات استخراج الرخص والشهادات.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى