شركة عقارية إماراتية باعت مشاريع سكنية «وهمية» لمغاربة الخارج
محمد اليوبي
توصل رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، بشكاية مرفقة بملف ثقيل حول أكبر عملية نصب واحتيال تعرض لها مواطنون مغاربة مقيمون بالخارج ضمنهم أُطر عليا، أغلبهم يشتغلون بدولة الإمارات العربية المتحدة، من طرف شركة عقارية وهمية إماراتية، أوهمتهم ببناء مدينة «خضراء» بضواحي مدينة مراكش.
والخطير في الأمر أن الشركة أوردت اسم وزير سابق كان يشرف على قطاع السكنى والتعمير، ترأس حفل إطلاق المشروع السكني «الوهمي»، ما جعل عدد الضحايا يتزايد نظرا لثقتهم في حضور المسؤول الحكومي، وهو ما جعلهم يسارعون إلى توقيع عقود اقتناء السكن مع مسؤولي الشركة الذين اختفوا عن الأنظار بمجرد حصولهم على أموال بالملايير، ومغادرتهم التراب الوطني. وكشفت المصادر أن عدد الضحايا يتجاوز 200 شخص، أغلبهم مقيمون بدولة الإمارات، وتشير وثائق تتوفر عليها «الأخبار» إلى أن هذه الشركة لها سوابق في النصب والاحتيال بدول أوروبية وعربية.
وجاء في الشكاية أن المشتكين من الجالية المقيمة والمشتغلة بدولة الإمارات العربية المتحدة لفترة طويلة، ونظرا لتشبثهم ببلدهم المغرب أصروا على أن يكون لهم سكن قار به يلجؤون إليه كلما حلوا بوطنهم الحبيب قناعة منهم بأن حب الوطن من الإيمان. وتضيف الشكاية أنه في أحد المعارض الدولية للعقار الذي نظمته شركة إماراتية تتخذ فروعا لها بمدينتي مراكش والدار البيضاء، ومقرها الرئيسي بدولة الإمارات العربية المتحدة وتتخذ عدة أسماء بالمغرب والمسجلة في عدة سجلات تجارية، تزعم أنها تعمل على إنجاز مشاريع سكنية ضخمة بمدينة مراكش وبمدينة الدار البيضاء بمنطقة بوسكورة.
وتضيف الشكاية، ونظرا لكون المشروع حظي بتغطية إعلامية واسعة وحضر حفل افتتاحه العديد من الشخصيات العمومية والمسؤولين الكبار، ضمنهم وزير سابق كان يشرف على قطاع السكنى والتعمير، ووالي الجهة، والرئيس السابق للجماعة الترابية بمراكش والعديد من السفراء، مما أعطى نوعا من المصداقية لهذا المشروع، وتم الإقبال عليه من طرف «الضحايا»، حيث قدم أصحاب المشروع تشجيعات لهم لاقتناء الوحدات السكنية سواء بمدينة مراكش أو الدار البيضاء، ليتم بعد ذلك تحرير عقود الحجز وتوقيعها بدولة الإمارات العربية المتحدة، وتم أداء مبالغ مالية جد مهمة أغلبها عن طريق قروض بنكية وصلت في عمومها إلى عشرات الملايين من الدراهم وكان كل ذلك خلال سنتي 2017 و2018، على أساس أن تسلم الوحدات المشتراة سيكون خلال سنة 2019 ، غير أنهم فوجئوا، بعد طول انتظار، بأن المشاريع العقارية الموعودة غير موجودة على أرض الواقع أصلا، فضلا عن أن بعض الوحدات السكنية بیعت أكثر من مرة لأكثر من زبون، الأمر الذي يؤكد تعرضهم لعملية نصب منظمة من قبل عصابة إجرامية متعددة الجنسيات استغلت مرونة القانون المغربي في جلب الاستثمارات .
كما ذكرت الشكاية اسمي شركتين لهما علاقة بالشركة الأولى، أسندت لهما مهمة استقطاب «الضحايا» المغاربة وحثهم على الأداء بطرق احتيالية وتدليسية من خلال إرسال، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فيديوهات مفبركة لمشاريع عقارية أخرى توهم «الضحايا» أن الأشغال جارية وبشكل متسارع من أجل تحفيزهم على أداء باقي الدفعات المالية، لكن على أرض الواقع لا شيء يذكر. وأكدت الشكاية أنه، بعد طول انتظار، حاول «الضحايا» مطالبة الشركة بفسخ العقود وإرجاع المبالغ المؤداة غير أنهم لم يجدوا مقرا لهذه الشركات ولا أصحابها وأن كل شيء عبارة عن شركات وهمية ورسوم عقارية غارقة في المديونية، ليفاجؤوا بأنهم كانوا ضحية نصب واحتيال من قبل عصابة إجرامية متخصصة في النصب العقاري عبر العديد من دول العالم (المغرب – تركيا – جورجيا – مصر – لبنان) كما هو ثابت من خلال مقالات صحفية نشرتها جرائد دولية تناولت الموضوع، حيث تم إحصاء حوالي ألف ضحية ومتضرر دفعوا 180 مليون دولار للشركة.
وبعد مواجهة الشركة بهذه الحقائق، حسب أحد الضحايا، وبضغط من السفارة المغربية بدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي لم تدخر جهدا في مساعدتهم، توصلوا لاتفاق مع صاحب الشركة لفسخ العقود واسترداد الأموال، ولكن، وبعد مرور سنتين، ولحد الآن، ترفض الشركة الوفاء بالتزامها والأكثر من هذا، يقول المصدر ذاته، فإنها مستمرة في النصب على ضحايا آخرين خصوصا من الجالية المغربية.
كما وجه الضحايا المغاربة عدة شكايات إلى الجهات المسؤولة منذ اكتشاف تعرضهم لعملية النصب والاحتيال، لكن هذه الشكايات بقيت بدون جواب إلى حدود الآن، حسب قولهم، كما أصدرت المحكمة التجارية بمراكش أحكاما قضائية لصالح الضحايا، تقضي بإبطال العقود المبرمة مع الشركة، وصدرت نفس الأحكام بدولة الإمارات.