انتخب شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، رئيسا لمؤسسة محمد السادس للأبطال الرياضيين، خلفا لمنصف بلخياط الذي قضى أزيد من عقد رئيسا لهذه المنظمة الاجتماعية. غاب الرئيس الجديد عن الجمع العام الاستثنائي بسبب وفاة والده فوقف اللاعبون السابقون دقيقة صمت لقراءة الفاتحة على روح الفقيد.
اليوم تدخل هذه المؤسسة الاجتماعية عهد بنموسى، وأمامها رهانات جديدة، تجعل من كرامة البطل الرياضي، الذي حمل قميص المنتخب الوطني، أم الأولويات.
في القاعة الفسيحة للجمع العام، حضرت وجوه وغابت وجوه، واستعان كثير من نجوم زمان بعكاكيزهم حتى لا تختل موازينهم. أجمعوا على أن المؤسسة التي أنشأها ملك البلاد محمد السادس لرعاية الأبطال الذين رفعوا راية المغرب خفاقة في المحافل الدولية، هي حضنهم كلما أدارت لهم أنديتهم ظهورها.
ما هي انتظارات هؤلاء الأبطال من بنموسى الذي لا يحمل عصى موسى طبعا؟ إنهم لا يريدون رغيف خبز ولا يصطفون في طوابير المساعدات الغذائية، بل يصرون على التمسك بتلابيب مكسب العلاج والتغطية الصحية، بعدما «عرتهم» فرقهم حين أكلتهم لحما ورمت بهم عظما.
حين كان المسؤولون عن مالية المؤسسة وممثل مكتب الافتحاص يعرضون التقرير المالي، كان الأبطال الرياضيون يتبادلون حديث الذكريات مع زملائهم، يوزعون في ما بينهم ما تبقى من قفشات، فالجمع العام بالنسبة إليهم لقاء سنوي للاطمئنان على رفاق الأمس، وليس محطة لتقديم الحساب.
إذا كان غياب بنموسى، الرئيس الجديد، مبررا بوفاة والده، فإن الجمع سجل غياب رؤساء الجامعات ورؤساء الأندية وبعض الداعمين الذين يفترض أن يكون لهم دور في مباراة الكرامة التي تخوضها المؤسسة. تحت خيمة الجمع العام، يغيب الراسخون في علم الاجتماع والباحثون الأكاديميون في إشكالية الاعتزال وتدبير التقاعد الكروي، تغيب المؤسسات المهتمة برعاية الأشخاص في وضعية صعبة، ويصبح البطل المعتزل أمام ملاذ وحيد هو مؤسسة محمد السادس للأبطال الرياضيين. أما الفرق الرياضية والجامعات فقد نفضت أيديها من مآسي الأبطال المعتزلين. لهذا اعتزل كثير من اللاعبين الذين حملوا قميص المنتخب مجتمع الكرة وقاطعوا الملاعب وأحرقوا ما تبقى من ألبومات صور.
اليوم أصبح اللاعب المحترف أكثر ميلا إلى المبادرات الإنسانية، في شبه قطيعة مع زمن يعتقد فيه الناس أن اللاعب آلة لتسجيل الأهداف، ومن أجل هذه المهمة يتقاضى منحا لا يخصص منها ولو درهما واحدا للعمل الخيري.
حين زارت عناصر المنتخب المغربي سجن سلا، وقفت على حجم حب الكرة الذي يسكن السجناء، فهي وجبتهم الأولى التي تنسيهم محنة الاعتقال، وتقربهم إلى خط التوبة والاندماج، سيما حين يتعلق الأمر بفئة الشباب الأكثر هوسا بالكرة.
حين تبحث عن الرياضة في تقرير النموذج التنموي الجديد، تجدها مختبئة بين السطور، تتعقبها فتطل عليك خجولة مذعورة، لم تتعد إطلالاتها خمس مرات من شرفة تقرير لجنة بنموسى، وحتى الفرق التي تحولت إلى معابد يصلي على قبلتها ملايين عشاق الكرة، لا تملك تصورا اجتماعيا للفعل الرياضي، ولا تعتبرها أداة إدماج بل أداة لتحقيق الانتصارات.
من خلال استقراء بسيط لهياكل الأندية والعصب والاتحادات، نلاحظ غياب مصالح اجتماعية في مقراتها، في تخلص مكشوف من الدور الإنساني للنادي وتفويته لجهات أخرى، فيما تجعل كبريات الأندية العالمية من المسألة الاجتماعية رهانا يحفظ دم وجهها. لكل من برشلونة وريال مدريد وتشيلسي والهلال والنصر السعوديين، رابطة خيرية تسعى إلى رعاية الأحوال المعيشية والصحية والترفيهية لقدماء اللاعبين، الذين خدموا مسيرة هذه الفرق منذ عقود، في بادرة وفائية تنم عن وعي مجتمعي راسخ.
رجاء لا ترموا بالكرامة في القمامة.
حسن البصري