برلمانيون يفضحون غلاء العقار المخصص للاستثمار بالمناطق الصناعية
محمد اليوبي
توعد رياض مزور، وزير الصناعة والتجارة، أمام أعضاء مجلس النواب، بمحاربة «مافيا» العقار و«المضاربين» الذين يستحوذون على بقع بالمناطق الصناعية دون إقامة مشاريع استثمارية، وذلك بغرض إعادة بيعها بأثمنة خيالية إلى المستثمرين الحقيقيين.
واشتكى نواب برلمانيون، خلال جلسة الأسئلة الشفوية التي عقدها مجلس النواب، أول أمس الاثنين، من غلاء العقار المخصص للاستثمار الصناعي، وفي هذا الصدد طالب رفيق مجعيط، النائب البرلماني عن فريق الأصالة والمعاصرة، بالكشف عن استراتيجية الوزارة بخصوص توفير وتعبئة العقار بالمناطق الصناعية بأثمنة مناسبة وتنافسية. وتحدث عن توقف عدد من المشاريع بالمنطقة الصناعية «سلوان» بإقليم الناظور، المحدثة قبل 10 سنوات، قبل أن تتدخل السلطات ومجلس الجهة لدعم هذا المشروع، حيث تمكن المستثمرون من الحصول على عقارات لإقامة الاستثمارات. وأشار البرلماني مجعيط إلى أن مدينة الناظور توجد بالقرب من المعابر الحدودية المغلقة، ما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة بالإقليم، لأن هناك أسواقا صغيرة كانت تعيش على السلع المستوردة، ولذلك طالب بتوفير عقارات لإقامة مشاريع إنتاجية لتوفير مناصب الشغل.
وفي رده، أكد وزير الصناعة والتجارة وجود مضاربات تؤدي إلى غلاء العقار المخصص للاستثمار بالمناطق الصناعية. وأشار إلى أن الوزارة تتدخل لاسترجاع البقع التي لم يلتزم أصحابها بإنجاز مشاريع استثمارية. وأوضح رياض مزور أن الدولة تمنح كل الدعم لتوفير المناطق الصناعية بأثمنة مناسبة، مشيرا إلى وجود مشاكل تتعلق بارتفاع ثمن العقار ببعض المناطق رغم مساهمة الدولة. وأبرز الوزير ذاته أن منطقتي سلوان والناظور لهما مستقبل واعد في الصناعة، وذلك بعد تهييء الميناء الجديد في سنة 2024. كما أعلن مزور عن مشروع إحداث منطقة تسريع صناعي تضم أزيد من 600 هكتار.
وكشفت المصادر عن وجود «مضاربين» يتاجرون في البقع الأرضية بمختلف الأحياء والمناطق الصناعية، ويستغلون استفادتهم من الامتيازات المخصصة لحاملي المشاريع الاستثمارية للحصول على هذه البقع بأثمنة رمزية داخل المناطق الصناعية، حيث يستفيد بعض «السماسرة» من البقع المخصصة لإقامة مشاريع استثمارية وإعادة بيعها بأثمنة باهظة. وأكدت المصادر وجود مضاربين يربحون أموالا طائلة من إعادة بيع البقع المخصصة للوحدات الصناعية، بعد الاحتفاظ بها لمدة طويلة، علما أن ممارسات المضاربة العقارية بالمناطق الصناعية المنجزة، تزيد من حدة مشكل ولوج المستثمرين إلى البنيات التحتية الصناعية بأثمنة تنافسية.
وقررت وزارة التجارة والصناعة اتخاذ مجموعة من التدابير لمحاربة هذه الممارسات المخلة، حيث قامت بإدماج بنود خاصة بتثمين البقع الأرضية في العقود ودفاتر التحملات المتعلقة بإنجاز المناطق الصناعية الجديدة، مما يحد من مشكل المضاربة، حيث تلزم هذه المقتضيات المستثمر بالشروع في إنجاز مشروعه، حسب جدول زمني محدد مسبقا. كما تعمل لجان محلية مشتركة على تفويت الأراضي في مختلف المناطق الصناعية، وفق معايير واضحة تمكن من إنجاز مشاريع المستثمرين في أفضل الظروف، وأي إخلال بأحد البنود المذكورة آنفا يترتب عنه إلزام المستثمر بأداء ذعيرة، بالإضافة إلى إلغاء تسجيل عقد بيع البقعة الأرضية. ويتم نزع الملكية عن طريق المحكمة، بالنسبة إلى البقع التي تم تحفيظها من طرف المستثمر، وعن طريق مسطرة تتم بين المستثمر والشركة المهيئة بالنسبة إلى البقع التي لم يتم تحفيظها بعد.
ومن بين الإجراءات المتخذة أو المزمع اتخاذها لمحاربة المضاربة العقارية، اعتماد نموذج كراء العقار الصناعي عوض تفويته في بعض مشاريع فضاءات الاستقبال الصناعية، والتي تمتاز المشاريع فيه بنسب تثمين جد مهمة تفوق 90 في المائة مقارنة بالمشاريع التي تعتمد البيع. كما اعتمدت الوزارة في إطار مخطط تسريع التنمية الصناعية، برنامج إنجاز مشاريع حظائر صناعية مندمجة للكراء، لأنها ستمكن من الحد من المضاربات العقارية، ورفع معدل التثمين، والنقص من نفقات الشركات، مع توفير العديد من الخدمات باعتماد «الشباك الوحيد». وستعمل الدولة في هذا الإطار على توفير وعاء عقاري، مكون من أراض في ملك الدولة وأراضي الجموع في مختلف أنحاء المملكة، تبلغ مساحته 1000 هكتار، قصد إنجاز هذه المشاريع في ظروف اقتصادية مثلى، في إطار شراكات مع الشركات المهيئة التي ستتكلف بإنجاز وإنعاش وتسويق وتسيير هذه الحظائر. وفي هذا الصدد، سيتم توقيع اتفاقيات المشاريع من طرف الشركاء المعنيين، ومن بين البنود التي ستنص عليها هذه الاتفاقيات، تحديد ثمن الكراء، وحقوق والتزامات الأطراف الموقعة، مع تحديد الجدولة الزمنية لإنجاز المشروع، ومساهمة الدولة من خلال دراسة المخطط المالي المتوقع للمشروع.