وزراء وبرلمانيون يرفضون التضامن مع الفقراء….نواب «البيجيدي» يدافعون بقوة عن شركات المحروقات
محمد اليوبي
خلافا للمواقف التي عبروا عنها أثناء حملة مقاطعة منتوجات بعض الشركات، وجد نواب حزب العدالة والتنمية أنفسهم في موقف حرج خلال الجلسة العمومية التي عقدها مجلس النواب، أول أمس الخميس، للتصويت على الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2019، عندما تقدم فريق الأصالة والمعاصرة بتعديل يتعلق برفع الضريبة على شركات المحروقات.
وصوت فريق العدالة والتنمية إلى جانب باقي مكونات الأغلبية ضد هذا المقترح، الذي رفضته الحكومة، رغم أنهم، في تصريحات سابقة، هاجموا هذه الشركات ورفضوا الأرباح الكثيرة التي تحققها، واعتبروها أرباحا غير أخلاقية، لكنهم صوتوا ضد التعديل. وبرر فريق «البام» تقديمه لهذا التعديل، بأنه سيدعم خزينة الدولة بموارد ضريبية إضافية، وكذلك للحد من الارتفاع الصاروخي لأسعار المحروقات، عن طريق الرفع من نسبة الضريبة على شركات المحروقات من نسبة 30 إلى 37 في المائة، وتخفيض سعر المحروقات بدرهم في اللتر.
وأكد النائب البرلماني محمد أبودرار، عضو فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، خلال تقديمه للتعديل، أن هذا الموضوع أسال الكثير من المداد، وفريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب أراد التفاعل ايجابا مع توصيات المهمة الاستطلاعية البرلمانية حول المحروقات، ليخفف عن كاهل المواطن من الأسعار المرتفعة التي بات يعرفها قطاع المحروقات. ومن جانبه علل الوزير بنشعبون أن رفضه للتعديل سببه الحفاظ على التوازنات المالية، وانتقد هشام المهاجري، النائب البرلماني عن «البام»، ما أسماه ازدواجية خطاب الحزب الذي يقود الحكومة، تجاه موضوع المحروقات، حيث صوت ومعه أغلبيته، ضد مقترح الفريق، القاضي برفع الضريبة على شركات المحروقات، وهو التعديل الذي كان يهدف إلى حماية القدرة الشرائية للمواطنين أمام موجة الزيادات في أسعار المحروقات. واستغرب المهاجري من تصويت الأغلبية ضد هذا التعديل، رغم أن هناك من خرج في السـابـق بتصريحات حول الأرباح التي تحصل عليها شركات المحروقات بطريقة غير أخلاقية، لكنهم صوتوا ضد قرار استرجاع هاته الأرباح، قائلا لهم: «لماذا لم تصوتوا مع التعديل؟ إما أنكم تكذبون على المغاربة، وإما أنكم متواطئون مع الشركات».
هذا وصوت نواب الحزب الحاكم، أيضا، على تعديل آخر تقدم به فريق «البام»، ينص على إدراج أعضاء الحكومة والبرلمان ورؤساء الجهات وكبار الموظفين ضمن لائحة الشركات والأشخاص، لأداء مساهمة اجتماعية للتضامن المترتبة عن الأرباح والدخول، وذلك من خلال اقتطاع مساهمات من أجورهم وتعويضاتهم الشهرية، لكن فرق الأغلبية أسقطت هذا التعديل الذي رفضته الحكومة كذلك، وتم الإبقاء على إلزام الشركات الخاضعة للضريبة التي تحقق أرباحا يساوي مبلغها أو يفوق خمسين مليون درهم، بأداء مساهمة اجتماعية لتعبئة موارد لتمويل المشاريع ذات الطابع الاجتماعي، وستطبق هذه المساهمة بسعر نسبي محدد في 2,5 في المائة على الأرباح المحققة من قبل الشركات المصرح بها ابتداء من فاتح يناير المقبل، وتستثنى من دفع هذه المساهمة، الشركات المعفاة بصفة دائمة والمنشآت التي تزاول أنشطتها داخل المناطق الحرة للتصدير والشركات المكتسبة لصفة «القطب المالي للدار البيضاء».
وخلال الجلسة، تم التصويت على التعديلات التي أدخلتها لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، ومنها تعديلات تتعلق بالرفع من المبالغ والرسوم المفروضة على المشروبات الغازية والمشروبات غير الغازية والحليب ومشتقات الحليب التي تحتوي نسبا عالية من السكر والمشروبات التي تحتوي على مواد التحلية، والمشروبات الطاقية، وبررت ذلك، من أجل الحد من مرض السكري والسمنة المفرطة والأمراض الأخرى التي ارتفعت بشكل مخيف ببلادنا خلال السنوات الأخيرة بسبب الاستعمال المفرط لهذه المواد. وأشار الفريق الاستقلالي، إلى أن العديد من الدراسات والتحاليل توقفت مليا أمام المخاطر الكبيرة التي يسببها استعمال مادة السكر والمشروبات الغازية والمشروبات الطاقية بالمغرب على صحة المواطنين بسبب التغيرات التي عرفها نمط الحياة ببلادنا. فهذه الأمراض التي تتمثل أساسا في أمراض القلب والشرايين، داء السكري، الأمراض الصدرية الحادة والسرطان تكون سببا في حدود 78 في المائة من الوفيات بالمغرب، وبالتالي فإن الرفع من الرسوم سيؤدي إلى النقص في استهلاك هذه المواد، الشيء الذي سينعكس إيجابا على نسبة انتشار الأمراض المزمنة التي تسببها هذه المواد.