الرشيدية: لحسن والنيعام
لم تكد تمر سوى 12 يوما على تعيينه مديرا جهويا للصحة بجهة درعة تافيلالت، دون أن يكون ملفه قد تم انتقاؤه من قبل لجنة متخصصة، ودون أن يجتاز المقابلات التي أشرف عليها خبراء فرنسيون، سارعت وزارة الصحة لتطويق هذه الفضيحة، إلى إصدار «مقرر انتقال»، يوم أول أمس الثلاثاء، حولت بموجبه عبد الرحيم الشعيبي، عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، بصفته مديرا جهويا للصحة بجهة درعة تافيلالت لـ«ممارسة مهام رئيس قسم الشراكة مع مهنيي الصحة بالقطاع والجمعيات ذات الغرض الصحي بمديرية التنظيم والمنازعات».
ودعت وزارة الصحة المدير الجهوي للصحة المثير للجدل إلى التقدم فور توصله بالمقرر إلى مدير التنظيم والمنازعات، قصد استلام مهامه. وقالت المصادر إن هذه الإجراءات المتتالية تكرس ارتباكا واضحا في تدبير هذه الفضيحة، التي طالبت فعاليات حقوقية بفتح تحقيق بشأنها وكشف الملابسات المرتبطة بها، لأن المسألة لا تتعلق برد الاعتبار للمرشح البرجاوي فقط، وإنما لها علاقة بالدفاع عن القانون واحترامه، والشفافية في التدبير والاستحقاق في التعيين.
ووجدت حكومة سعد الدين العثماني بإعادة تعيين الشعيبي مديرا جهويا للصحة بجهة يتولى رئاستها حزب العدالة والتنمية، أمام فضيحة قانونية ثقيلة، حيث تحدثت عدد من الفعاليات الحقوقية المحلية عن أن المرشح الوحيد الذي تبارى على هذا المنصب هو الدكتور امحمد البرجاوي، المدير الإقليمي السابق للصحة، وهو الذي تم انتقاء ملفه، وأجرى المقابلة مع الخبراء، وتضمنت لائحة التعيينات الأولى اسمه، قبل أن يتم إزالته من اللائحة، وإعادة تعيين المدير الجهوي السابق، رغم أنه لم يتم انتقاء ملفه، ولم يشارك في الامتحانات، وكان لحظتها في الديار السعودية بمبرر أداء مناسك الحج.
وجاء في قرار تعيينه المؤرخ بـ13 شتنبر الجاري بأنه عليه أن يتقدم فور توصله بهذا المقرر إلى والي الجهة، وإلى الكاتب العام للوزارة قصد استلام مهامه. واعتبرت فعاليات حقوقية خرجت للاحتجاج على ما أسمته «مهزلة» إعادة التعيين، أن هذا القرار الذي يخرق القانون يرمي إلى تنفيذ مخطط لحزب «البيجيدي» للتحكم في قطاعات اجتماعية أساسية بالجهة. أما النقابة الوطنية لقطاع الصحة التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، فقد ذهبت إلى أن الشغل الشاغل لوزير الصحة هو «زرع» عناصر حزبية في مناصب المسؤولية، مما حول الإدارة الصحية إلى مرافق سياسية.
وانتقدت النقابة ذاتها لجوء الوزارة إلى خبراء أجانب من أجل انتقاء المسؤولين، لكي يتم في نهاية المطاف تعيين الحزبيين، أو عناصر لم تكن معنية بتاتا بعملية الانتقاء، «إضافة إلى سوابقها في سوء التسيير كما هو الشأن بالنسبة إلى جهة درعة تافيلالت»، في تلميح إلى الاحتجاجات الكثيرة التي تسبب فيها المدير الجهوي. وذكرت النقابة الوطنية لقطاع الصحة بأن الاستهتار وصل إلى ذروته، حيث تم التراجع عن التعيينات المعلنة، وتم الإعلان عن «تباري صوري جديد من أجل تنصيب الأسماء التي يمليها الحزب المعلوم في جهته»، في إشارة واضحة إلى حزب العدالة والتنمية.