بدأت وزارة التربية الوطنية، قبل أشهر، بتقييم شامل للكتب المدرسية المعتمدة في مختلف الأسلاك، وخاصة في التعليمين الإعدادي والثانوي. هذه الكتب والتي لطالما تم انتقادها، ليس فقط بسبب طابعها التجاري الصرف، بل بسبب عدم تناسبها مع منظور الرؤية الاستراتيجية لما يسمى بـ«النموذج البيداغوجي». فالوزارة أضحت تعترف بعجزها عن مراجعة كتب المستوى الثانوي، وأن إيقاعات المقررات الدراسية المعتمدة حاليا لا تراعي في أغلب الأحيان قدرات التعلم لدى التلاميذ، لذلك فهي تعمل الآن، وعبر مديرية المناهج، على طي صفحة اختلالات خطيرة سادت طيلة السنوات الماضية، بإنتاج كتاب مدرسي مرجعي لكل تخصص ولكل مستوى دراسي، عبر منهجية علمية دقيقة، «بهدف ضمان جودته وفعاليته التربوية».
فشل في مواكبة رهانات الإصلاح
رغم ما يعرفه العالم من تطور هائل على مستوى وسائل التعلم، فإن عملية الاعتماد الكلي على الوسائط الرقمية في التعلم ببلادنا تواجهها صعوبات كبيرة، بسبب الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها عموم تلاميذ التعليم العمومي، وأيضا بسبب ضعف تجهيزات المؤسسات التعليمية. الأمر الذي يدفع الوزارة إلى مواصلة اعتمادها على الكتاب المدرسي الورقي، خصوصا في ظل المنافسة الشرسة التي يعرفها الكتاب المدرسي الوطني من طرف الكتب الأجنبية، سيما المستوردة من الدول الفرنكوفونية، كفرنسا وبلجيكا وسويسرا.
ومنذ ظهور المنظور الجديد للمناهج التربوية سنة 2003، أي في السنوات الأولى للعمل بالميثاق الوطني للتربية والتكوين، ظلت الكتب المدرسية «مسكوتا عنه»، خصوصا مع ظهور سلسلة تجارية تعلقت بها مصالح أطراف كثيرة اتخذت من الكتاب المدرسي، تأليفا وطبعا وتوزيعا، مصدر اغتناء فاق كل الحدود التربوية. لذلك ظهرت مقاومات منظمة على مستوى مديرية المناهج، وخاصة منذ سنة 2009، وما زالت إلى اليوم، لمنع كل محاولات مراجعة الكتب المدرسية المعتمدة حاليا في التعليمين الابتدائي والثانوي، سيما على مستوى مناسبتها للنموذج البيداغوجي المأمول. وكان من مظاهر هذه المقاومات، التملص مما يعرف بدفاتر التحملات، عبر اعتماد «تنقيحات» لا تتعدى تجديد الأغلفة الخارجية، أو لا تتعدى إضافة جملة «مزيدة ومنقحة» للأغلفة نفسها.
وأرغمت شبكات المصالح الاقتصادية التي نشأت حول الكتب المدرسية مديرية المناهج منذ 2009، على غض الطرف عن عدم تناسب أغلب الكتب مع قدرات التلاميذ في التعلم، وأيضا عدم قدرة هذه الكتب على مواكبة المستجدات المعرفية الحاصلة في مختلف التخصصات، حيث يبدو بعضها متخلفا جدا عن إيقاع المعارف التخصصية، فضلا عن البيداغوجية والديداكتيكية. الأمر الذي أدى إلى سيادة شك لدى المدرسين والمفتشين والتلاميذ وذويهم حول قيمة هذه الكتب، ودفعهم إلى اعتماد الكتب المدرسية الأجنبية المستوردة غالية الثمن.
عوامل كثيرة ساهمت في جمود الكتب المدرسية وتخلفها عن مواكبة متطلبات إصلاح القطاع، منها ما يرتبط بالقدرة الشرائية للأسر، ومنها ما يرتبط بقوة ونفوذ لوبي تأليف وطبع هذه الكتب في مديرية المناهج بالوزارة.
ولم يقف هذا التخلف عند حدود المحتوى، بل يشمل أيضا جوانب تقنية وفنية. فمن خلال ما تم الإعلان عنه في دفاتر التحملات حول مواصفات الكتب المدرسية، والتي شملت تحديدات تهم نوع ورق ونوع الطباعة ووضوح الحروف والكلمات والصور، فإن الهاجس المتحكم والذي يحد من التنزيل الفعلي للمواصفات المذكورة في دفاتر التحملات، هو مراعاة القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة والضعيفة، لذلك يطرح إشكال الموازنة بين الحفاظ على القدرة الشرائية الضعيفة وبين الجودة، التي تتطلب مصاريف مرتفعة لتسديد حاجيات الطباعة واختيار الأجود من الورق والصباغة.
كتاب مدرسي مرجعي
يأتي الحديث اليوم عن الكتاب المدرسي والبرامج والمناهج في سياق معالجة مجموعة من القضايا المرتبطة بالرفع من جودة التعلمات، ومعالجة التعثرات، وتحسين المردودية، وترسيخ القيم، لذلك فالدعوة إلى مراجعة البرامج والمناهج هي جزء من الحل الكلي والشامل الذي وضعته الرؤية الاستراتيجية للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي. فتوفير البيئة التي ستحتضن المنهاج الجديد، وتهيئة البنية التحتية، والقضاء على الفوارق بين كافة المتعلمين، كلها أمور مهمة جدا لإنجاح هذه المراجعة، ولتحقيق تطلعات الإصلاح التربوي التعليمي. ذلك أن المتفق عليه بين الخبراء أن أي إصلاح يروم تغيير البنية التعليمية لا بد وأن يراعي كل الأطراف، ويحدد جميع الاختلالات، وينطلق من رؤية شاملة ومتكاملة.
وفي هذا السياق، يؤكد الباحث محمد الزمراني على ضرورة «جعل جودة الكتاب المدرسي التربوية والعلمية والفنية غاية التأليف، وليس الرهان الاقتصادي الذي يعتمد منطق الربح والخسارة، الذي يهيمن على دور النشر والطباعة». وأيضا «الاعتماد على طريقة في التأليف تضمن الوضوح والنزاهة، والمنافسة الشريفة؛ لتحقيق أعلى قدر من الجودة، سواء بين المؤلفين أو دور النشر».
وأكد الباحث نفسه على ضرورة «التفكير بجدية في الحسم بين الكتاب الموحد، أو الكتاب المتعدد للمادة الواحدة، وما يطرحه من تفاوت وفوارق بين المتعلمين، بسبب الاختلاف المترتب عن الجودة التي يحققها كل كتاب على المستوى المعرفي أو التربوي أو الفني، أو ما يطرحه الكتاب المتعدد من تفاوت اقتصادي ومادي بين المطبعة التي نال كتابها أكثر المبيعات، وبين المطبعة التي لم يتم ترويج كتبها بشكل يحقق لها الأرباح المتوقعة».
وأضاف المتحدث ذاته أنه يتوجب «التفكير في الكتاب المدرسي ذي الجودة العالية، لتوفير الكتاب الوطني الجيد الذي يستطيع الكل شراءه، بدل الكتاب الأجنبي المرتفع التكلفة والغريب عن ثقافتنا المحلية، وذلك إما عن طريق إنشاء مطبعة خاصة بطباعة الكتب المدرسية ونشرها، لضمان أعلى قدر من الجودة الفنية، ولتقليص عدد كبير من المصاريف المادية، فمن المعلوم أنه كلما زادت الكمية المطلوبة من الورق والحبر المستعمل في الطباعة، انخفضت تكلفته، لضمان أعلى قدر من الجودة بأقل الأثمان، للمحافظة على القدرة الشرائية المناسبة لكافة طبقات المجتمع، أو التفكير في إنتاجه بالجودة المطلوبة، مهما بلغت تكلفته المادية مع إدخاله ضمن المنتوجات المشمولة بدعم صندوق المقاصة، للتخفيف على الطبقات الهشة».
//////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////
عن كثب:
النقابة في ميزان قيم التربية
نافذة: يطالبون الدولة بضمان حق الاحتجاج والحق في التعبير عن الرأي ولكنهم يطبقون داخليا أساليب قمعية لا مكان فيها للرأي المخالف
أظهرت التطورات الأخيرة التي تشهدها المنظومة التربوية أن النقابات ليست على ما يرام، وأن الحاجة إلى تجديد أساليب العمل النقابي باتت عاجلة أكثر من أي وقت مضى. فنحن حقيقة أمام نقابات لم تعد مؤثرة في ظل التكاثر غير الطبيعي الذي تعرفه التنسيقيات، والتي باتت توقع بياناتها بكونها مستقلة، وتبتز النقابات، خصوصا نقابة بعينها، وتضعها في وضع غير اختياري، تكون فيه مضطرة بأن تكون شعبوية وداعمة لكل المطالب، بما في ذلك المطالب «المجنونة» وغير المسؤولة، أو يتم التشهير بها بكونها «خائنة» و«عميلة»، بل ويتم التشهير بقادتها بأشخاصهم وأسمائهم وعائلاتهم، كما حدث أخيرا عندما عبر بعض النقابيين والباحثين عن رفضهم لقرار اتخاذ التلاميذ رهائن في معركة نقابية غير ضرورية.
فعندما نقول إن النقابات لم تعد مؤثرة في المشهد التربوي، فهذه حقيقة لا يمكن أن ينفيها أحد. وقد يطول الحديث عن الأسباب التي أوصلتنا إلى هذا المأزق، الذي لا يرضي إلا العدميين الذين يحلمون بأن تؤدي الاحتجاجات إلى تغيير الوضع السياسي في اتجاه يستفيدون منه، ولا يهمهم إطلاقا أن لا يدرس ملايين أطفال الهشاشة، مثلما لم ولن يهمهم أن تقتطع الأجور ولا يجد مئات الموظفين ما يشترون به علبة دواء لأبنائهم أو آبائهم. إذ المهم عند «تجار» الاحتجاجات هؤلاء هو التأزيم، مهما كانت مصداقية الحلول التي يتم طرحها.
قد نتفق على حقيقة وجود أسباب موضوعية وفرها مناخ سياسي لم تعد فيه الإيديولوجيات التقليدية والأفكار السياسية الكبرى قادرة على تحريك الجماهير والتأثير فيها، ودفعها إلى التضحيات الجسام، بغض النظر عن الضرر الذي تعيشه، ولكن ما لا يمكن للنقابيين أنفسهم نكرانه في خضم هذا الضعف الذي يعيشونه في السنوات الأخيرة، هو أنهم مسؤولون بشكل كبير عما آلت إليه نقاباتهم. وبالتالي فهم يجدون أنفسهم في وضعية أخلاقية كلها تناقضات. فمن جهة يطالبون الدولة بضمان حق الموظفين في الاحتجاج السلمي، وحقهم في التعبير عن آرائهم، تحت مسمى «الديموقراطية»، ولكنهم داخليا يطبقون أسلوبا لا يختلفون فيه عن أسلوب حاكم كوريا الشمالية، حيث القمع و«الكولسة» وترتيب النتائج مسبقا قبل الجموع العامة، تحت مسمى «الشرعية»، وكل ما يقال في البلاغات عن التقارير الأدبية والمالية يعد مجرد لغو.
كل هذه السبل تحيل لنقابات تحتكر ملفات معينة بشكل مثير للدهشة، وتفضل بأي طريقة تجميد كل مطالب المعنيين بهذه الملفات، وقمع كل حركاتهم المطلبية، فقط لأنهم لا ينتمون إلى هذه النقابة أو تلك. نتحدث مثلا عن النقابة التي تحتكر تعاضدية موظفي وزارة التربية الوطنية مثلا، ونتحدث عن النقابة التي تحتكر ملف الأساتذة المبرزين وغيرهما.
ففي ملف التعاضدية، فنحن أمام نقابة تحتكرها بكل الأساليب المظلمة والظالمة، من قبيل انتقاء المندوبين الذين سيحضرون الجموع العامة، والاختيار القبلي للمسؤولين مركزيا وجهويا وإقليميا، وتوجيه الانتخابات لاختيارهم. ثم تمتيع المقربين والموالين بالامتيازات المالية والوظيفية لأبنائهم، وفي الوقت نفسه استبعاد المعارضين وتهديدهم جسديا واجتماعيا ووظيفيا. الأمر الذي نجم عنه فساد كبير، وثقته تقارير رسمية، وبدل فتح تحقيقات قضائية لمحاسبة الفاسدين في هذه التعاضدية منذ سنوات عديدة، فإن الوضع وصل حد اليأس. حيث يتوجب على الموظفين الاستعانة بالسماسرة والوسطاء، للحصول على تعويضات مُرْضِية تم اقتطاعها في الأصل من رواتبهم.
لذلك نستطيع الجزم، بأن ضعف تأثير النقابات مصدره الرئيسي هو النقابات نفسها، وكل ما يقال من نظريات مؤامرة، يبقى أمرا يسهل تفنيده. وما علينا إلا العودة لآخر جمع عام لتعاضدية التربية الوطنية، لنستنتج بالبداهة والحس السليم كل هذا.
/////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////
رقم:
19040
انتقل عدد الطلبة المسجلين بسلك الإجازة في التربية بالمدارس العليا للأساتذة والمدارس العليا للتربية والتكوين وكلية علوم التربية من 6059، برسم الموسم الجامعي 2020/2021، إلى 19040، برسم الموسم الجامعي 2022/2023، محققا بذلك قفزة نوعية، حيث تضاعف عدد المسجلين أكثر من ثلاث مرات. هذه القفزة تأتي في إطار تفعيل مقتضيات الاتفاقية الإطار المبرمة بين وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ووزارة الاقتصاد والمالية، بتاريخ 13 يونيو 2022، المتعلقة بتنفيذ برنامج تكوين أساتذة سلكي التعليم الابتدائي والثانوي في أفق 2025، والتي تهدف إلى تعزيز جاذبية مسلك الإجازة في التربية وتشجيع الانخراط المبكر لهؤلاء الطالبات والطلبة في العمل التربوي، والارتقاء بالهوية المهنية لديهم كشرط أساسي لممارسة مهنة التدريس. كما تندرج في إطار تتبع سير تنفيذ برنامج التكوين الأساس لأساتذة سلكي التعليم الابتدائي والثانوي، وذلك انسجاما مع أحكام القانون الإطار 17. 51، المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وتفعيلا لالتزامات خريطة الطريق 2022- 2026، «من أجل مدرسة عمومية ذات جودة للجميع».
///////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////
تقرير:
بنموسى يعلن التباري حول مناصب مديري مراكز التكوين ويؤجل مناصب الأكاديميات
«جيل جديد» من المسؤولين سيرى النور مع الإعلان عن اسم الكاتب العام
نافذة: استبعاد الكاتب العام السابق الذي عمر في منصبه 14 سنة سيؤدي حتما إلى حدوث تغييرات كبيرة في المشهد التدبيري للوزارة
أعلنت وزارة التربية الوطنية عن فتح مناصب العديد من المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين للتباري، بعد انقضاء ولاية أربع سنوات التي قضاها المديرون الحاليون، وشملت الدفعة الأولى أربعة مراكز جهوية، هي مركز جهة الرباط والشرق والعيون والداخلة، على أن تشمل الدفعة الثانية باقي المراكز. وفي مقابل الحرص على تطبيق قواعد الحكامة في مراكز التكوين، اختارت الوزارة «التريث» بخصوص مناصب مديري الأكاديميات، خصوصا وأن بعضهم قد تتم إحالته إلى التقاعد رسميا بموجب حد السن، وبعضهم مرشح للترقي لمناصب مركزية، وآخرون ما زالت وضعيتهم غامضة، سيما في ظل التكتم الشديد الذي يسود محيط مكتب بنموسى بخصوص مستقبل هؤلاء.
حكامة مراكز التكوين واستثناء الأكاديميات
تشهد وزارة التربية الوطنية في الآونة الأخيرة حركية غير معهودة، بدأت بالإعلان لأول مرة في تاريخ قطاع التعليم عن فتح التباري حول منصب الكاتب العام، وأيضا الإعلان عن فتح التباري حول مناصب مركزية، من قبيل مديرية المناهج، وستمتد لتشمل العديد من المناصب المؤثرة، مركزيا وجهويا. آخرها الإعلان، قبل أيام، عن فتح التباري حول مناصب مديري العديد من المراكز الجهوية للتكوين.
متتبعون للشأن التربوي اعتبروا ما يحدث الآن شبيها بـ«لعبة الدومينو»، حيث إن استبعاد الكاتب العام السابق الذي عمر في منصبه 14 سنة كاملة، سيؤدي حتما إلى حدوث تغييرات كبيرة في المشهد التدبيري للوزارة، ليس فقط على المستوى المركزي، مستدلين باستبعاد منهجية التعيين المباشر في هذه المنصب، علما أن شخصيات نافذة في الوزارة كانت تمني النفس بالحصول عليه، بل وعلى المستوى الجهوي أيضا.
وأولى بواكير هذه الحركية الإعلان عن فتح باب التباري حول مناصب مديري العديد من المراكز الجهوية للتكوين، علما بأن هذا المنصب يرقى إلى مستوى مدير مركزي. على أن تشمل الحركية ذاتها باقي المراكز الجهوية.
في مقابل ذلك أجرت الوزارة تغييرا طفيفا، بتنظيم تباري حول بعض الأكاديميات في الجهات الجنوبية للمملكة، وتحديدا في جهتي الداخلة والعيون، بالإضافة إلى جهة سوس، وذلك بعد إحالة مديري هذه الجهات إلى التقاعد. وبغض النظر عن كون هذه الحركية الطفيفة آتية من تقاعد مديري الأكاديميات السابق ذكرها، فإن الإعلان عن التباري حولها والإعلان عن أسماء المرشحين لها بشكل شفاف، يعد في حد ذاته خطوة كبيرة في اتجاه إعمال مبادئ الحكامة التدبيرية الجيدة، قياسا لثقافة تدبيرية سادت لعقود، كان فيها التعيين المباشر والإعفاء من المحاسبة سيدي الموقف.
ترقب لاسم الكاتب العام الجديد
رغم التكتم الشديد الذي يسود في محيط الوزير شكيب بنموسى، بخصوص الحركية الواسعة في صفوف المسؤولين بمختلف الرتب، وخاصة في صفوف مديري الأكاديميات، فإن متتبعين للشأن التعليمي يرون بأن اسم الكاتب العام المرتقب سيشكل مفتاحا لفهم الاتجاه الذي ستذهب إليه الوزارة في اختيار جيل جديد من المسؤولين، وخصوصا مركزيا وجهويا. وفي قراءة خلفيات الأسماء التي خاضت غمار الترشح للحصول على هذا المنصب، نجد بأن الوزارة أضحت أكثر انفتاحا في تقبل جيل جديد من المسؤولين ذوي خلفيات تكوينية وتجارب تدبيرية قد لا تمت بصلة لقطاع التعليم. أي أن الوزارة ستنفتح أكثر على جيل جديد من المهندسين خريجي المدارس العليا الفرنسية. ومن مؤشرات ذلك، أن اثنين على الأقل من المرشحين الأربعة الذين تباروا، قبل أسابيع، حول المنصب ذاته، من خريجي المدارس العليا والجامعات الفرنسية، ثم إن كل أعضاء ديوان الوزير من هذه الخلفية التكوينية.
ويؤكد العارفون بدهاليز الشأن التعليمي أيضا، أن جيلا جديدا من المسؤولين سيرى النور بمجرد الإعلان عن اسم الكاتب العام الجديد، وأن الزمن الذي كان فيه الحصول على منصب مدير إقليمي أو مدير أكاديمية مقتصرا على المفتشين والمتصرفين أبناء القطاع قد ولى، إذ إن الانفتاح على كفاءات من خارج القطاع، بل ومن خارج القطاع العمومي، أضحى أمرا لا مفر منه، سيما وأن المنهجية نفسها تم تطبيقها في قطاعات حكومية أخرى لها علاقة بالاقتصاد والصناعة والتجارة والخدمات.