شوف تشوف

الافتتاحية

وداع بنار الأسعار

بدون سابق إنذار، وفي غياب أي تفسير رسمي، عرفت العديد من المواد الاستهلاكية ارتفاعا ملحوظا في أسعارها. ويتعلق الأمر أساسا بزيادة في أثمان الدقيق، وزيت المائدة، والشاي وبعض القطاني، وكثير من مواد البناء والتي سجلت معظمها قفزة هائلة في الأسعار، دون أن تبادر الشركات المعنية أو الحكومة إلى بسط أي تبرير، أو تفسير لتوضح للمواطن المثقل بنفقات لا حدود لها الأسباب التي تقف وراء رفع الأسعار بهذا الشكل.
والمؤسف في الأمر أن حكومة العثماني تركت المواطن المغربي يواجه ظروفا دراماتيكية مع تغول الأسعار وكأنها غير معنية، وقابلت هذا الارتفاع الصاروخي بالتراخي في تبني أي دور مسؤول وكأن الزيادة في الأثمان في الزمن الانتخابي قدر لا مفر منه أو على الأقل لا يتطلب منها أي مجهود تواصلي لتفسيره، فاكتفت بموقف الصامت الذي لا ينسب له قول أو فعل. وانتظر المغاربة لترتدي المندوبية السامية للتخطيط عباءة الحكومة وتوضح، في مذكرتها الشهرية، أن هذا الارتفاع يعزى إلى تعاقب سنتين من الجفاف على التوالي، وكذلك لارتفاع أسعار المواد الخام الزراعية في السوق الدولية.
أن تكون «حكومة تصريف أعمال» يعني أن تتابع الحكومة أساسيات شؤون البلاد في لحظة الانتقال بين الحكومات التي قد تتحول إلى مرحلة لتهريب القرارات والسياسات. والواقع أنه ليس لدى المواطن من «أساسيات» أكثر إلحاحاً من تأمين استقرار أسعار المواد الغذائية وتأمين خدماته الاجتماعية، إلى حين تحمل الحكومة الجديدة لمسؤولياتها الدستورية والسياسية. فلا يوجد في الدستور ما يمنع حكومة تصريف الأعمال التي ما زال يرأسها حزب العدالة والتنمية من الاجتماع أو اتخاذ قرارات تحافظ على مصالح المواطن بحجة أن الحكومة انتهت صلاحياتها، فالبلاد لا تحتمل الفراغ الحكومي في ظل الظروف غير الطبيعية التي نمر منها بسبب كوفيد 19.
وثمة فرق كبير بين تحمل رئيس الحكومة المسؤولية في مرحلة تصريف الأعمال حتى اللحظة الأخيرة، وبين سلوك لا مسؤول يوحي بأن حكومة العثماني تبخرت في الهواء، بسبب غضبة الأمين العام للحزب الحاكم من نتائج صناديق الاقتراع التي أدخلته في غيبوبة ونسي أنه ما زال يملك مفاتيح الحكومة إلى حين تعيين الملك للحكومة المقبلة.
إن محاولة الحكومة تصريف الأمور الجارية بتجاهل ما يتخذ من قرارات مشينة تمس بالقدرة الشرائية للمواطن، ومحاولة إلصاق قرارات آخر ساعة بحكومة لم تعين بعد، لا يعدو أن يكون حالة من الإنكار للمسؤولية الدستورية والسياسية الملقاة على عاتق السيد العثماني الذي فضل إنهاء ولايته بأسوأ ما يمكن أن يفعله المسؤول السياسي وهو إشعال النار في جيب المواطن بمزيد من الزيادة في لهب الأسعار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى