شوف تشوف

الرأي

واك واك آ الحق

أمضى المغاربة الأسبوع المنصرم وسط جوقة أحداث متسرعة ومثيرة، وتبين أن «فايسبوك» أصبح هو المصدر الأول لتقصي الأخبار والتشكي من الظلم و«الحكرة» في البلاد، وبأن الرقم الأخضر الذي اخترعه مصطفى الرميد لمحاربة الفساد والرشوة أصابه «بوصفير»، ورأينا بسطاء المغاربة يطبقون شرع أيديهم بهواتفهم النقالة، من فرط انعدام ثقتهم في مؤسسات الحكومة وشعاراتها بإسقاط الريع والفساد، والنتيجة هي هذه الفيديوهات التي تملأ مواقع التواصل الاجتماعي من القائد و«مرات الراجل»، إلى «مولات البغرير»، وانتهاء بأزمة «شدان الصف» بين الشعيبية وخولة.
الخطير في التحولات الاجتماعية التي نعيشها اليوم هي أن المواطن لم يعد يلجأ إلى الدولة بمؤسساتها ورجالها لكي تحميه وتسهر على تطبيق القانون، وأن رد الفعل الجديد هو اللجوء إلى «فايسبوك» الذي عوض مكاتب وكلاء الملك ومؤسسة الوسيط ووزارة العدل والداخلية، وتكفي إطلالة سريعة في مواقع التواصل الاجتماعي لنرى كيف تنهال علينا على مدار الساعة فيديوهات لمواطنين من مناطق نائية وقرى مغمورة، تنقل بالصوت والصورة حالة البلاد من طرقات ممزقة ومدارس منكوبة ومستشفيات آهلة بالفئران وغش وفساد في صفقات عمومية وفي توزيع دقيق فاسد مدعم وبيع مواد غذائية منتهية الصلاحية ولحوم فاسدة ورشاو بـ «العلالي» وسط الإدارات والمقاطعات وعلى الطرقات، ومع ذلك يقول رئيس الحكومة في اللقاء التشاوري حول أوضاع السياسة العامة للبلاد الذي نظمه مع ورثة الشيوعيين بأن «التاريخ سيذكر هذه الحكومة».
لقد كان على السي بنكيران وهو في قمة غنجه السياسي ومغازلته للرفاق في التقدم والاشتراكية أن يعيد قراءة أدبيات كارل ماركس خاصة حين يقول إن «التاريخ لا يفعل شيئا، وهو لا يمتلك ثروات هائلة، وهو لا يخوض صراعات، مع أن الإنسان يفعل كل هذا»، والمغاربة اليوم حين ينتفضون في مواقع التواصل الاجتماعي بشكاويهم وتظلماتهم فلأنهم لم يجدوا حكومة تفعل وتنتج الثروة وتخوض صراعات ضارية من أجل حياة كريمة لعامة الناس ولقمة عيشهم وتعليم أبنائهم وصحتهم، لذلك فالتاريخ ليس بببغاء ناطق بلسان العدالة والتنمية، ومن سيذكر هذه الحكومة سيفعل ذلك من باب اذكروا موتاكم بالخير، ليس إلا.
لو وجد المغاربة مستشفيات وأقسام ولادة تسعهم لما قاموا بتصوير النساء الحوامل وهن يضعن مواليدهن على الأرض في أبواب المستشفيات، ولو وجد المغاربة طرقا وقناطر صالحة لتنقلهم لما صوروا طرق عزيز رباح التي تشبه طرقات الرمادي والموصل بعد القصف، ولو كانت مدارسنا تصلح للتربية والتعليم لما صور التلاميذ مدارس هي أقرب إلى مخيمات اللاجئين بلا ماء ولا كهرباء ولا طاولات، …الناس فقدت ثقتها في مؤسسات الدولة المنتخبة والمعينة، والقانون أصبح سلعة تباع وتشترى في «صولد» الرشاوى، والبسطاء لم يعد يسعهم سوى إضرام النار في أجسادهم، أو المخاطرة بحياتهم وحياة غيرهم وهم يرتمون أمام سيارات الملك طلبا للإنصاف، بسبب هذا الفراغ الخطير والمهول في حماية القانون وتطبيقه، وبسبب تواجد مؤسسة كبيرة وحساسة اسمها القضاء خارج التغطية، وأيضا بسبب حكومة تريد على حد قول رئيسها أن تنهي أيامها «باش ما عطى الله».
حكومة بنكيران تصرف 200 درهم شهريا كتعويض عن كل طفل في حدود 3 أطفال ولا تعترف للأجير والموظف بباقي أبنائه كما لو كانوا «حراميين»، يعني أنها تضع رهن إشارة رب الأسرة 6 دراهم في اليوم (ثمن علبة سردين) ليصرفها على ابنه، ومع ذلك يطالب بنكيران برفع النسل المغربي إلى 120 مليون نسمة… والمغاربة لم يجدوا أجورا ولا مستشفيات ولا طرقات ولا تعليم ولا صحة تكفي لـ 34 مليون نسمة فقط، وإلى اليوم لا أحد أجاب الملك عن تسائله أين هي ثروة المغاربة؟، كل ما في الأمر أن بنكيران وصحبه عينهم مفتوحة على ولاية ثانية بعدما فقدوا حاسة البصر لرؤية حال الشعب، أما المغاربة فقد توحدوا داخل «فايسبوك» على الصياح بصوت واحد «واك واك آ الحق».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى