نجيب توزني
في أجواء مفعمة بالحزن وكثير من الذهول والإثارة، أعاد المتهم بقتل سائق «طاكسي» بضواحي سيدي قاسم، صباح أول أمس الاثنين، أمام حشد كبير من مواطني سوق الأحد بمنطقة الشبانات ومسؤولي الدرك الملكي والإدارة الترابية و النيابة العامة، سيناريو جريمته الشنعاء التي نفذها بإيعاز من زوجه الهالك.
وحسب مصادر «الأخبار» التي تابعت العملية، بدا الرجل في وضع مضطرب وهو يعيد تمثيل جريمته البشعة، أمام استنكار كبير عكسته صيحات أبناء بلدته الصغيرة التي وصفته بالمجرم، في الوقت الذي ألفوه بقالا وتاجر مواد غذائية هادئا لا يبرح متجره ويحرص على توزيع الابتسامات والتحايا على أبناء القرية كل صباح. قبل أن يتحول فجأة إلى مجرم من الدرجة الأولى.
البقال المزداد سنة 1973 وهو يسرد وقائع جريمته، أعاد للأذهان نازلة مقتل البرلماني مرداس بالقرب من مسكنه بالدار البيضاء، تطابق في كل التفاصيل، بعد أن انطلقت الرواية في النازلتين من عشق تحول إلى خيانة زوجية، ثم تخطيط محكم بين العشيقين للتخلص من الزوج المزعج، والمشترك الجارح بين الواقعتين هو تورط الزوجة الخائنة في الجريمة والحرص على الإدلاء بتصريحات صحفية وهي تبكي و ترثي فقيدها بعد أن ارتدت بياضا لتناشد السلطات بالكشف عن قاتل زوجها.
وضمن تفاصيل الواقعة كما أعيد تمثيلها، أول أمس الاثنين، ترصد المتهم للضحية بالقرب من منزله، بعد أن أخبرته عشيقته أنه سيغادر البيت في حدود الساعة الثالثة صباحا ليقل شخصا من الدوار إلى إحدى المدن المغربية، ومباشرة بعد مغادرة الزوج لمنزله في اتجاه سيارته (طاكسي)، انهال عليه عشيق زوجته بضربات قوية بواسطة عصا كبيرة، أردته قتيلا على الفور بعد أن أصابته في رأسه، ليحمله على كتفه ويضعه بداخل سيارته، من أجل تمويه الأبحاث بتعرض الهالك لاعتداء من طرف مجهولين .
وعلى مدى أسبوع كامل، كثفت عناصر المركز القضائي التابع لسرية سيدي قاسم أبحاثها بتنسيق مع المصالح الجهوية والمركزية بالقيادة العليا للدرك الملكي بالرباط، من أجل فك لغز الجريمة وإيقاف مرتكبيها، في الوقت الذي حافظ المتهمان على هدوئهما التام، خاصة الزوجة التي ظلت تتلقى العزاء من أفراد العائلة والجيران دون أن تصدر عنها أية مؤشرات على مشاركتها في قتل زوجها، كما أن مرتكب الجريمة ظل يمارس تجارته بشكل عاد وينخرط كباقي أهالي الدوار في ترديد التأويلات والحسرة على فقدان جار عاش معه لمدة عشر سنوات، قبل أن يسطو على زوجته ويدخل معها في علاقة حميمية اعترف خلال التحقيق أنها تحولت لعشق وغيرة كبيرتين دفعته للتخلص من الزوج في أول فرصة أتيحت له بعد تلقي الإشارة من عشيقته .
وانطلقت الأبحاث مع زوجة الهالك التي استمعت لها الضابطة القضائية حول ملابسات الواقعة، وامتد البحث إلى تفتيش مفكرة هاتفها بسبب شكوك حول شبهة خيانة زوجية استندت على شائعات تم تداولها بالدوار على نطاق واسع تزامنا مع مجريات التحقيق، حيث التفت المحققون لمكالمات هاتفية متكررة صادرة من هاتف الزوجة في اتجاه رقم هاتفي واحد عشية ارتكاب الجريمة، قبل أن يكتشف عناصر الدرك أنه يعود لبقال الحي المجاور لمنزل الهالك.
ولم يبذل المحققون كبير عناء في الكشف عن النصف المتبقي من الحقيقة، حيث بادر البقال إلى الاعتراف منذ البداية بجريمته بعد محاصرته بحجج دامغة، قبل أن تلحق به عشيقته المزدادة سنة 1981، حيث أكدت أنها كانت على علاقة غرامية مع بقال الحي منذ سنتين تحولت إلى علاقة جنسية غير شرعية، مضيفة أن زوجها عبر لها ليلة ارتكاب الجريمة عن شكه في خيانتها له مع شخص آخر، لم يحدد هويته، مما دفعها للاتصال بعشيقها وإخباره بهذا المستجد، قبل أن يتفقا على تصفيته في اليوم الموالي ببرودة متناهية تنطوي على كثير من الكيد لدى زوجته التي خططت لسيناريو العملية، من خلال تقاسم برنامج زوجها مع عشيقها بمغادرته البيت في حدود الساعة الثالثة صباحا من يوم الاثنين قبل الماضي، من أجل نقل زبون إلى القنيطرة، وتركت باقي التفاصيل لعشيقها الذي استل عصا بزقاق مظلم حيث أنهى حياة الزوج في دقائق بعد أن وجه له ضربة غادرة على مستوى الرأس تلتها ضربات قاتلة أسقطته جثة هامدة، قبل أن ينقله إلى داخل سيارته ويسلبه بعض حاجياته من أجل إيهام المحققين أن الأمر يتعلق باعتداء وسرقة.