هل مرض السل يرتبط فعلا بالإصابة بنزلات البرد؟
يعتبر مرض السل من الأمراض المعدية جدا، والتي تنتقل عبر الهواء، بحيث إنه يكفي أن يقوم شخص مريض بالعطس أو الكلام أو البزاق، حتى تنتشر العصيات المسببة للمرض في الهواء، وبالتالي يقوم الأشخاص الآخرون باستنشاق الهواء الملوث بالعصيات، فتدخل جسمه عن طريق التنفس، غير أن ليس كل من يتعرضون للهواء الملوث بعصيات السل قد تظهر لديهم أعراض المرض، فمناعة الجسم تختلف من شخص لآخر، وهناك بعض الأشخاص من يستطيع جهازهم المناعي حمايتهم من الإصابة بالمرض، ويقتل الجراثيم المسببة للمرض، بينما هناك أشخاص قد لا تستطيع مناعتهم التغلب على المرض، وبالتالي تظهر الأعراض عليهم.
وتجدر الإشارة إلى أن كل شخص مريض قادر على إصابة عشر إلى خمس عشرة شخصا بالعدوى، بحيث إن ما مجموعه ثلث سكان العالم مصابون بالعدوى بمرض السل، غير أن الأعراض لم تظهر إلا عند خمسة إلى عشرة بالمائة من الأشخاص حول العالم، ولا يرتبط مرض السل بشكل أساسي بالرئتين كما هو معروف، أو قد يحدث بشكل خاص عند الإصابة بنزلات البرد أو في فصل الشتاء، فقد تحدث العدوى دون الحاجة إلى الإصابة بأمراض الشتاء، ولكن بما أن كثرة العطس تزداد عند الإصابة بنزلات البرد فهذا السبب قد يؤدي إلى انتشار العصيات نتيجة كثرة العطس. والسل قد يصيب المعدة، كما قد يصيب الرئتين، والجهاز المركزي العصبي، وكذا قد يحدث أن يصيب كذلك الغدد اللمفاوية.
ويسمى سل العقد اللمفاوية بداء الدرن، وهو نوع من السل الذي يصيب العقد اللمفاوية، وخصوصا تلك الموجودة في العنق، ومن أكثر أسباب الإصابة بداء الدرن، هو شرب حليب الأبقار غير المبستر، وهو حليب الأبقار التي تعاني من نفس المرض، فعملية البسترة مهمة جدا للحليب، من أجل قتل جميع الميكروبات والجراثيم التي يحملها الحليب.
قد يصاب الأشخاص وخصوصا الأطفال منهم بمرض الدرن، ويبقى هذا المرض ملازما لهم لشهور أو لعدة سنوات دون أن يلاحظ المريض أية أعراض واضحة، غير أن أهم الأعراض التي تظهر على المريض هي انتفاخ العقد اللمفاوية الموجودة في العنق، ومع الوقت قد يخرج من هذه الأماكن الصديد الذي قد يسبب آلاما قوية بالمنطقة، ويؤثر أيضا على الجلد، بحيث يصاب المريض ببقع حمراء على جلده، وعلى العموم فأهم أعراض المرض ارتفاع درجة حرارة الجسم، التعرق الليلي، الشعور بالتعب العام، مع نقص في الوزن، نقص شهية الطعام، الإصابة بألم في الصدر مع السعال الشديد الذي يرافقه خرج الدم، والإصابة بالعياء الشديد والتعب.
عندما تظهر إحدى هذه الأعراض أو كل هذه الأعراض على المريض، فلابد حينها من زيارة الطبيب من أجل قطع اليقين والتحقق من سبب هذه الأعراض، وحينها سيعتمد الطبيب في فحصه على طريقتين اثنين، يقوم الطبيب بعمل اختبار السلين، وهي مادة مأخوذة من السل يتم حقنها في الجلد، غير أن هذا الفحص لا يفضله معظم الأطباء لأنه لا يعطي نتائج واضحة للغاية، كما أن نتائج هذا الاختبار تأخذ وقتا للظهور، بينما الاختبار الثاني فهو يعتمد على اختبار البلغم، بحيث يتم أخذ عينة من البلغم، والبحث عن وجود العصيات بها، كما أن نتائج هذا الفحص تظهر بسرعة.
وفور اكتشاف المرض، يبدأ العلاج المكثف للمريض، ويمكن استضافته في المستشفى، وعزله عن باقي المرضى لمنع انتشار العدوى، ويخضع لعلاج مكثف من مجموعة من الأدوية فيما بينها، كما يتم مراقبة المريض ومنحه الدعم النفسي الذي يحتاجه، ومن الممكن شفاء المريض في غضون أسابيع أو أشهر قليلة، كما من المهم جدا تتبع حالته الصحية لضمان عدم عودة المرض أو بقاء بعض الجراثيم حية.
ولأن مرض السل من الأمراض المعدية، فمن المهم دائما تجنب الأماكن المزدحمة والتي لا تصلها كمية كافية من الهواء لتجنب حدوث أية عدوى.