شوف تشوف

الرئيسية

هل كورونا «أمريكي» أم «صيني»

عبد الباري عطوان

اتصل بي صديق يصنف في خانة كبار المحامين الدوليين قائلا إنه لا يستبعد نظرية المؤامرة في انتشار فيروس الكورونا عالميا، وبالتحديد في الصين والدول الأوربية الكبرى إلى جانب إيران المدرجة جميعا في خانة ضحايا العقوبات الاقتصادية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب لإضعاف اقتصادياتها لمصلحة تقوية الاقتصاد الأمريكي.
هذا المحامي الصديق قال لي إن الكثير من الوقائع التي حدثت في الماضي، وكانت موضع شكوكنا، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، تبين لاحقا أنها كانت نتيجة خطط تآمرية مدروسة، وضرب مثلين: الأول أسلحة الدمار الشامل في العراق، والثاني تصريحات أدلى بها قائد قوات التحالف الغربي في حرب البوسنة وقال فيها إن مصادر في هذا التحالف الذي تزعمته الولايات المتحدة قالت له إن هناك خطة لتدمير 4 دول (ثلاث عربية والرابعة إيران)، وعندما سأل: لماذا؟ قيل له إنك ستعرف الأسباب لاحقا.
وزير الخارجية الفرنسي الأسبق، رولان دوما، ذكر في مقابلة تلفزيونية أنه تم الاتصال به قبل الحرب في سوريا بعامين، من جهات متنفذة في الحكومة البريطانية طلبت الاستعانة به، وخبراته، في الملف السوري، وعندما استفسر عن السبب جاءت الإجابة بأن هناك «خطة ما» للتغيير في سوريا عسكريا، فرفض هذا العرض.
نعود إلى فيروس «الكورونا» والحرب الصينية الأمريكية الكلامية المتأججة هذه الأيام وبدأت باتهام المتحدث باسم الخارجية الصينية لوكالة المخابرات  المركزية «سي أي إيه» بنشر الفيروس القاتل في مدينة ووهان عبر جنود شاركوا في دورة عسكرية عالمية فيها في أكتوبر الماضي، وبلغت ذروتها في تسمية الرئيس الأمريكي ترامب للفيروس بأنه «الفيروس الصيني»، وتبني وزير خارجيته مايك بومبيو التوصيف نفسه أكثر من مرة لإلصاق التهمة بالخصم الصيني.
الفصل الأحدث في هذه الحرب تمثل في مطالبة خبراء صينيين البيت الأبيض والكونغرس بتقديم توضيحات حول أسباب إغلاق مختبر «فورت ويتريك» لأبحاث الجراثيم والفيروسات التابع للقيادة الطبية للجيش الأمريكي، والواقع في ولاية ميريلاند في أواخر العام الماضي.
موقع «غلوبال تايمز» الصيني نقل عن خبراء صينيين استعانتهم بمقال نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» في الخامس غشت الماضي، تحت عنوان «وقف أبحاث الجراثيم المميتة في مختبر تابع للجيش الأمريكي بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة». ومن بين الفيروسات التي كان يجري الخبراء في المختبر تجارب عليها فيروس إيبولا وسارس، والأخير يُعتبر الأب لكل سلالة فيروس كورونا، وبرر متحدث باسم المعهد حينها الإغلاق وعدم نشر أي معلومات عن أسبابه بـ«ضرورات تتعلق بالأمن القومي الأمريكي»..
الصينيون يأكلون الخفافيش والكلاب والقطط والفئران منذ آلاف السنين، مثلما نأكل نحن العرب «الضب» و«الجراد» و«البعران» وحتى «القنافذ»، ولم تحصد فيروسات الكورونا التي تشكل «الخفافيش» حاضنة لها، مثلما يقول الأمريكان مئات آلاف الأرواح حسب الاتهامات الأمريكية الحالية.
نسأل عن الأسباب التي تجعل هذا الفيروس والوباء الناجم عنه ينتشر فقط في دول أوربية كبرى مثل ألمانيا وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا، إلى جانب إيران والصين، وهي الدول التي تعيش خلافا متفاقما مع إدارة ترامب، وتخضع لعقوباته وحروبه التجارية، بينما هناك دول مثل الهند وباكستان ومعظم دول جنوب القارة الإفريقية لم يصلها هذا الفيروس حتى الآن، رغم تواضع كفاءة أنظمتها الصحية؟
هناك ألغاز عديدة ما زالت تستعصي على الفهم، ونحتاج إلى تحقيقات دولية محايدة من كبار الخبراء لفك طلاسمها، وأبرزها ما إذا كان هذا «الفيروس الصيني» مثلما يقول الرئيس ترامب، أو «الأمريكي» مثلما يؤكد المسؤولون الصينيون؟
وحتى تبدأ هذه التحقيقات نعترف أننا نميل أكثر إلى الرواية الصينية، لأننا لا نثق بالرئيس الأمريكي الحالي وإدارته وحروبها الفاشية العنصرية وعقوباتها التي تطول ثلث دول العالم تقريبا، وتضع شعار «أمريكا أولا» كصلب سياساتها، ومعيار تعاطيها مع الآخرين، وخاصة الشعوب العربية والإسلامية، وفقراء آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية، ولعل محاولة الرئيس ترامب الاستحواذ على شركة ألمانية توشك على إنتاج لقاح للكورونا، وامتلاكه حصريا، ومنع الآخرين من الاستفادة منه، هو أحد الأدلة في هذا الصدد.
شكرا للحكومة الألمانية التي قالت «لا» كبيرة لهذه الخطوة الفاشية الأمريكية، باحتفاظها ببراءة اختراع هذا اللقاح، ووضعه في خدمة الإنسانية العالمية بأسرها دون أي تفرقة أو تمييز.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى