شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

هل كانت الشيوعية الروسية تُمول الوطنيين المغاربة؟

يونس جنوحي

تحدثتُ إلى واحد من قادة حزب الاستقلال في مدينة الدار البيضاء. إنه داهية ومحام مغربي كُفؤ. وعلى الرغم من أنه أخلى مسؤولية الحزب عن استخدام القوة، فقد أعرب عن أمله في أن تكون هذه القوة سببا في إجبار فرنسا على تحقيق العدالة للمغرب.

سألتُه:

-«لنفرض أن بريطانيا وأمريكا لم تتخذا أي خطوة؟».

-«إن الرجل الغريق لا يُمكنه أن يختار. عليه أن يقبل المساعدات بغض النظر عن الجهات التي تأتي منها».

-«هل تقصد أنه إذا لم تأت المساعدات من مكان آخر، ستقبلون المساعدات من روسيا؟».

-«نحن لا نُريد لهذا الأمر أن يقع. لا يوجد شيء مشترك بيننا والشيوعية».

-«ولكن قد تقبلون المساعدات من روسيا باعتبارها الملاذ الأخير؟».

-«نعم، في سبيل تحرير المغرب سنقبل المساعدات من أي مكان».

لا بد وأن أعضاء الكرملين سينشرحون لسماع هذا الكلام. إن هذه الخطة تتوافق مع جميع الخطط التي كشف عنها الحزب. ومن العدل أن نقول إن قادة حزب الاستقلال سيُعارضون رأي المحامي في الدار البيضاء، لكني اكتشفتُ أنه ليس الوحيد الذي يحمل هذا الرأي الذي يقترن، في أحيان كثيرة، مع اعتقاد مثير للشفقة بشأن الروس.

هذا الاعتقاد مفاده أن روسيا، بعد أن تُجبر فرنسا على الخروج من المغرب، ستترك البلاد بعد ذلك ليقرر المغاربة مصيرهم بأنفسهم.

وجدتُ أنه من الصعب إقناع أصدقائي بأن المغرب لم يكن منطقة جغرافية معزولة وخالية، بل كان جزءا من العالم. إذ إن البلاد منطقة استراتيجية بالغة الأهمية، وهي نقطة من غير المرجح أن تتغاضى عنها موسكو. إن حقيقة أن الشيوعيين كانوا يدعمون حزبا وطنيا برجوازيا كان ينبغي أن تكون، في حد ذاتها، مصدر إثارة للشكوك.

هذا بالضبط ما قام به الروس في أماكن أخرى من العالم. فقد سارعوا إلى تصفية الحزب المحلي وقياداته بعد أن جعلوا منه، بطبيعة الحال، أداة لبلوغ السلطة.

الثقة التي يحظى بها الحزب، والتي كانت واسعة الانتشار، تعادل تقريبا قوة ونفوذ الحزب الوطني في مصر، الذي كان بدوره مثيرا للشفقة.

كانت الصورة الوردية التي أريد رسمها لمصر جعلت منها دولة ديمقراطية إلى حد ما، بمعايير معيشة راقية بالإضافة إلى سعادة مواطنيها، لم أجدها على أرض الواقع ولم أفلح في اكتشافها.

عندما يُعبر لي أحدهم عن أمنيته في «أن يكون المغرب مثل مصر»، لا يمكنني إلا أن أجيب بأنني لا أستطيع أبدا أن أتمنى لبلد صديق أن يصاب بمثل هذا المرض.

إن الفقر المُدقع، المنتشر في مصر، وحكم الأقلية من الباشاوات، وتدني مستوى الخدمات الصحية والاستغلال المُخزي للفلاحين، كلها أمور غير معروفة أو غير مفهومة بالنسبة للمغاربة عن مصر. كما أن موضوع الخطر الداخلي، الذي تواجهه مصر، ليس معروفا أيضا في المغرب، وهو الخطر المتأصل في الفوضى الاقتصادية التي تعيشها البلاد، والفجوة الهائلة بين أغنيائها وفقرائها. كان هناك نقاش مفاده أن «المعضلة المصرية» تطورت بسبب وجود القوات البريطانية في منطقة القناة، وأيضا بسبب تجاهل الظروف الداخلية لمصر أو فهمها بشكل سيئ تماما.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى