شوف تشوف

الرأي

هل صنعت أمريكا فيروس كورونا

محمد عايش

يتلقف الكثير من العرب بشغف بالغ أي فرضية أو مقولة مبنية على نظرية المؤامرة، ويحلو لهم الاعتقاد دوماً بأن الدول الكبرى تتبنى سياسات غير معلنة، وترتكب أفعالاً لا يكتشفها أحد، وعليه تنتشر بين الحين والآخر تفسيرات مؤامراتية لظهور فيروس كورونا، وهي جميعها تفسيرات غير منطقية.
عندما انتشر الفيروس في الصين بداية العام، قيل إن الولايات المتحدة هي التي صنعته مخبرياً، وأرسلت به إلى المنافس الاقتصادي الأكبر من أجل توجيه ضربة قاضية في الحرب التجارية المشتعلة بين الجانبين، وعندما انتقل إلى الولايات المتحدة، عاد التفسير ذاته ليتداوله الناس ولكن بالعكس، أي أن الفيروس ليس سوى سلاح صيني بعثت به بكين إلى الأمريكيين.. وبين هذا وذاك يتداول الكثير من العرب قائمة طويلة من التفسيرات المتقاربة، التي تقوم على افتراض أن الوباء ليس سوى صناعة من إحدى الدول الكبرى.
حقيقة الأمر أن كل هذه التفسيرات خاطئة، ولا يمكن أن تكون صحيحة، على الرغم من كل ما يجري تداوله بين الناس، والتفسير الوحيد المنطقي لظهور هذا الوباء هو أنه ناتج عن فيروس طبيعي ظهر حديثا، ولا يزال العلماء غير قادرين على تحديد كيفية ظهوره ولا أسبابه، ولم يتوصلوا إلى علاج له ولا لقاح للوقاية منه. وحال هذا الوباء كعشرات الأوبئة، التي مرّت على البشرية منذ ظهورها حتى الآن بما في ذلك الوباء الكبير الذي ضرب الكون عام 1918 وأدى إلى مقتل ما بين 50 و70 مليون شخص. افتراض أن كورونا سلاح بيولوجي تم تصنيعه، ينتفي تماماً عندما يتأكد لنا أنه لا يوجد علاج ولا لقاح لهذا الفيروس، إذ عندما تقوم أي دولة أو مختبر أو قوة مسلحة بصناعة سلاح بيولوجي أو كيماوي، أو سموم من نوع أو آخر، فإنها تقوم بالتزامن مع إنتاج السلاح بإنتاج العلاج له، إذ إن العلاج يكون جزءاً من منظومة السلاح، لضمان أن لا يخرج عن السيطرة، فلو كانت الصين قد أنتجت الفيروس فكيف تركته يلتهم أكثر من 80 ألفاً من أبنائها، ولو كانت الولايات المتحدة هي التي أنتجته فكيف تتركه الآن ينتشر ويصيبُ أكثر من مئة ألف؟
عندما حاولت إسرائيل اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل عام 1997 استخدمت في العملية سماً مبتكراً ومصنعاً في مختبرات خاصة، ولم يتمكن أي من الأطباء من اكتشاف ما الذي يحدث في جسد مشعل عندما كان يتهاوى أمام أعينهم، وعند انكشاف العملية تبين أن العلاج الوحيد لهذا السم الوحيد موجود في عبوة يحملها القتلة، وتتوفر عند شخص ثالث كان يجلس بغرفته الفندقية.. أي أن من يصنع السلاح البيولوجي يصنع معه على الدوام العلاج، حتى لا يخرج عن السيطرة، إذ إن السموم التي كانت في أيدي القتلة، كان من الممكن أن تصيبهم هم أيضاً، وهذا ما يستدعي أن يتوافر العلاج بالتزامن مع السلاح.
كما أن افتراض أن واحدة من الدول الكبرى هي التي أنتجت الفيروس ينتفي عندما نجد أن كل العالم يتكبد الخسائر القاسية من انتشاره، فالعالم يتجه إلى أزمة اقتصادية ومالية شاملة ستكون الصين والولايات المتحدة معاً هما أكبر الخاسرين منها، كونهما الاقتصادين الأكبر في الكون. وهذا ما لمسناه عند انهيار أسواق الأسهم الأمريكية مؤخراً، ومسارعة الولايات المتحدة لتبني حزمة إنقاذ قوامها تريليون ونصف تريليون دولار. ما يعني أن تكلفة الفيروس على الأمريكيين كانت كارثية. أضف إلى ذلك أن المستقبل السياسي للرئيس ترامب أصبح في مهب الريح، وإذا استمرت هذه الأزمة لشهرين أو ثلاثة فهذا يعني على الأرجح، أن الرجل سيخسر الانتخابات المقررة في نونبر المقبل.
الخلاصة هي أن فيروس «كورونا» ليس سوى وباء عالمي طبيعي، وكافة دول العالم تتشارك اليوم في جهودها لمكافحته، لأن انتشاره يشكل خسارة للجميع لن ينجو منها أحد، كما أنه تهديد شامل للبشر جميعا، لا يميز بينهم، فهو يصيب الفقراء والأغنياء والمسؤولين السياسيين والعسكريين ونجوم السينما والرياضة وغيرهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى