هل سيصرخ ترامب في وجه الشعب الأمريكي: «أنت مطرود»؟
فدوى مساط
في مدينة «فريهولد» بولاية نيوجيرسي الأمريكية، وجهت الشرطة تهمة التهديد الإرهابي لمواطن أمريكي يدعى جورج فالكون يبلغ من العمر خمسين سنة، بعدما اقترب من عاملة في محل «ويغمنز» وعطس في وجهها، ثم نظر إليها مبتسما وقال إنه مصاب بفيروس كورونا!
نعم، فكورونا لم يعد مجرد فيروس في أمريكا، وقد تحول رسميا اليوم إلى تهمة بالإرهاب، قد تقود صاحبها إلى السجن لسنوات طويلة، وعدد من الغرامات المالية الثقيلة.
هذا الحادث الغريب الذي شهدته ولاية نيوجيرسي يوم الأربعاء يعد مؤشرا على الجدية التي بدأت تعامل بها السلطات الأمريكية فيروس كورونا بعدما سـَفــه ترامب الموضوع، وكرر في عدد من الخرجات الإعلامية أن الفيروس مجرد «خدعة» واتهم خصومه الديموقراطيين ووسائل الإعلام الليبرالية باستخدامه كفزاعة لتخويف الناس.
لكن ترامب اضطر لابتلاع لسانه، والتراجع عن هذه الاتهامات بمجرد أن بدأ الفيروس في التهام أجساد كبار السن، والانتشار بطريقة مفزعة في الولايات المتحدة.
هذا الحادث الغريب يأتي أيضا بعد سلسلة من الاعتقالات شنتها الشرطة في كل من ولاية فرجينيا وولاية أوريغون بحق عدد من الشباب صوروا فيديوهات داخل متاجر عامة وهم يقومون بالعطس على خضروات وفواكه معروضة للبيع، قبل أن يختموا الفيديوهات بابتسامة عريضة واعتراف بأنهم مصابون بفيروس كورونا.
«موضة» هذه الفيديوهات انطلقت على تطبيق «تيك توك» الذي يعج أيضا بفيديوهات قصيرة لتحديات مرعبة يدعو أصحابها الشباب إلى تصوير أنفسهم وهم يلعقون مقابض عربات التسوق بالمتاجر، أو مقابض البيوت وحتى لعق مغاسل الحمامات العمومية.
هناك فيديو شهير لشابة أمريكية شقراء بعينين زرقاوين، قامت بتصوير نفسها وهي تلعق كرسي الحمام «التواليت» وطلبت من أتباعها على «تيك توك» القيام بالشيء نفسه، وتصوير أنفسهم ونشر الفيديوهات على التطبيق.
ويبدو أن هذا الفيروس قد أفقد بعض الأمريكان عقلهم بشكل كامل، إذ بعدما تعاركوا على شراء العشرات من أكياس ورق الحمام البيضاء الضخمة وتكديسها في الخزانات وكراجات السيارات، لجؤوا للوقوف ساعات طويلة أمام محلات بيع الأسلحة لشراء البنادق والمسدسات ومئات الرصاصات، خوفا من المجهول القادم على صهوة فيروس صغير يسميه ترامب «الفيروس الصيني».
كورونا أفقد بعض الأمريكان عقولهم أيضا، لأنه تسبب في رواج نظريات المؤامرة بشكل مفزع، إذ تعج قنوات خاصة بموقع يوتيوب بفيديوهات تشرح بشكل مبسط كيف صنعت الصين هذا الفيروس للقضاء على التفوق الاقتصادي والعسكري لأمريكا، وكيف خطط الحزب الشيوعي الصيني الحاكم بصبر وأناة للقضاء على العرق الأبيض في أمريكا حتى يحول العالم إلى مستعمرة صينية «صفراء».
بينما ذهبت نظريات أخرى إلى أن «الدولة العميقة» داخل الولايات المتحدة نفسها هي من صنعت الفيروس في مختبراتها السرية الذكية، وطورته خصيصا لمهاجمة الأمريكان حتى تنشر الرعب والفوضى، ومن ثم تفرض الحكومة الفيدرالية قوانين الطوارئ في الولايات، قبل أن تقتحم البيوت وتصادر الأسلحة وتخطف الأطفال وتسبي النساء.
ووسط كل هذا الجنون المتصاعد، هناك فئة من الأمريكيين صامتة، خائفة، تراقب عن بعد، تضع يدها على قلبها وتخشى أن تكون كل هذه الدراما مجرد حلقة في برنامج من برامج الواقع التي برع ترامب في لعب دور البطولة فيها في الماضي.. تخاف هذه الفئة أن يرفع ترامب صوته في النهاية كما كان يفعل في برنامجه الشهير «ذي أبرانتيس» ويطرد الشعب الأمريكي بأكمله، تماما كما كان يفعل في برنامجه قائلا:: You Are Fired أنت مطرود!