هل ستنفجر حرب عالمية ثالثة؟
في مقابلة مع صحيفة Handelsblatt الألمانية حذر رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف من «نشوب حرب عالمية جديدة».
ومع كتابة هذه الأسطر تدخل سوريا عاما دمويا مرعبا، في الوقت الذي يتم تناقل خبر الاستعدادات في عملية (رعد) ربما لتدخل بري من قوات سعودية مع قوات عربية أخرى، ويزداد التعقد في الأزمة السورية وتبلغ القلوب الحناجر، فهل هي كما قال الشاعر اشتدي أزمة تنفرجي قد آذن صبحك بالبلج؟ أم أننا كما قال الروسي ميدفيديف على أبواب دخول حرب عالمية؟ وهل ستبدأ فيما لو قفزت إيران ـ كما تحلم ـ فالتهمت البحرين، ثم جن جنونها فقامت بغزو المنطقة الشرقية من السعودية حيث يحتشد الشيعة وفيها ينابيع النفط؛ فلا شك أن المنطقة سوف تلتهب بجنون فظيع الأبعاد، فالحرب لا تحتاج لأكثر من أحمقين وزوبعة غضب وسلاح متوفر.
حاليا يتم في يوتيوب تداول فيديو عن توجيه الحرس الثوري الإيراني صواريخه لمنطقة إنتاج البترول في السعودية في آبار (الغوار) ونحن نعرف أن منطقتين في الكويت والسعودية (الغوار) تنتج 8 بالمائة من النفط العالمي. الهدف من الهجوم هو إدخال الشلل إلى آلة الحرب السعودية بضرب الاقتصاد، ولكن جو الحرب في المنطقة لن يبقى في المنطقة.
فإلى أين سيصل؟ حين دخلت السعودية حرب اليمن ظنتها قصيرة وها قد مر عام منذ بدء الحرب وليس ثمة نهاية في الأفق. في المؤتمر العاشر لمنتدى الاتحاد تقدمت بكلمات قليلة ولكن لم يكن الجو يساعد لالتقاطها، وهي تذكرني بصيحة (بيرتا فون سوتنر) التشيكية قبل الحرب الكبرى حين تم إخراسها بل اعتبرت تصريحاتها خيانة، وهي نفس الكلمات التي قالها تشرشل للعالم الدنمركي (نيلز بور) حين نصحها برفع الاحتكار (المونوبول) عن أسرار السلاح الذري. وحاليا نفهم كلمات هذا العالم مع تفجير الحلوف الكوري قنبلته الهيدروجينية ومكوك المفاوضات مع دهاقنة عبدان وخراسان مع أوباما.
الحرب كما أعرفها أنا دوما بثلاث كلمات: جنون وجريمة وعجز عقلاني وإفلاس أخلاقي.
كتاب جديد من سلسلة عالم المعرفة وقع تحت يدي يعود إلى شهر غشت 2013 العدد (403) يبحث في هذه الظاهرة من جنون بني البشر، بذل فيه المؤلف (ريتشارد نيد ليبو (Richard Ned Lebow) جهدا خرافيا في محاولة الإمساك بهذه الظاهرة الفريدة والمتكررة في تاريخ الإنسان.
عنوان كتابه لماذا تتحارب الأمم؟ الماضي والمستقبل عن دوافع الحرب.
لقد قام الرجل بمحاولة مسح التاريخ منذ عام 1648م فوصل إلى الرقم 150 في عدد الحروب التي خاضتها الدول. وكان أفظعها على الإطلاق ما تم في القرن العشرين.
وحسب (مكنمارا) وزير الدفاع الأمريكي الأسبق أيام أزمة كوبا في أكتوبر 1962 فهو يقرر أن عدد قتلى الحروب
في هذا القرن الذي عشناه بلغ 160 مليونا من الأنام
ويعرف الحرب أنها تلك التي تخوضها مجموعات بشرية متحاربة يصل عدد القتلى فيها على الأقل إلى ألف إنسان، ويذكر عن خطة التشغيل المتكاملة التي كانت في حوزة
قيادة القوات الجوية الأمريكية التي يرمز لها بـ (SIOP) أن 200 مدينة سوفيتية كانت على خارطة المسح بالقنابل الذرية؛ كل مدينة يزيد عدد سكانها عن 25 ألف نسمة.
وذكر وهو الخبير أن توقعاته لعدد القتلى كانت ستبلغ باشتعال حرب حرارية نووية في الطرف الشيوعي ما بين 360 ـ 525 مليونا من الأنام، فإذا رصدنا عدد البشر على وجه الأرض آنذاك أي في الستينات من القرن المنصرم أنها كانت مليارين من البشر، حيث وصل رقم البشر للمليار الأول عام1800 م واحتاج 130 سنة ليصل إلى مليارين في حين بلغ في غشت 2013 أزيد من سبعة مليارات من الأنام (7,144,930,256) فلو وقعت الواقعة في الستينات، وحسب تقديرات (روبرت مكنمارا) أنه وفي الأسبوع الأول كانت ستأكل حوالي ربع الجنس البشري، وسيكون الرد الانتقامي على رؤوس الأمريكيين كارثة تأخذ حياة مائة مليون إنسان إلى الآخرة.
لكن الجميل في الكتاب تقرير بعض الأمور الإيجابية ومنها أن الديمقراطيات لا تتقاتل، وأن تواتر حروب الدول يميل مخططه إلى الانخفاض، وأن عدد الأسلحة النووية وصل يوما ما إلى سبعين ألف رأس لكنه الآن في تراجع، وأن المفاهيم ضد الحرب تأخذ كل يوم اتجاها أعمق في التربة الإنسانية.
يقول (ليبو) المؤلف أن عناصر مثل المكانة والمصلحة والانتقام والخوف محركات لمشاعر الكراهية والانزلاق إلى قدر الحرب، وهو يقول ربما كان تفسير الحرب من فوضوية العالم الذي نعيش فيه، وربما في قسم منه إلى تركيبة أدمغتنا. وهو بحث أكده عالم الأعصاب (مك ماكلين)على ما جاء في كتاب (الخوف الكبير) للجنرال فيكتور فيرنر، أن دماغنا في الواقع ليس دماغا واحدا، بل بالأحرى ثلاث أدمغة متراكبة طبقا عن طبق، بدون ترجمان بينها، وأن قرارات الحرب تأتي أحيانا بدون منطق ومراجعة وعقلانية؛ وإلا كيف نفسر استخدام بشار البراميلي السلاح الكيماوي لإزهاق أرواح 1429 إنسان منهم 426 طفلا في صيف عام 2013.