كشفت وثيقة صادرة عن وزارة الاقتصاد والمالية عن خطة الحكومة لإصلاح نظام المقاصة، حيث سيتم رفع الدعم بشكل تدريجي عن المواد الاستهلاكية المتبقية في الصندوق (غاز البوتان، والسكر والدقيق)، خلال سنتي 2023 و2024، وذلك تزامنا مع تعميم الحماية الاجتماعية وإخراج السجل الاجتماعي الموحد.
وأوضحت الوثيقة التي أحالتها الوزارة على مجلس المستشارين، وتتضمن توضيحات حول الأسئلة التي طرحها مستشارون برلمانيون على وزيرة الاقتصاد والمالية، أثناء مناقشة مشروع قانون المالية، أن نظام المقاصة مكن من مواصلة سياسة الحكومة التي تهدف إلى حماية القدرة الشرائية للمواطنين عن طريق الحفاظ على أثمان البيع الداخلية للمواد الأساسية وحماية النسيج الإنتاجي الوطني من تقلبات الأسعار في السوق الدولية. إلا أنه أمام محدودية نظام الدعم الحالي على مستوى استهداف الطبقات الفقيرة والمعوزة من جهة وارتفاع نفقاته في ظل التحولات الجيوستراتيجية والاقتصادية الكبيرة التي تشهدها الأسواق العالمية من جهة أخرى، أكدت الوثيقة أن الحكومة ستعمل على إصلاح هذا النظام لتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية وكذا لتحقيق التوازن بين الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية.
وحسب الوثيقة، فإن هذا الإصلاح يندرج في إطار الورش الملكي الذي يرمي إلى تعميم الحماية الاجتماعية عبر إطلاق ورش إصلاح منظومة الاستهداف التي ستشكل الأرضية المناسبة لاستكمال إصلاح نظام المقاصة وسيشكل السجل الاجتماعي الموحد، باعتباره الآلية الأنجع لاستهداف الأسر الفقيرة والمعوزة، مدخلا رئيسيا للولوج لكل البرامج الاجتماعية، مما سيمكن من إعطاء رؤية واضحة لإرشاد وتوجيه القرارات السياسية في مجال الدعم. وأفادت الوثيقة بأنه، طبقا للمادة 8 من القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية، من المقرر مواصلة إصلاح نظام المقاصة لإتاحة هوامش لتمويل التعويضات العائلية.
وأشارت الوثيقة إلى أن تعميم التعويضات العائلية للأطفال والأسر غير المستفيدين منها يشكل محوراً أساسياً لمشروع إصلاح وتعميم الحماية الاجتماعية الجاري تنفيذه حالياً، وذلك تفعيلا للتعليمات السامية للملك محمد السادس، وستدخل هاته التعويضات حيز التنفيذ خلال سنتي 2023 و2024. وعلى هذا الأساس سيتم الرفع التدريجي للدعم عن المواد المتبقية في صندوق المقاصة (غاز البوتان والسكر ودقيق القمح اللين)، وذلك وفقا لجدول زمني قيد الدراسة.
وكشفت الوثيقة أنه، في انتظار وضع الشروط القبلية اللازمة لتفعيل الرفع التدريجي للدعم المذكور، تمت برمجة غلاف إجمالي يبلغ 25,98 مليار درهم، في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2023، لمواصلة دعم أسعار غاز البوتان والسكر والدقيق الوطني للقمح اللين.
واعتبرت الوثيقة نفسها أن مشروع إصلاح الحماية الاجتماعية الذي يحظى بتتبع وعناية خاصة من الملك، يعتبر بمثابة ثورة اجتماعية ستمكن من تحقيق نتائج مباشرة وملموسة لتحسين ظروف عيش المواطنين وصيانة كرامتهم وتقليص الفقر والهشاشة إضافة إلى دعم القدرة الشرائية للأسر، حيث ستواصل الحكومة، في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2023، تنفيذ ورش تعميم الحماية الاجتماعية من خلال اتخاذ التدابير القانونية والمالية والتنظيمية لضمان تنزيل فعال لهذا الورش، من خلال العمل على بلورة تصور للإجراءات التي سيتم اعتمادها من أجل تعميم التعويضات العائلية، والمرتقب تنزيلها ابتداء من سنة 2023، حيث سيستفيد منها حوالي 7 ملايين طفل في سن التمدرس و3 ملايين أسرة بدون أطفال في سن التمدرس .
وتتضمن الوثيقة الإجراءات والتدابير التي اتخذتها الحكومة لضمان حسن تنزيل هذا الورش واحترام الآجال المحددة من طرف الملك، ومنها المصادقة على 22 مرسوما تطبيقيا للقانون رقم 98.15 المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، وللقانون رقم 99.15 المتعلق بإحداث نظام المعاشات لفائدة فئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا. ومكنت هذه المراسيم، إلى غاية نهاية شهر غشت 2022، من فتح باب تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لفائدة ما يناهز 3.6 ملايين مستفيد من بينهم 2,22 مليون مؤمن، وفي هذا الصدد، قامت الحكومة بوضع مخطط تواصلي من أجل تشجيع انخراط الفئات المعنية.
كما اتخذت الحكومة مجموعة من التدابير من أجل تسريع تحصيل الاشتراكات وتحسين معدلات التحصيل، وتشكيل لجنة عمل لضبط المعطيات المتضمنة في قاعدة بيانات المستفيدين من نظام المساعدة الطبية وتحديد إجراءات تحويلهم إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من أجل إطلاق تعميم التغطية الصحية الإجبارية لفائدة الفئات الفقيرة والمعوزة، بالإضافة إلى ملاءمة الترسانة القانونية من أجل تحويل المستفيدين من نظام المساعدة الطبية إلى نظام التأمين الإجباري عن المرض، ومواصلة ورش الإصلاح الشامل للمنظومة الصحية الوطنية من أجل مواكبة تعميم التأمين الإجباري عن المرض عبر إعداد الإطار القانوني المرتبط بهذا الورش، وإعداد مجموعة من مشاريع القوانين تتعلق بإحداث المجموعات الصحية الترابية والهيئة العليا للصحة والنظام الأساسي الخاص بمهنيي الصحة، علاوة على إحداث الوكالة الوطنية للأدوية والمنتجات الصحية والوكالة المغربية للدم ومشتقاته، وكذا تأهيل البنيات التحتية الصحية وإحداث النظام المعلوماتي الاستشفائي.
محمد اليوبي