النعمان اليعلاوي
تجري الكثير من المياه في الآونة الأخيرة تحت جسر العلاقة بين الحكومة وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (أكبر أحزاب المعارضة)، وهو ما كشفته كلمة رئيس الفريق الاشتراكي، عبد الرحيم شهيد، في جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة، والتي قطع فيها الشك باليقين حول علاقة حزبه بالحكومة، إذ قال إنه “واهم من يعتقد أننا سنسخن أكتافه، فواهم أكثر منه من يعتقد اليوم أننا سنكون رهن إشارته لنكون حلفاءه المستقبليين، لأننا ندرك جيدا أن المشاركة في تدبير الشأن العام مؤطرة بالمقتضيات الدستورية وباحترام المؤسسات”، حسب تأكيد شهيد، الذي اعتبر أن حزبه “سيظل وفيا لقناعاته أينما كان موقعه في الأغلبية أو المعارضة، وأنه لن يقبل أي تشكيك في مواقفه المبدئية”.
وزاد شهيد قائلا “بقدر رفضنا لأي تبخيس لأدوار المعارضة البرلمانية، ضدا على الدستور، بقدر مناهضتنا لأي تضليل أو تغليط في المشهد السياسي أو التمثيلي”. وانتقل شهيد من كشف طبيعة علاقة حزبه بالحكومة إلى مهاجمتها. وسجل البرلماني ذاته أن الحكومة “بدأت ولايتها بالتغول، وأوصلتها الأقدار اليوم إلى الترهل”، مؤكدا أنه فريق يخشى على الديمقراطية والتعددية السياسية من مثل هذه “الممارسات الإقصائية البائدة التي تحرم المعارضة البرلمانية من حقوقها المنصوص عليها في الفصل 10 من الدستور”، وانتقد ما قال إنه فشل الحكومة في تدبير الوضعية الصعبة للمملكة، وأنها تعاملت مع الموضوع كشعار انتخابي مكمل لشعار الدولة الاجتماعية “الذي بقي حبرا على ورق”، مضيفا أنه، في غياب التقييم المؤسساتي لملف السيادة الغذائية، “نترك مسألة التقييم للشارع الذي تكون حجته الأولى والأخيرة هي الواقع العنيد الذي يعيشه والغلاء المستمر الذي يعاني منه”.
موقف الاتحاد الاشتراكي الذي ترجم نهاية “الهدنة” بين الحزب والحكومة جاء كرد على تصريحات سابقة لعبد اللطيف وهبي، وزير العدل والأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، منتصف الشهر الماضي، والذي أشار إلى الاتحاد الاشتراكي (معارضة) كـ”حليف في المستقبل القريب”، مغذيا تكهنات التعديل الحكومي، وهي تصريحات قالت مصادر إنها لا تعدو أن تكون “حديثا جانبيا” لا يجسد توجها لتعزيز حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية صفوف الأغلبية، على اعتبار أن الأخيرة تتمتع بالانسجام والتماسك، وهو ما أكده زعماؤها، بمن فيهم عبد اللطيف وهبي، خلال اجتماعهم الأخير.
في المقابل، اعتبرت مصادر من داخل الاتحاد الاشتراكي أن الحزب لم “يصرح أو يلمح” بموقف معين تجاه الأغلبية، مبينة أن “الاتحاد الاشتراكي لم يكن في هدنة مع الحكومة، ومواقفه تتماهى مع تموقعه في المعارضة”، تقول المصادر، مضيفة أن “دور المعارضة أساسي لتجويد عمل الحكومة، ونحن نشتغل من موقعنا الدستوري”.
وسبق أن عقدت قيادات من المكتبين السياسيين لحزب التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي لقاء الأسبوع الماضي، ولم يصدر أي بيان مشترك بخصوصه، عكس اللقاءات الأخرى التي جمعت قيادة حزب التقدم والاشتراكية سواء مع نقابتي الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد المغربي للشغل، أو مع حزب الحركة الشعبية. في الوقت الذي أشارت مصادر حزبية إلى أن اللقاء، الذي كان مقررا أن يخصص لتقريب وجهات النظر، كان على العكس من ذلك، حيث إن رفاق نبيل بنعبد الله أغضبتهم الطريقة التي تعامل بها رفاق إدريس لشكر مع طلب الديوان السياسي لحزب الكتاب، إذ ترأس أحمد عبيطة وفد الاتحاد الذي ضم أعضاء من اللجنة الاقتصادية، التي أحدثها الحزب لمتابعة موضوع الغلاء والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة بالبلاد، معتبرا أن الطريقة التي تعاطى بها “الاتحاد” مع “التقدم والاشتراكية” مثلت “تنقيصا” واضحا من الحزب ومبادرته.