طنجة: محمد أبطاش
أضحى مطرح النفايات «باصورا»، بمنطقة مغوغة بمدينة طنجة، أحد كوابيس السكان الذين صاروا يتمنون أن تتوقف جميع أشغال مشاريع «طنجة كبرى»، إلى حين إيجاد حل لهذه القنبلة الموقوتة، خصوصا أن قاطني مقاطعتي بني مكادة و«مغوغة الشرف»، أصبحوا مهددين صحيا، بسبب الروائح الكريهة التي تنتج عن عملية حرق النفايات المنزلية، على أعلى هضبة بعاصمة البوغاز..
«الأخبار» زارت المطرح ووقفت على معاناة من نوع آخر لأشخاص يمتهنون التنقيب وسط النفايات، في الوقت الذي يدر المكان أموالا طائلة على لوبيات تتمنى من جهتها أن يبقى الحال على ما هو عليه، في ظل التفكير في نقل المطرح إلى ضواحي المدينة، حيث احتجاجات جديدة تنتظر هذا المشروع.
اختناق واحتجاج
لم يعد ينظر إلى المطرح البلدي بمنطقة مغوغة بعين الرضا، من قبل المواطنين حيث سبق لعدد منهم أن خاضوا احتجاجات، خصوصا بمنطقة مغوغة وبعض المناطق بمقاطعة بني مكادة، نتيجة الضباب الكثيف الذي تتسبب فيه عملية إحراق النفايات بشكل يومي، كما تسجل بين الفينة والأخرى حالات اختناق في صفوف السكان، بسبب الروائح الكريهة الناتجة أيضا عن إحراق مواد أولية، من قبيل البلاستيك.
هذا وسبقت الدعوة على مواقع التواصل الاجتماعي، إبان اشتعال الاحتجاجات بالمدينة، إلى خوض وقفات إنذارية، قصد دفع المصالح المختصة للتفكير في نقل هذا المطرح خارج المدينة، خاصة أن هبوب الرياح تكون له تداعيات سلبية في هذا الأمر.
شقق مفخخة
على طول الطريق المتجه نحو المطرح البلدي، توجد إقامات سكنية يطلق عليها اسم «الشقق المفخخة»، حيث يشتكي المالكون من مخلفات هذه المزبلة الكبرى، فإلى جانب الروائح الكريهة، هناك مشكل وجود طريق وسط هذه الإقامات تنتقل عبرها المئات من الشاحنات بشكل يومي، ما يتسبب في معاناة لا توصف تقول إفادات من عين المكان، ما حتم على عدد من المالكين تغيير المنطقة، كما تنتشر في صفوفهم عملية بيع الشقق، فضلا عن الكراء، خصوصا السكان الذين يقطن معهم أشخاص مسنون وأطفال صغار.
وشددت التصريحات نفسها على أن هاتين الفئتين أضحتا تعانيان الأمرين.
تجارة مربحة
وسط أكوام من النفايات يشتغل عدد من الأشخاص، على مدار الساعة، بعض منهم يمتهن هذه المهنة بشكل خاص، وتدر على البعض الآخر أرباحا طائلة من ضمنهم شخص يسمى في أوساط هؤلاء بمالك هذا المكان، حيث يتوفر على عدد من الوسطاء والآليات التي وضعها بعين المكان، إذ يقوم باقتناء كل ما يتم تقييمه من قبل ممتهني المزبلة، انطلاقا من المواد الحديدية، فضلا عن البلاستيك وبعض الأواني التي تتم إعادة بيعها، من قبل مقاولته.. في الوقت الذي تنهك الأمراض أجسام هؤلاء الأشخاص بحكم الروائح الكريهة، إلى جانب أمراض جلدية.
وأكدت تصريحات متفرقة، أن السكان أضحوا يتعايشون مع هذا الوضع، علما أن العشرات منهم أقدموا على تشييد منازل عشوائية عبارة عن خيام بمحاذاة هذا المطرح، كما يتناوبون مع زوجاتهم في هذا العمل، حيث إن الرجل إذا اشتغل الليل بشكل كامل، تقوم زوجته خلفا له، بالاشتغال في اليوم بأكمله، في حين أضحى الأبناء، بسبب غياب المدارس، يحترفون هذه المهنة التي تدر على أصحابها أموالا طائلة.
حلول وتدمير
لا تزال فكرة نقل المطرح البلدي تشغل بال الكثيرين، حيث إنه رغم تقدم الأشغال في المطرح الجديد بجماعة «حجر النحل» بإقليم طنجة، فإن قرار المجلس البلدي القاضي بتحويل المشروع إلى هذه المنطقة، أضحى يواجه تحديات أخرى، حيث خرجت فعاليات مدنية ببلاغات سابقة تحذر من هذا القرار، وأن المشروع الجديد من شأنه أن يهدد صحة المواطنين، فضلا عن المحميات المجاورة، منها «تهدارت»، لكونها تتضمن أصنافا نادرة من الطيور، منها طائر «الحبارى الملتحية».
وكشفت الفعاليات نفسها أن هذا النوع من الطير لم تتبق منه سوى أربعة أصناف، وأنها تتأثر بالروائح، كما أن من التحديات التي لم تنتبه إليها اللجان الوصية، أن هذا المشروع سيكون مجاورا للسدود المجاورة، إلى جانب الفرشة المائية لمحمية «تهدارت» التي ستكون مهددة، ما يجعل هذا المشروع الجديد في حد ذاته، قنبلة مدمرة للبيئة والكائنات على حد سواء.
كما أن هذا المشروع يضع أكثر من 20 دوارا بالمنطقة في قلب المعاناة اليومية، بسبب الروائح التي يخلفها، إلى جانب الغبار الذي سيعتلي سماء المنطقة. وطالب السكان المجلس بتغيير هذا المكان، لأنه سيدمر ما وصفوه بآخر متنفس لسكان المدينة، فضلا عن خرق بنود مشروع «طنجة الكبرى» الذي وضع البيئة ضمن أولوياته.