هكذا يحتكر مختبر أمريكي صناعة دواء ريميديسيفير الفعال ضد كورونا
الأخبار
يحتدم السباق بين المختبرات الصحية عبر العالم، من أجل الوصول إلى لقاح ضد وباء فيروس كورونا المستجد، ودواء فعال لمرض «كوفيد 19» الذي يتسبب فيه الفيروس، ففي الوقت الذي اعتمدت عدد من الدول من بينها المغرب، دواء الكلوروكين ضمن البروتوكول العلاجي للمصابين بالمرض، وهو الدواء الذي أظهر فعاليته بشكل كبير، حيث ارتفعت حالات التعافي من المرض في الأيام الأخيرة لتتجاوز أول أمس حاجز ثلاثة آلاف حالة شفاء، تتجه دول أخرى إلى إقرار أدوية أخرى ضمن البروتوكول العلاجي لمرضاها.
وكشف تقرير أمريكي تفاصيل حول ما يدور في دوائر صنع القرار والجدل القائم حول آليات الاختبار الدوائي بالولايات المتحدة الأمريكية، في الوقت الذي أعلنت مجموعة من الدول أنها بصدد إقرار اعتماد العقار لعلاج فيروس كورونا المستجد كوفيد-19، ووفقا للموقع الرسمي لشركة «جلعاد» الأمريكية المنتجة للدواء، والذي انتجته لأول مرة لعلاج فيروس «إيبولا» عام 2014.وتجرى على هذا العقار العديد من الدراسات لإثبات مدى فاعليته في علاج مصابي فيروس كورونا، حيث دخلت دراستان سريريتان منها المرحلة الثالثة لتقييم سلامة وفعالية «ريميديسيفير» في البالغين الذين تم تشخيص إصابتهم بفيروس كورونا بعد المراجعة السريعة.
وبينما تتواصل الاختبارات العلاجية للتأكد من فعالية الدواء الأمريكي الذي بدأ تظهر أولى نتائجه الإيجابية على مرضى «كوفيد 19»، سارع المختبر الأمريكي المصنع له إلى محاولة تضييق الخناق على المختبرات المحلية لصناعة الأدوية عبر العالم، لضماناحتكار صناعته لما ينتظر أن يكون العقار الفعال بقوة ضد كورونا.
احتكار أمريكي لصناعة الدواء
دقت ثلاث منظمات محلية (الائتلاف العالمي للاستعداد للعلاج في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا،وجمعية محاربة السيدا، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان)، في مراسلة وجهتها إلى رئاسة الحكومة، تطالبها فيها بإصدار تراخيص إجبارية لجميع الأدوية والتقنيات القادرة على معالجة مرض «كوفيد19»، وتدق ناقوس الخطر حول مواجهة الاحتكار العالمي للأدوية التي ظهرت فعاليتها في معالجة المرض. وأشارت المراسلة الصادرة عن الجمعيات الثلاث إلى أن مختبرا أمريكيا يمنع شركات الأدوية الجنيسة الوطنية من إنتاج علاجات مضادة لمرض«كوفيد19».
وأشارت الجمعيات، في مراسلتها إلى الحكومة، (تتوفر «الأخبار» على نسخة منها)، إلى أن المختبر الأمريكي «جلعاد» أعلن في 12 ماي 2020، أنه منح تراخيص طوعية لخمس شركات مصنعة للأدوية الجنيسة بكل من الهند وباكستان لتعمل على إنتاج وبيع إصدارات جنيسة من دواء «ريمديسيفير»الذي تم اختباره حاليًا ضد «كوفيد 19» وأبان عن فعالية في العلاج، وهو ما اعتبرت الجمعيات الثلاث أن من شأنه حرمان شركات الأدوية الجنيسة المغربية من إنتاج هذا الدواء محليًا إذا أثبت فعاليته، خاصة وأن الأخير محمي في بلدنا ببراءة اختراع على الأقل حتى عام 2031.
سحب التراخيص..خطوة استباقية
قالت الجمعيات الثلاث، في مراسلتها حكومة سعد الدين العثماني،إنه«بالرغم من أن المغرب من بين الدول التي يمكنها توفير هذا الدواء بموجب هذا الترخيص، فإن قرار جلعاد ليس بالخبر الجيد لبلدنا»، يقول الدكتور عثمان ملوك،الخبير في الملكية الفكرية والوصول إلى الأدوية، ومؤسس الائتلاف العالمي للولوج للعلاج بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مضيفا أنه إذا أثبتت التجارب التي أجريت على «ريمديسيفير» نجاحها، فإن الاستجابة الوطنية الفعالة للوباء تتطلب إنتاجًا محليًا للدواء. إن الاعتماد على مصادر الإمداد الأجنبية في أوقات الأزمات الصحية العالمية لن يخلو من مشاكل٬ كما رأينا من ضبط منتجات صحية عابرة بالعديد من البلدان، أو فيما يخص الأقنعة الواقية كذلك.
وأشار عزيز غالي، رئيسالجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إلى أن «عقار ريمديسيفير تم تطويره في الأصل من قبل مختبر جلعاد ليكون مضادا لفيروس إيبولا، وهذا الدواء محمي ببراءة اختراع في المغربتحت رقمMA35665ثم منحها لشركة جلعاد من قبل المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجاريةOMPIC، والتي تنتهي صلاحيتها في العام 2031»، مضيفا، في اتصال هاتفي مع «الأخبار»، أن المختبر الأمريكي قدم «براءة اختراع أخرى قيد الفحص حاليًا (EP16770866) ، وإذا تم منح هذه البراءة الجديدة، سيتم تمديد الحماية حتى العام 2036».
وأشار غالي إلى أن«الحصول على براءة اختراع يضمن لصاحبها احتكارًا
في السوق حتى انتهاء الصلاحية، غير أنه يحق للحكومة، وفقًا للاتفاقيات الدولية والقانون الوطني، تعليق هذه الحماية لأسباب تتعلق بالصحة العامة والسماح بالإنتاج الوطني يسمى هذا بالتراخيص الإجبارية»،مضيفا قوله:«نطلب من الحكومة أن تطبق على الفور الفصل 67 من القانون رقم 17.97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية بشأن التراخيص الإجبارية بخصوص براءة اختراع ريمديسيفير، ولكن أيضًا على جميع المنتجات الصحية (الأدوية والاختبارات والتقنيات) التي قد تكون ضرورية لمواجهة الجائحة»، وأن «هذا الأمر سيسمح للصناعة المحلية بالاستعداد لتلبية الاحتياجات الوطنية في الوقت المناسب».
الحق في العلاج..مرافعة وطنية
قال أحمد الدويدي، المسؤول بجمعية محاربة السيدا، إن «عشرات الجمعيات الحقوقية والمدنية المشتغلة في المجال الصحي عبرت عن دعمها لمبادرة الجمعيات الثلاث في دعوة الحكومة لحسب الترخيص الممنوح للمختبر الأمريكي»، مبينا، في اتصال هاتفي مع «الأخبار»، أن «المادة 67 من هذا القانون تنص على منحالتراخيص الإجباريةللمنتجات الصيدلانية من خلال قانون إداري، بناء على طلب الإدارة المسؤولة عن الصحة العامة»، مضيفا أن «هذا الأمر يتطلب توجيها من الوزارة الوصية وقرارا يتخذه مكتب الملكية الفكرية،يمنح القانون الحق للدولة في سحب التراخيص التي منحتها للمختبرات ومنح تراخيص ضرورية لتوفير العلاج في الحالات الضرورية».
من جانب آخر، أشار عصام حاجي، عن منظمة الولوج للعلاج في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلى أن «احتكار المختبر الأمريكي لصناعة الدواء في المغرب وباقي دول العالم، سيجعل المواطنين والدولة على السواء في مواجهة الأسعار المرتفعة بشكل كبير لهذا الدواء وصعوبة استخدامه»، مضيفا، في اتصال هاتفي مع «الأخبار»، أن «السعر المحدد من المختبر الأمريكي مرتفع بشكل غير طبيعي، والدولة غير ملزمة بالتفاوض مع صاحب البراءة لإصدار التراخيص الضرورية»، مضيفا أن هذه العملية كان قد «خطاها المغرب في علاج وباء إيبولا حيث تم منح تراخيص للمختبرات الوطنية وتم تصنيع العلاج بسعر منخفض جدا وقد حققنا الاكتفاء حينها والتصدير لبلدان إفريقية»، يشير المتحدث.
وأشار المتحدث إلى أنه «بمجرد تأكيد نتائج التجارب السريرية المختلفة الجارية، سينفجر الطلب العالمي على الأدوية الفعالة، ومن غير المحتمل أن يتمكن خمسة من مصنعي الأدوية الجنسية من الاستجابة لمثل هكذا طلب»، مضيفا أنه «لن يتمكن المغرب من الحصول على الدواء خصوصا أن عدد المختبرات المصنعة لا تتجاوز خمسة مختبرات، وهذه خطوة من المصنع الأمريكي من أجل احتكار صناعة الدواء والتحكم في تجارته بالأسعار التي تريد»، معتبرا أنه«يجب أن يستعد بلدنا لجميع السيناريوهات والاستفادة من جميع الصكوك القانونية الموجودة تحت تصرفه حتى لا يفاجأ».
شعار «أمريكا أولاً» يعيق تطوير لقاح ضد كورونا
أدارت الولايات المتحدة ظهرها للتحالف العالمي الذي يحارب فيروس كورونا، ويسعى لإيجاد اللقاح المناسب.
وأدى نهج إدارة ترامب في البحث عن لقاح إلى استبعاد الحكومة الأمريكية من الجهود العالمية المتسارعة ضد فيروس كورونا، ما أثار مخاوف من التعثر دون دعمها.
ويعتقد العلماء في جميع أنحاء العالم أن البشرية في حاجة لتحقيق العديد من لقاحات (كوفيد-19) الفعالة في وقت قياسي.
ورفضت واشنطن المشاركة في مؤتمر عالمي دعت إليه منظمة الصحة العالمية لمناقشة التزامها بتوزيع لقاح يطور في المستقبل ضد فيروس كورونا، وغابت أيضاً عن مؤتمر نظمه الاتحاد الأوروبي لمناقشة تعهدات دعم الأبحاث المتعلقة باللقاحات والأدوية، والذي تم فيه جمع 8 مليارات دولار لتطوير لقاح.
وأشار ستيفن موريسون الذي يدير برنامج الصحة العالمية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إلى أن البيت الأبيض لم يضع خطة للانضمام إلى المؤتمر العالمي حول اللقاحات المقرر في 4 يونيو.
وقال موريسون: «إن الولايات المتحدة اختارت عدم حضور هذه الاجتماعات، ويبدو أنها تتخذ نهج «أمريكا أولاً».
وتقوم العديد من المختبرات الأمريكية بعمليات البحوث لتطوير اللقاح، وفي معهد ويستار بجامعة بنسلفانيا، استخدم فريق بقيادة ديفيد وينر تكنولوجيا الحمض النووي لابتكار لقاح مرشح يمكن لعمر التخزين الطويل واستقرار درجة الحرارة، أن يسرع من توزيعه حول العالم.
بينما يستعد فريق بيتسبرغ الآن لتطبيق التجارب السريرية، وقدم فريق آخر في جامعة فيلادلفيا لقاحاً مرشحاً لنحو 40 شخصاً، بعد نجاح التجارب الأولية على الحيوانات.
وبينما انسحبت الحكومة الأمريكية إلى حد كبير من القتال العالمي، فإن المختبرات الأمريكية وشركات الأدوية والمؤسسات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، تشارك بشكل كامل في الجهد الأكبر، المرتبط بالشركاء الأجانب في السعي المشترك.
ويقول الخبراء إن جائحة فيروس كورونا تمثل تحدياً علمياً جوهرياً، وحتى اللقاح الناجح لا يمنح مناعة طويلة المدى، ما يعني أن الفيروس لن يهزم في أي بقعه في العالم حتى يهزم في كل مكان.
وفي إشارة لأسلوب الولايات المتحدة، قال تيدروسأدهانومغيبريسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، إنه يجب على الجميع حماية المجتمع، لا أحد منا في أمان حتى نكون جميعنا في أمان.
وبحسب العلماء، يمكن أن يتم إنتاج لقاحات ضد كورونا على نطاق واسع خلال 12 – 18 شهراً، وتقوم منظمة الصحة العالمية بتطبيق التجارب السريرية على 8 لقاحات مرشحة، بينما هناك 100 مرشح إضافي في مرحلة ما قبل التجارب السريرية.
ويرى العلماء أن ترامب يرسل رسالة للعالم الدولي، أن أمريكا تتخذ الإجراءات بمفردها وهي أقل اعتماداً على الآخرين.