طنجة: محمد أبطاش
رحب سكان مدينة طنجة بالمقترح الذي جرى المصادقة عليه من طرف الجهات الوصية بالمدينة، ممثلة في سلطات ولاية جهة طنجة والمجلس الجماعي، خلال الأشهر الماضية، والمتعلق بإغلاق المطرح البلدي نتيجة الضرر الكبير الذي خلقه في أوساط سكان أحياء توجد قبالته، غير أن هذا القرار سرعان ما اختفى من برنامج ولاية الجهة وجماعة طنجة وانقطعت أخباره، مع العلم أنه تم التأكيد على أن في شهر شتنبر المنصرم، سيتم رسميا تنقيل المطرح صوب منطقة الدالية، غير أنه بعد دخول شهر نونبر الجاري يتساءل الكل عن مصير هذا الملف، بالتزامن مع الروائح الكريهة التي يستنشقها سكان المدينة، صباح مساء.
شبهات حول صفقة 90 مليون درهم
في الوقت الذي تتجه كل الأنظار إلى المجلس الجماعي للكشف خلال الدورات المقبلة، عن تفاصيل مشروع نقل المطرح العمومي، ومصير صفقة 90 مليون درهم التي خصصت له، فإن هناك شبهات تحيط بالملف حسب أكثر من مصدر، سيما وأن الجماعة لديها أكثر من منفذ للتخلي عن الملف برغم مسؤوليتها الكاملة، بعد أن اكتفت بدور المتابعة التقنية وتنسيق الأشغال والإشراف فقط، علما أن الأمر أثار الكثير من الجدل في أوساط هيئات مدنية، على اعتبار أن دور هذه المؤسسة المنتخبة هو تمثيل المواطنين لدى المؤسسات الوصية في إشارة إلى سلطات ولاية جهة طنجة، التي تتحكم في طريقة صرف ميزانية المطرح، وهو الأمر الذي أخر هذه الاتفاقية لعدة أشهر نتيجة ما وصفته المصادر نفسها بالعشوائية في التسيير، بالرغم من كون معاناة السكان وصلت مداها الأقصى حول الأضرار الناتجة عن هذا المطرح.
احتجاجات على الأبواب
إذا كان ملف المطرح قد تحول إلى ما يشبه لغز، ترفض كل جهة الكشف عن مضامينه، فإن كل السيناريوهات تؤكد أن سكان منطقة الدالية يستعدون لتنظيم وقفات احتجاجية، لكون المطرح الجديد الذي يُشيد في منطقتهم، سيتسبب في ترحيلهم، حيث سبق للسكان أن هددوا بتنظيم مسيرة اتجاه ولاية جهة طنجة، بفعل مخاطر المطرح وأنه سيهدد حياتهم، بينما تجاهل المجلس الجماعي الأصوات الداعية إلى ضرورة إبعاد نقطة التفريغ الجديدة عن عاصمة البوغاز لعشرات الكيلومترات، بهدف إنهاء الاحتقان الذي يخلفه هذا الأمر.
وسبق للسكان القاطنين بمناطق الدالية أن نبهوا إلى أن المطرح من شأنه تدمير الغطاء الغابوي أيضا، وكذا تهجير ما تبقى من الجماعات القروية بسبب عملية حرق النفايات، حيث إن الشركة المكلفة بالنظافة هي الأخرى تتحمل جزءا من المسؤولية في إطار غياب تجهيزات أساسية لعملية فرز هذه النفايات، ولما لها من سلبيات تعود بالأساس على صحة المواطنين، الذين يستنشقون الدخان الصادر عنها بشكل دوري.
انتظارات تذهب أدراج الرياح بسبب الحسابات
قال حسن الحداد، الفاعل الجمعوي والحقوقي في تصريح خاص لـ«الأخبار» بخصوص هذا الملف، إن قضية النفايات المنزلية والبعد البيئي الذي يعتبر جوهر برنامج طنجة الكبرى يطرحان العديد من التساؤلات، إذ إن كل التوقعات ذهبت أدراج الرياح حول ملف المطرح العمومي. وقال إنه تبين بعد تسليم الملف إلى مكاتب الدراسات أن لا علاقة لها بواقع طنجة، إذ إن كل ما قيل واتفق عليه أصبح من المستحيل إنجازه، سواء بالنسبة إلى مطرح مغوغة أو مركز الطمر والتثمين بالمنزلة.
واعتبر المصدر نفسه أن أول عائق لتأهيل مطرح مغوغة يتمثل في الشبكة الطرقية، إذ ما أن انطلقت الأشغال حتى اصطدمت بالواقع، خصوصا وأنه قد وقع مشكل كبير يتعلق بتراجع وانسحاب جميع الشركات، التي قامت بإيداع ملفها للتنافس للفوز بصفقة تدبير مركز الطمر والتثمين بالمنزلة، إلا أن دفتر التحملات والتكلفة المالية ونسبة التدوير والتثمين كانت مرتفعة، حسب دفتر التحملات.
السؤال المطروح حسب الحداد، هو هل الجماعات الترابية لها ميزانية مالية، يمكن أن تواكب المستجدات المالية والمصاريف الجديدة في تدبير قطاع النظافة؟ وفي ظل التخبط وكثرة المتدخلين وغياب الحكامة والشفافية والتشاركية، ارتأت الجهات الوصية في ظل تأخر فتح المركز الجديد بالدالية، إغلاق مطرح مغوغة القديم وفتح مطرح جديد بجواره، لكن تمت مراجعة البرنامج من جديد، حيث كان مقررا إنجاز مركزين للتحويل حسب المشروع الأولي، وهما مركز الجهة الشرقية ومركز للجهة الغربية، غير أنه في ظل غياب وعاء عقاري ولحسابات مجهولة، تم التخلي عن فكرة مركزين للتحويل، والاعتماد على إنجاز مركز واحد بالجهة الجنوبية بجماعة العوامة، ولا تزال المعاناة مستمرة إلى حدود اليوم، حسب الحداد.