عن اليونيسيف (بتصرف)
مع ارتفاع حصيلة الإصابات والوفيات من جراء وباءكوفيد-19 في جميع أرجاء العالم، أغلقت المدارس والجامعات كإجراء احترازي للحد من انشار فيروس «كورونا»، الأمر الذي حرم الطلاب والتلاميذ من الذهاب إلى المدارس وحضور الفصول الدراسية، من أجل الالتزام بالحجر الصحي الذي فرضته جل الدول.
في ظل هذه الأزمة الصحية العالمية، كيف يمكن للمراهقين أن يحافظوا على سلامة صحتهم النفسية؟
تعرفوا على بعض النصائح والطرق التي سوف تساعد الأطفال والمراهقين في تجاوز هذه الأزمة المؤقتة من خلال هذه المقالات.
تعتبر مرحلة المراهقة مرحلة صعبة بحد ذاتها، إلا أن وباء فيروس «كورونا» المستجد (كوفيد-19) زاد من حدتها. ومع إغلاق المدارس وإلغاء جميع الأنشطة الترفيهية، يفتقد العديد من المراهقين بعضا من أهم لحظات حياتهم كقضاء بعض الوقت الممتع مع أصدقائهم أو المشاركة في الدروس.
نخبر المراهقين الذين يواجهون تغيرا جذريا في حياتهم نتيجة تفشي وباء فيروس «كورونا»، ويشعرون أيضا بالقلق والعزلة وخيبة الأمل، أنهم «ليسوا لوحدهم». في هذا المقال تحدثنا الأخصائية النفسية بمرحلة المراهقة، وكاتبة العمود الشهري في مجلة «نيوزويك» الدكتورة ليزا دامور عما يمكنك فعله للعناية بنفسك وبصحتك العقلية.
- -اعلم أن قلقك أمر طبيعي تماما
إذا ما كان إغلاق المدارس والأخبار التي تتحدث في كل مكان عن الوباء يجعلانك تشعر بالقلق، فأنت لا تعاني من ذلك بمفردك. بل إن ذلك هو الحال الطبيعي الذي يجب أن تكون عليه. تقول الدكتورة دامور «لطالما وجد أخصائيو علم النفس أن القلق أمر طبيعي وعامل صحي ينبهنا إلى التهديدات التي تواجهنا لنحتاط منها بأخذ الإجراءات المناسبة لكي نحمي أنفسنا. إن القلق الذي يجتاحك سيعينك على اتخاذ القرارات التي تحتاجها الآن، كعدم التجمع لقضاء الوقت في مجموعات، وغسل يديك باستمرار، وعدم لمس وجهك». «هذا لا يعينك فقط على حماية نفسك بل ويساعد الآخرين أيضا في هذه المرحلة». و»نحن بهذا الأسلوب نساعد أيضا أعضاء المجتمع الذي نحن فيه. فنحن نفكر أيضا بالناس الذين يحيطون بنا».
صحيح أن القلق من كوفيد-19 مبرر، إلا أن الدكتورة دامور تنصح المراهقين بالتأكد من استخدام «مصادر موثوقة للحصول على المعلومات [مثل موقعي اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية]، أو التدقيق في أية معلومة يمكن أن تصل من مصادر أقل موثوقية».
في حال ما كان المراهق يخشى من معاناته من الأعراض، فمن المهم أن يتحدث إلى والديه عن ذلك. تقول الدكتورة دامور «إن أعراض داء كوفيد-19 عادة ما تكون متوسطة الشدة، وخاصة عند الأطفال والشباب. ولا تنس أيضا أن العديد من أعراض كوفيد-19 يمكن علاجها». لذا تنصح الدكتورة بأن يخبر الأطفال والشباب آباءهم أو أي شخص بالغ يثقون به إذا ما شعروا بالتوعك، أو القلق من الفيروس، حتى يتمكنوا من تقديم المساعدة.
للتذكير، تقول الدكتورة: «هناك العديد من الإجراءات الفاعلة التي يمكن أن نتخذها لنحمي أنفسنا وغيرنا ولنتحكم أكثر بظروفنا: كغسل الأيدي مرارا، وعدم لمس وجهنا، والمداومة على التباعد الاجتماعي». - -إيجاد ما يصرف نظرك
تقول الدكتورة دامور «يرى الأخصائيون النفسيون أننا عندما نكون تحت ضغط ظروف صعبة جدا، فمن الأفضل أن نضع المشكلة في إحدى الفئتين: الأمور التي نستطيع القيام بشيء حيالها، والأمور التي نقف عاجزين أمامها».
هناك الكثير من الأمور التي تقع ضمن نطاق الفئة الثانية حاليا، وهذا أمر طبيعي. ولكن ما نستطيع القيام به هو أن نجد شيئا ما يشتت انتباهنا عما نحن فيه. تقترح الدكتورة دامور أنه علينا أن نقوم بأداء واجباتنا المدرسية، أو نشاهد فيلما نحبه، أو نذهب إلى السرير ونقرأ رواية لنستعيد الراحة والتوازن في حياتنا اليومية. - -جد طرقا جديدة تستطيع من خلالها التواصل مع أصدقائك
إذا ما كنت تريد أن تمضي وقتا ممتعا مع أصدقائك مع تطبيق العزلة الصحية، فإن وسائل التواصل الاجتماعي تعد أدوات رائعة لذلك. تقول الدكتورة دامور «لا يجب أن نقلل أبدا من قدرة المراهقين على الإبداع. برأيي سيجدون طريقة يستطيعون من خلالها التواصل مع بعضهم البعض عبر الإنترنت بطرق تختلف عما اعتادوا عليه سابقا».
«ولكن يجب ألا يترك الأمر دون قيود في ما يتعلق بالجلوس أمام الأجهزة الذكية والإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي. فهذا ليس بالأمر الصحي أو الصائب، كما أنه قد يعزز القلق لديهم». تنصح الدكتورة دامور بوضع جدولبتنسيق مع الآباءيبين الساعات التي سيقضيها الطفل أو المراهق على الأجهزة الذكية. - -طور نفسك
إذا ما كنت ترغب دائما بالقيام بشيء جديد، كإمضاء بعض الوقت في قراءة كتاب أو العزف على آلة موسيقية، فهذا هو الوقت المناسب لذلك. إن تركيزك على تطوير نفسك واستغلال الوقت الإضافي الذي حصلت عليه يعد وسيلة مثالية للاعتناء بصحتك العقلية. تقول الدكتورة دامور «لقد أعددت قائمة بكل الكتب التي أود قراءتها وجميع الأشياء التي لطالما وددت القيام بها» - -تجاوب مع مشاعرك
أن تفتقد الأنشطة التي كنت تمارسها مع أصدقاءك وهواياتك والمباريات الرياضية يعد أمرا محبطا للغاية. تقول الدكتورة دامور «تعد هذه خسائر فادحة. وتثير الغضب. وهو سلوك طبيعي لدى المراهقين». والطريقة الفضلى للتعامل مع خيبة الأمل هي أن تتجاوب معها. «لكي نتجاوز الشعور بالألم علينا أولا أن نعترف به ثم الحزن على ما مضى لتبدأ بعد ذلك من جديد».
إن التعامل مع المشاعر يختلف من فرد إلى آخر. تقول الدكتورة دامور «بعض الأطفال سيتوجهون إلى الفن، فيما سيذهب آخرون إلى التعبير عن حزنهم والحديث عنه مع أصدقائهم، كوسيلة للشعور بأنهم متواصلون زمنيا إن عجزوا عن فعل ذلك مكانيا. أما البعض الآخر فسيتجه إلى العمل التطوعي». ما يهم في الأمر هو أن تقومبما تشعر أنه الأنسب لك. - -كن لطيفا مع نفسك ومع الآخرين
بعض المراهقين يواجهون التنمر في المدرسة بسبب فيروس «كورونا». تقول الدكتورة دامور «إن المتفرجين الفاعلين هم الحل لأي نوع من التنمر. فليس على الأطفال الذين يواجهون التنمر أن يتصدوا له وحدهم. علينا أن نشجعهم على الاعتماد على أصدقائهم والبالغين لتلقي المساعدة والدعم».
يجب أن نتذكر دائما: الآن وأكثر من أي وقت مضى، يجب أن نكون أكثر وعيافيما نشاركه أو نقوله حتى لا نسبب الأذى للآخرين.
كيف تحفز ابنك المراهق على الدراسة دون أن يشعر بالإرهاق
إن فرض الحجر الصحي في عمر يرغب فيه المراهقون قبل كل شيء في ترك عش العائلة للقاء أصدقاءهم، قد يجد هؤلاء الشباب صعوبة كبيرة في التأقلم مع الوضعية الجديدة. في حين أن العديد من الآباء يشعرون بالقلق إزاء مستقبلهم، فإن إجبارهم على العيش معا يمكن أن يؤجج الصراعات بشأن المسائل المدرسية. نصائح بريجيت بروت، عالمة النفس التربوية، من أجل إيجاد توازن هادئ مع المراهقين.
- بعد أيام من الحجر الصحي، هل أدرك المراهقون الفرق بين الإجازة والدراسة في المنزل؟
لقد أدركوا الوضع فكريا، ومع ذلك، من الناحية النفسية، بالنسبة لمعظمهم، فإن الوضع بعيد كل البعد على أن يكون كذلك. على الرغم من كل شيء يسمعونه، فلا يزال هناك شعور قوي بأن العزلة تتعلق بإجازة، وبالتالي الإغراء بعدم الخوض في الدراسة. كما أن الموعد النهائي الذي حدد في20 أبريل [الموعد المقرر حاليا من طرف الحكومة المغربية لرفع حالة الطوارئ – ملاحظة المترجم] يبدو بعيدا وغير مؤكد بنسبة 100٪.
أولئك الذين تتم مساعدتهم بشكل أكبر في مواجهة فخ التسويف هم أولئك التلاميذ الذين يطلب منهم المعلمون أداء الواجبات المنزلية أثناء الحجر الصحي. إذ من شأن ذلك أن يؤطرهم ويوجهم ويساعدهم على التنظيم. لقد أصبح العديد من طلاب المدارس الثانوية الذين أرافقهم على دراية بمستواهم بفضل هذا العمل الذي سيتم إرجاعه،والملاحظات التي سوف نقدمها لهم. لقد فهموا أنه علينا أن نبدأ في العمل. - ماذا يقول الطلاب الذين سوف يجتازون الامتحان الموحد أو البكالوريا هذه السنة؟
إن الفخ يكمن في قول «بما أننا لا نعرف المجهول، فإن الوقت لصالحنا». سوف يجتاز بعض الطلاب امتحانات تجريبية مقررة بعد استئناف الدراسة، إذ سوف يعيد ذلك القليل من النظام والتحفيز.
في ما يخص عامة الطلاب، يجب أن نراهن على الجماعية، لأنه جيل يتم تحفيزه بشكل خاص عبر العمل المشترك. على سبيل المثال، يمكن للمراهق أن يدرس مادة بمفرده في الصباح ويناقشها في المساء عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع مجموعة صغيرة من أصدقائه وتبادل وجهات النظر وإعادة شرح نقطة معينة من الدرس … وهذا سيساعده على معرفة مدى تقدمه في مراجعاته. بالإضافة إلى ذلك، فإن مشاركة جدول زمني مشترك سيسمح له بعدم الشعوربالانزواء. لا نعرف تاريخ الاختبارات، ولكن لن يتم تجاوزها: لذا يجب أن تكون جاهزا. - هل يجب تنظيم اليوم تبعا للجدول الزمني للصف؟
قضاء اليوم في الدراسة تماما كما لو كنت في المؤسسة، أمر غير ممكن: إذ إن الإطار يختلف تماما! من ناحية أخرى، من الضروري اختراع طرق لتنظيم اليوم. من السنة الأخيرة من الإعدادي إلى البكالوريا، يمكن التفكير في ساعة ونصف إلى أربع أو خمس ساعات من الدراسة يوميا. وتعد أفضل طريقة لتعبئة المراهق سؤاله عن الطريقة التي يخطط بها للعمل خلال اليوم من أجل النجاح في هذه الدورة الأخيرة، بدلا من فرض جدول زمني عليه. في جميع الفصول، تعد هذه الدورة حاسمة في المسار الدراسي. ومن خلال تقديم اقتراح تنظيمي لوالديه، سوف يلتزم المراهق من تلقاء نفسه. - هل من الصواب أن يتقمص الآباء دور المعلم؟
لا ثم لا! إنك لا تقوم بالدراسة في المنزل، لكن ابنك المراهق، بطريقته الخاصة، يشتغل عن بعد. يشكل قلق الآباء، الذين يلاحقون أبناءهم، عائقا كبيرا أمام حافز المراهقين، والذين يسألونهم باستمرار عن مدى تقدهم في الدراسة وما إذا كانوا لا يجدون صعوبة في المذاكرة.
المراهقون على دراية بالتحديات، وهم قادرون على التخطيط والالتزام ببرنامج معين. من البديهي أنهم لن يطلعوا الآباءعلى ذلك، لأنهم لا يريدون تلبية رغبات آبائهم علانية. وبالتالي فإن فترة العزلة الصحية تعد الوقت المناسب ليتعلم الآباء التخلي عن السيطرة والتراجع ومنح الثقة. تسمحهذه النقطة الأخيرة للمراهقين بأن يكونوا منظمين، وأن يشعروا بالحماس والرغبة في النضج. يمكنك أن تقول لابنك: «أريد أن أثق بك، بل أعدك ألا أسألك عن دراستك كل يوم. ومع ذلك، أخبرني بما تحتاجه للنجاح في هذه الدورة». أخبرني أحد الآباء الأسبوع الماضي عن مدى اندهاشه عندما أجاب ابنه المراهق: «هل يمكنني أن أريك ما درسته مرة واحدة في الأسبوع؟»
في العزلة الصحية، كيف يمكن توفير فضاء خاص للمراهقين؟
يعد الفضاء، مع مرور الوقت، أحد أعمدة التحفيز. عندما لا يكون هناك مساحة جغرافية كافية، فإن الأمر يتعلق بإيجاد ترتيب للفضاء يناسب الجميع مع الوسائل المتاحة والممكنة. ويتماشى ذلك مع تنظيم الوقت على مدار اليوم. والمثالي، أن يجتمع الجميع في نفس اللحظات التي سوف يشتغلون فيها. لست مضطرا للدراسة مع ابنك الأكبر ثم الأصغر أثناء العمل عن بعد، ولكن من الأفضل أن يبدأ الجميع في نفس الوقت وينتهي الجميع بالسرعة التي تناسبهم. في تلك الأثناء سوف يسود الصمت بشكل طبيعي لفترة زمنية محددة. ثم تلتقي العائلة في وقت مشترك، مثل الوجبات. اطلب من ابنك المراهق المساعدة في هذه المسألة، إنه جيل مبتكر للغاية، يمكن أن يملك حلولا جيدة لكي يتقاسمها معك!
بين العمل عن بعد والدروس عبر الإنترنت، تكون الشاشات الإلكترونية في كل مكان خلال أيام الحجر الصحي. إنه عكس الخطاب الذي يتبناه الآباء عادة…
أقترح إنشاء اتفاق عائلي لإحداث الفرق بين الشاشة التي تساعد على المضي قدما (العمل عن بعد، الدروس عبر الإنترنت…) والشاشة التي تغذي التسويف. ويحتم ذلك أن يكون الكبار قدوة في هذه المسألة. إذا رأى المراهق أن والده يجلس طوال اليوم أمام الشاشة ويدرك أن والده انتهى من العمل، فمن الصعب المطالبة بسلوك مختلف عنه. ويعني ذلك أيضا تحقيق التوازن مع الأنشطة العائلية الأخرى.
التعلم لا يعني فقط الدراسة. غالبا ما نبحث عن أنشطة نقوم بها مع الصغار، ولكن ماذا يمكننا أن نفعل مع ابننا المراهق؟
المراهقون يحبون ألعاب الطاولة. في كثير من الأحيان لا يجدون من يشاركهم اللعب من أفراد العائلة. إن فترة العزلة الصحية هذه تعد فرصة لإخراج هذه الألعاب، إن الشباب لن يخبروا آباءهم بأنهم يرغبون في قضاء المزيد من الوقت معهم، لكنني ألاحظ ذلك في العيادة، إنهم ينتظرون ذلك. يعد العزل الصحي فرصة جيدة لتوطيد العلاقات.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الأجيال الجديدة تولي اهتماما كبيرا بالطعام، ليس فقط بسبب البرامج التلفزيونية، ولكن أيضا لأسباب بيئية واحترام الكوكب. إنهم مهتمون بالطبخ. إن تعليم المراهق وصفة، أو حتى تكليفه بمسؤولية إعداد وجبة، تعد طريقة لإشراكه في الحياة الأسرية، وإثبات أنه يستطيع تقديم شيء للعائلة. سئم المراهقون من أن ينظر إليهم على أنهم دفاتر متنقلة فقط!
بشكل عام، يعد إشراكهم في الحياة اليومية أمرا ضروريا، وذلك فقط من أجل تنمية احترامهم لذاتهم. لقد أدركوا أنه من المهم والطبيعي أن يساهم الجميع بنصيب في العمل الجماعي. يمكن أن يكون عن طريق إعداد الطاولة قبل وجبات الطعام وكذلك مراجعة جداول الضرب مع الأخ الأصغر. يوضح بوريس سيرولنيك «أنه من أجل تحفيز شاب، فمن الأفضل أن تطلب منه تقديم شيء ما بدلا من توجيه اللوم الدائم له «أنت لا تفعل».
في الواقع، الحجر الصحي العائلي هو فرصة لإيجاد الوقت للتحدث مع بعضكم البعض …
تماما. هناك أخبار جيدة في هذا الصدد، عند طلاب المدارس الثانوية، يتم إعطاء قيمة للثقافة العامة بشكل أكبر. لذا من السهل التحدث عن شيء آخر غير الدراسة مع ابنك المراهق! يمكنكم أن تتشاركوا مركز الاهتمام وتكتشفوا مؤلفا أو ملحنا أو مغنيا تحبونه… ويسير ذلك في كلا الاتجاهين: نعتقد أن الشباب لا يقرؤون، نظرا لأنهم يفعلون كل شيء عبر الإنترنت فلا يظهر ذلك. لكنهم فضوليون ويمكن أن نتعلم منهم الكثير!