شوف تشوف

الرئيسية

هكذا وُلدت الصداقة بين «كارلوس» ورجال نظام الهواري بومدين

تسليح «العصابات» كان هو الرابط الذي أدى إلى الصداقة بين الفنزويلي «إيليتش»، أو «كارلوس» اسم شهرته خلال بداية السبعينيات، وبين النظام الجزائري الذي كان بعض مخبريه يتجولون في باريس، خصوصا بين مقاهي الحي اللاتيني التي اعتاد كارلوس التردد عليها.

أحداث دولية كانت وراء الصداقة
كان السياق العالمي يغلي سنة 1972. جاءت واقعة الألعاب الأولمبية في ميونخ، التي أعلن أعضاء الجبهة الشعبية في فلسطين مسؤوليتهم عنها. إذ تعرض الوفد الإسرائيلي من رياضيين وتقنيين لعملية اغتيال مدروسة جدا قادها مناصرون للقضية الفلسطينية. هناك من ربطوا بين أنشطة كارلوس وقتها وبين نجاح العملية، لكن التخطيط كان بزعامة أسماء عربية، أعلن القذافي في ليبيا دعمه لهم، ممثلا التوجه القومي العربي الذي كانت القضية الفلسطينية هي قضيته الأولى.
وهكذا كان صيف سنة 1972 ساخنا بحق، وكان «كارلوس» يجري التسخينات للاتحاق بالموجة رغم أنه كان بالفعل داخلها، لكن حركيا، لم يكن معروفا بعدُ.
في سنة 1973، سوف يتم اغتيال الطيار الإسرائيلي الشهير «يوسف ألون» الذي توجه بعد مسار حافل في الطيران إلى الحقل الدبلوماسي كمكافأة له، ليعمل في سفارة إسرائيل في واشنطن. ولأنه كان خلال نكبة 1948 طيارا مسؤولا عن قصف عدد من المناطق الفلسطينية واستشهاد آلاف الفلسطينيين في تلك العملية، فقد كانت جبهة التحرير الشعبية لفلسطين، تسعى خلفه. وعند اغتياله رميا بالرصاص في يوليوز 1973، بعد عودته من حفلة رفقة زوجته، فتح مكتب التحقيقات الفدرالي FBI تحقيقا معمقا في الموضوع لكنه لم يصل إلى أي نتيجة.
ما علاقة «كارلوس» بالموضوع؟ حاول الصحافي الأمريكي «آدم غولدمان» أن يتواصل مع «كارلوس» في السجن بباريس وراسله في الموضوع وطلب منه توضيحات بخصوص التخطيط لعملية اغتيال الطيار الإسرائيلي في واشنطن. لكن المفاجأة أن «كارلوس» وافق على الحديث مع الصحافي وطلب أموالا بالمقابل، وهو ما جعل الصحافي ينهي الموضوع ويتخلى عن إجراء مقابلة معه لكشف ملابسات ذلك الاغتيال الذي اعتبره الكثيرون إهانة للولايات المتحدة الأمريكية وسيادتها، بحكم أن اغتيال الطيار تم فوق أراضيها، دون أن تستطيع أجهزتها حل القضية إلى اليوم، رغم بروز أصوات تنسب العملية إلى جبهة التحرير.

يضعف أمام «الدولار»..
علاقة «كارلوس» بالمال وطيدة للغاية. فقد نشر الصحافي «آدم غولدمان» الرسالة التي توصل بها من «كارلوس» وهو في سجنه بباريس والتي يطلب فيها المال، مكتوبة بخط يده. لكن الذين يعرفون تاريخ كارلوس لن يصابوا بالذهول، اللهم إذا اعتبرنا أن هناك فعلا من يعتقد أن الزمن قد يغير عادات الرجل المغامر أو أن السجن بعد سن الستين قد يجعل الإنسان يغير أولوياته. لكن «كارلوس» من النوع الذي لا يتغير.
ففي السبعينيات دائما، كان المال هو المحرك الأكبر للعمليات التي شارك فيها، كمرشد أو مدرب أو كمخطط يتولى رجاله أو من يوضعون رهن إشارته تنفيذها.
في قضية الطيار الإسرائيلي، كان «كارلوس» يحتاج إلى سنة كاملة لكي يكتب الرد للصحافي الأمريكي الذي يعمل في «نيويورك تايمز»، وقال إنه يتوفر على معلومات دقيقة عن الشخص الذي نفذ العملية لكنه طلب المال. معلوماته سوف تكون بالتأكيد موثوقة، أو على الأقل سوف ترفع الكثير من اللبس عن الموضوع، لكنه عرّى، بسبق إصرار وترصد، عن شخصيته الحقيقية حيث كان دائما يرى أن المعلومة تساوي المال. قال للصحافي «غولدمان» إنه مستعد لتزويده بمعلومات عن القاتل مقابل المال. لم ينف أن يكون هو القاتل، أو أن أحد رجاله هو الذي تولى العملية. لم يقدم أي توضيحات.
في عملية احتجاز وزراء أوبك الذين اجتمعوا لتدارس قضايا البترول في عالم السبعينيات المتضارب، كان «كارلوس» واضحا أثناء التخطيط للعملية، إذ كان الهدف هو الحصول على المال. وهنا دخل على الخط مخبرون للمخابرات الجزائرية الذين كانوا تابعين مباشرة للهواري بومدين، وعرضوا عليه أن يلتقوا به في فندق بباريس. لقد كانوا يعلمون أنه يضعف أمام المال، وكانوا يتوفرون على إذن من الهواري بومدين لكي يدفعوا له.
لم تكن عملية التخطيط لاغتيال الملك الحسن الثاني قد بدأت بعد، لكن الهواري بومدين كان يحتاج خدمات كارلوس لاغتيال أسماء أخرى لم يكن وجودها معه في الساحة محتملا. العقيد القذافي أيضا بارك اللقاء، وكان بدوره يشيد بعمليات «كارلوس» خصوصا بعد عملية احتجاز وزراء «أوبك» وسقوط ضحايا قبل وبعد العملية. لقد كان زعماء عرب يحتاجون إلى خدمات رجل مثل «كارلوس» وكان هو في الحقيقة رهن إشارة الجميع، ما داموا قادرين على الدفع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى