في ظل الظروف الراهنة التي يمر منها العالم، بسبب تفشي وباء فيروس كورونا، وضعت سلامتنا النفسية على المحك، والتي لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية. لذلك تجب المحافظة على التوازن من خلال التعامل بشكل جيد مع الضغوط والقلق والمشاكل كي لا تتحول إلى أمراض نفسية خطيرة.
في عدد هذا الأسبوع من «دليل الصحة النفسية»، نقدم لكم نصائح ذهبية للمحافظة على السلامة النفسية.
ماذا نقصد بـ «الصحة النفسية»؟
الصحة النفسية هي الحالة التي يكون فيها الشخص متوافقا نفسيا واجتماعياً وانفعاليا مع ذاته ومع الأفراد المحيطين به، إذ يشعر بالسعادة ويمارسها مع الآخرين، ويكون مستعدا لتحقيق ذاته وتطوير مهاراته واستغلال الإمكانيات التي يمتلكها لتحقيق النجاح، ويكون قادراً على مواجهة عقبات الحياة التي تعترضه، فهو ذو شخصية سوية هادئة متكاملة، أخلاقه حسنة ويظهر ذلك من خلال تواصله مع الآخرين. ويدل وجود الصحة النفسية على الحالة الإيجابية التي يتمتع بها الشخص، وصحة العقل، وحسن السلوك، وقد عرفتها منظمة الصحة العالمية: «الصحة النفسية لا تعني عدم وجود المرض فقط، وإنما هي حالة يكون عليها الفرد بحيث تظهر عليه الراحة النفسية والجسمية والاجتماعية».
حقائق تجب معرفتها
-الصحة النفسية ليست مجرد انعدام الاضطرابات النفسية.
-الصحة النفسية جزء لا يتجزأ من الصحة، وبالفعل، لا تكتمل الصحة بدون الصحة النفسية.
-الصحة النفسية تتأثر بالعوامل الاجتماعية الاقتصادية والبيولوجية والبيئية.
إنّ الصحة النفسية جزء أساسي لا يتجزّأ من الصحة، وهي عبارة عن حالة من العافية يمكن فيها للفرد تكريس قدراته الخاصة والتكيف مع أنواع الإجهاد العادية والعمل بتفان وفعالية والإسهام في مجتمعه.
تعتبر الصحة النفسية والمعافاة من الأمور الأساسية لتوطيد قدرتنا الجماعية والفردية على التفكير، التأثر، والتفاعل مع بعضنا البعض، وكسب لقمة العيش والتمتع بالحياة. وعلى هذا الأساس، يمكن اعتبار تعزيز الصحة النفسية وحمايتها واستعادتها شاغلا حيويا للأفراد والجماعات والمجتمعات في جميع أنحاء العالم.
محددات الصحة النفسية
هناك عوامل اجتماعية ونفسانية وبيولوجية متعددة تحدد مستوى صحة الفرد النفسية في مرحلة ما. ومن المعترف به، مثلا، أن استحكام الضغوط الاجتماعية الاقتصادية من المخاطر التي تلحق الأذى بالصحة النفسية للأفراد.
وهناك علاقة أيضا بين تدني مستوى الصحة النفسية وعوامل من قبيل التحول الاجتماعي السريع، وظروف العمل المجهدة، والتمييز القائم على نوع الجنس، والاستبعاد الاجتماعي، وأنماط الحياة غير الصحية، ومخاطر العنف واعتلال الصحة البدنية.
كما أن هناك عوامل نفسانية وعوامل أخرى محددة لها صلة بشخصية الفرد تجعل الناس عرضة للاضطرابات النفسية. وهناك، أخيرا، بعض العوامل البيولوجية التي تسبب تلك الاضطرابات ومنها العوامل الجينية واختلال توازن المواد الكيميائية في الدماغ.
قواعد ذهبية للحفاظ على السلامة العقلية
من المهم أن نعتني بجسمنا لنتمتع بصحة جيدة. لكن هذا لا يكفي، فالرفاهية العامة تعتمد أيضا على الصحة العقلية. الحفاظ على صحة عقلية جيدة أمر حيوي لسعادتنا. إليكم كيفية الاعتناء بالعقل بشكل يومي.
-الاعتناء بالذات
تمر الصحية العقلية الجيدة قبل كل شيء بنمط حياة صحي. إن اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن له آثار إيجابية على صحتنا العقلية. أظهرت العديد من الدراسات أن هناك صلة بين ما نأكله ومزاجنا. وبالتالي، فإن سوء التغذية هو عامل خطر للإصابة بالاكتئاب، وفقا لدراسة نُشرت في عام 2017 في مجلة «بي.إم.سي. ميدسين» وجد مؤلفو هذا العمل أيضا أن نظام البحر الأبيض المتوسط الغذائي الغني بالفواكه والخضروات والأسماك والبقوليات والبذور الزيتية يحسن الحالة المزاجية وأعراض الاكتئاب لدى المشاركين. يؤثر النظام الغذائي الصحي والمتوازن على الجراثيم المعوية، والتي يمكن أن تلعب دورا في صحتنا العقلية.
إلى جانب النظام الغذائي، تعتبر الرياضة مفيدة أيضا لصحتنا العقلية. يساعد النشاط البدني المنتظم في محاربة التوتر والقلق والإدمان ويقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب. لذلك فإن الرياضة هي وسيلة فعالة لمنع ظهور الأمراض العقلية من خلال الحد من التأثير السلبي للضغط على الدماغ.
عندما نمارس الرياضة، يتم تزويد دماغنا بشكل أفضل بالدم والأكسجين، مما يحفز نشاط الناقلات العصبية التي تلعب دورا في التحكم في عواطفنا. خلاصة القول، للحفاظ على صحتك العقلية، يجب عليك أولاً أن «علاج» نظامك الغذائي والحفاظ على الحركة!
-الاستماع إلى نفسك وحبها
لدينا جميعا احتياجات جسدية وعقلية. إذا لم يتم تحقيقها على المدى الطويل، فسوف تتدهور صحتنا الجسدية والعقلية. وتكمن المشكلة في أن معظمنا يميل إلى عدم أخذها في الاعتبار والتعبير عنها بما يكفي لإرضاء الآخرين. باختصار، نحن لا نستمع لبعضنا البعض بما فيه الكفاية. لقد حان الوقت لتغيير هذه الطرق. عند أدنى إشارة تحذير من جسمك وعقلك، اتخذ إجراء بسرعة.
إذا كنت متعبًا، خذ قسطًا من الراحة. إذا كنت مضغوطا وشعرت بذلك جسديًا (آلام في المعدة، آلام الظهر، صداع)، ابطئ من وتيرتك. إذا كنت ترغب في قضاء بعض الوقت بمفردك لتدليل نفسك في منتجع صحي أو الذهاب لمشاهدة فيلم، فلا تتردد. عدم تلبية احتياجاتك يشكل خطورة على صحتك العقلية. لذا كن لطيفا مع نفسك كما أنت مع الآخرين!
الاستماع إلى نفسك يتطلب معرفة ما تريد وما لا تريده في حياتك. لهذا، من الضروري تطوير ثقتك بنفسك واحترامك لذاتك. يعد امتلاك الثقة بالنفس واحترام الذات عنصرين أساسيين للحفاظ على الصحة العقلية. إن معرفة ما تستحقه وما يمكنك فعله يساعد في تأكيد نفسك مع الآخرين، وتجربة أشياء جديدة، وقبل كل شيء عدم الانزعاج في الأوقات الصعبة. كلما حافظنا على قوتنا، قل احتمال تأثرنا بما يحدث لنا.
-عيش اللحظة الحالية
يمكن أن تضعف سلامتنا العقلية بسبب عدم وجود ترسيخ في الوقت الحاضر. في الواقع، إن الرغبة دائما تفوق ما نملكه، أو إعادة صياغة الماضي باستمرار هي سلوكيات يمكن أن تولد الإحباط لأنها تلوث أذهاننا وتمنعنا من الاستمتاع باللحظة الحالية. القدرة على إدراك وتقدير ما نملكه، حتى الأشياء البسيطة في الحياة، هو تمرين يحافظ على صحتنا العقلية، من خلال تجنب العودة إلى الماضي.
-المحيط الجيد
يلعب الأشخاص من حولنا دورا مهما في صحتنا العقلية. تجنب الأشخاص الخبثاء قدر الإمكان، والذين يضرون بصحتك العقلية. وقم ببناء علاقات قوية ودائمة مع الأشخاص الذين يجعلونك تشعر بالرضا والذين يمكنك الاعتماد عليهم. للوصول إلى الأشخاص المناسبين، من الضروري، مرة أخرى، أن تكون منتبها لاحتياجاتك وأن تثق بنفسك لأن الشخصيات السامة تحب مهاجمة النفوس الضعيفة ذات احترام متدني للذات.
كيف نعتني بصحتنا النفسية؟
العناية بصحتك العقلية لا تقل أهمية عن العناية بصحتك الجسدية. بعض العادات اليومية تمكن من تسحينها أو الحفاظ عليها في مستوى جيد من الرفاهية.
يتعلق الأمر بتنمية حالة ذهنية والانخراط في الأنشطة التي تعزز الصحة العقلية. تساعد تقوية الموارد النفسية الشخصية على التعامل بشكل أفضل مع الفترات الحرجة التي قد تولدها الحياة.
-تعرف على نقاط قوتك واحترم حدودك
الأداء والتميز ذو قيمة عالية. ومع ذلك، فإن الطبيعة البشرية لا تتسم بالكمال وتكون عرضة للضعف. لا بأس ألا تكون دائما ناجحا أو سعيدا أو لامعا.
من المفيد قضاء بعض الوقت في التعرف على نفسك بشكل أفضل (من خلال القراءة أو المناقشات مع الأقارب أو إلقاء نظرة على طريقة تصرفك). يمكن أن يساعدك ذلك في تحديد قدراتك وقبول نقط ضعفك.
إن هضم أحداث الحياة على المستوى العاطفي هو عملية طبيعية وضرورية وليس بالضرورة علامة على المرض. قد يستغرق بعض الوقت. هذا هو السبب في أنه من الجيد تشجيع نفسك على أن تكون لطيفا معها. وعندما يتطلب الأمر ذلك، اطلب الدعم من أقاربك أو من المتخصصين.
-اعتني بنفسك وجسمك
الاعتناء بنفسك أمر شخصي للغاية، هناك وسائل عديدة وخاصة لكل فرد. النشاط البدني طريقة جيدة لتخفيف التوتر. يمكن أن تكون ممارسة رياضة أو مجرد الذهاب في نزهة لتصفية ذهنك. الشيء المهم هو التحرك، والخروج من منزلك، لتغيير المشهد.
يمكن أن يتبع مراحل النشاط وقت الاسترخاء. تسمح لك لحظات الراحة بالرجوع إلى الوراء لتعكس بشكل أفضل تجربة اليوم وتقديرها، كما أن ن النوم مهم كذلك. انقضاء بعض الوقت، بمفردك أو ضمن مجموعة، يعزز أيضا الاسترخاء. يمكن أن تكون الحياة الجنسية المرضية أو الروحانية الجيدة مفيدة أيضا للصحة العقلية.
-صقل إبداعك ومهاراتك
أحيانا ما يتطلب الابداع والمهارات الموجودة في كل شخص التعبير عنها أو تطويرها. لم يفت الأوان أبدا لاكتشاف هواية جديدة أو استئناف التدريب.
تسمح لك الأنشطة الإبداعية بالتعبير عن المشاعر الإيجابية أو السلبية بخلاف الكلمات. هذا يساعد على التخلص من التوتر أو القلق.
إن تعلم أشياء جديدة وتطوير المهارات يحفز العقل، ويعزز احترام الذات ويكسر الرتابة اليومية. يمكن أن يكون هذا مفيدا أيضا على المستوى المهني، على سبيل المثال.
-إنشاء وتعزيز الروابط من حولك
إن البشر كائنات اجتماعية تكتشف نفسها أيضا في صلاتها بالآخرين. يحتاج بعض الناس إلى روابط اجتماعية أكثر من غيرهم. من المفيد تنمية العلاقات مع من حولك، سواء مع العائلة أو الأصدقاء أو الجيران أو المجتمع.
في بعض الأحيان يكون من الممكن الاعتماد على الأصدقاء لمشاركة أفراحهم وأحزانهم. من المهم تشجيع نفسك على الخروج أمام الآخرين والانفتاح على الروابط، حتى لو لم يكن ذلك سهلا دائما.
يساعد التحدث والاستماع على ترتيب عقلك، ويساعد على تخفيف التوترات ويجلب بعض الراحة. كما أن الحديث عن مخاوفك يقدم لك أحيانًا وجهة نظر جديدة وربما يجلب لك الحلول.
عادات سيئة تؤذي صحتنا النفسية
الضغوط العصبية والنفسية هي جزء لا يتجزأ من حياة الإنسان اليومية، ففي المنزل وجب الاهتمام بالعائلة وتلبية احتياجاتهم، وفي العمل يجب أن تحمل معاملة المدير وإنجاز مهام كثيرة في الوقت المحّدد، وكل ذلك يجعل الفرد يعيش تحت وطأة الضغوطات فتتأزم حالته النفسية بشكل كبير، وفي حالم يتم استدراك الأمر قد يتعرض لاضطرابات نفسية خطيرة. سنقدم لك بعض النصائح التي تساعد في الحفاظ على الصحة النفسية والشعور بالسعادة والراحة.
-لا نحرك جسدنا بشكل كاف:
على الرغم من تقدم الرعاية الصحية المتوفرة إلا أننا اصبحنا نعيش حالة صحيه أسوأ من ذي قبل بسبب نمط الحياة العصرية التي نعيشها .
في العصور القديمة، كان الأفراد مضطرين إلى العمل من أجل الحصول على الطعام والماء والمأوى وكانوا يعيشون في الطبيعة وكل هذا كان يتطلب الحركة باستمرار من أجل العيش.
أصبحنا الآن نعيش في المدن الكبيرة حيث قلت الحركة بسبب التطور التكنولوجي، نستعمل السيارات ونعمل ساعات طويلة على كرسي.
إن قلة الحركة لا تؤذي صحتنا الجسدية فقط ولكنها أيضا تؤدي إلى الإصابة بالقلق والاكتئاب حيث إن ممارسة الرياضة تفرز هرمون الأندروفين الذي يحسن من الحالة المزاجية للفرد ويقاوم المشاكل النفسية التي تواجهنا مثل القلق والاكتئاب
-شراء الكثير من الأشياء التي لا نحتاجها :
إن الإنسان يتأثر بسهوله بالعادات المحيطه به وللأسف فإن الكثير منا يشترون أشياء لا يحتاجونها إما بدافع العادة أو محاولة منهم لملء الفراغ في حياتهم. ولكن من المعروف أن شراء الأشياء لا يجلب السعادة بل بالعكس فإنه قد يؤدى إلى القلق والتوتر.
وأظهرت الأبحاث أن تجربه الشراء بحد ذاتها هي ما تجعل الانسان سعيدا حيث إن الإنسان يتواصل مع الأشياء التي يقوم بها أكثر من تواصله مع الأشياء التي يستخدمها .
-عدم إعطاء الأولوية للنوم
هناك علاقه وثيقه بين قله النوم والاكتئاب والقلق، فنحن بحاجة إلى الحصول على قسط كافي من النوم حتى نكون قادرين على أداء مهامنا. ولكن نمط الحياة العصرية التي نعيشها لا تعطى أهميه للنوم
التكنولوجيا والضغط وقله الحركة والنظام الغذائي غير الصحي وغيرها من العوامل تؤدي إلى قلة النوم والذي بدوره يفاقم المشاكل النفسية التي تواجهنا. وكذلك فإن الكافيين الذى نتناوله خلال اليوم كي يبقينا مستيقظين وقد يؤثر على نومنا في الليل.
-استعمال الهواتف الذكية بكثرة والتكنولوجيا عموما:
ليس الأمر مفاجأة أنه مع زياده استخدام الهواتف الذكية أصبح هناك زياده في المشاكل النفسية التي تواجهنا. فقد اظهرت دراسة أن الأشخاص الذين يقضون وقتا طويلا على مواقع التواصل الاجتماعي هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب .
فقبل الهواتف الذكية كان الأشخاص يتحدثون وجها لوجه ويقومون بخوض محادثات عميقة، حيث إنه لم تكن هناك أية عوامل تشتت انتباههم، ولكن الآن هناك العديد من الوسائل التي تشتت التركيز وتجعلنا غير حاضرين ذهنيا في العالم الواقعي.
وبسبب اندماجنا في العالم الافتراضي أصبحنا أقل تواصلا مع أنفسنا ومع العالم من حولنا وهذا الانفصال بين الواقع وذواتنا أدى إلى تفاقم القلق والاكتئاب.
-عدم قضاء الكثير من الوقت في الخارج
الإنسان بحاجة إلى الطبيعة حتى يستطيع النجاة ولكن يبدو أننا قد شيدنا عالما يبعدنا عنها، إن قله التعرض لأشعة الشمس يعني نقص فيتامين د في الجسم ونقص في العديد من العوامل التي تساعد على تنظيم الدورة الدموية والنظام المناعي.
وقد أظهرت الدراسات أن الاشخاص الذين يسيرون في الحدائق بدلا من شوارع المدينة هم أكثر هدوءا وأقل إحباطا.
إن حياتنا العصرية لا تحتم علينا بالضرورة أن نتبع عامة الناس ولكن علينا أن نحرص على الحصول على قسط كافي من النوم والهواء النقي وأشعة الشمس والطعام الصحي، حيث إن القيام بكل تلك الأشياء مع التقليل من استخدام التكنولوجيا، سوف يمدنا بنظره أفضل للحياة وبالتالي الحفاظ على صحه نفسية أفضل.