الطيب حمضي
أثارت القرارات المعلنة من قبل وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي، بشأن الدخول المدرسي في سياق انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، جدلا واسعا. ومساهمة في النقاش الدائر من أجل ترشيد القرارات لاتخاذ الإجراءات المناسبة، يمكن تقديم عدة ملاحظات واقتراحات بخصوص تأجيل الدخول لأسبوع، تعليم حضوري كلي للابتدائي، حضوري أو مختلط للتأهيلي والثانوي، جامعي مختلط.
ثمة أسئلة كثيرة وأجوبة أقل بخصوص الإجراءات المزمع اتخاذها من قبل الوزارة الوصية بشأن الدخول المدرسي الجديد. حيرة الأسر والمربين والقطاعات الوصية. المرونة في التعاطي حسب تطور المعطيات العلمية والوبائية، من أجل اتخاذ قرارات متبصرة. ما هي محدداتها؟
نفس محددات اتخاذ القرار، بالنسبة للأسر والوزارة الوصية، عالميا مع خصوصيتنا في ما يخص قدرة منظومتنا الصحية على التتبع الوبائي المبكر وسرعة رد الفعل، وقدرة المدرسة المغربية على توفير شروط الوقاية.
التعليم الحضوري هو الأصل وهو الأساس وهو المبتغى حتى بالنسبة للدول التي وفرت السنة الدراسية السابقة تعليما عن بعد فيه جودة واحترام للشروط الدنيا للتعليم عن بعد. هذا النمط الأخير من التعليم له عدة سلبيات يجمع عليها اليوم الجميع من تلاميذ وأسر ومربين ومنظمات دولية معنية بالتربية والتعليم وشؤون الطفل… لذلك فالتعليم عن بعد هو حل فقط حين يتعذر تماما التعليم الحضوري. فما هي العناصر التي بوسعنا أن نعتمد عليها لاتخاذ القرار سواء كوزارات وصية أو كأسر؟
1) أولا التعليم الحضوري هو الأولوية المطلقة.
2) الحالة الوبائية في البلاد عامة وفي كل منطقة على حدة واحتمالات تطور الوضع.
3) المعطيات العلمية المتعلقة بكوفيد 19 والأطفال. أي خطورة عليهم. أي خطورة على الكبار والحالة الوبائية.
4) المعطيات عن تفشي الفيروس بين الأطفال ومدى نقلهم له من المدرسة للأسر.
5) الإمكانيات المتوفرة لحماية الأطفال والأسر في حال التعليم الحضوري.
6) تأثير التعليم عن بعد على الدورة الاقتصادية وأداء الإدارات بسبب التزام الآباء بتعليم أبنائهم.
سنتطرق للنقط الثالثة والرابعة والخامسة.
المعطيات العلمية المتعلقة بكوفيد 19 والأطفال
1. في بداية الوباء كان الاعتقاد السائد هو أن الأطفال هم أكبر ناقلي المرض بسبب عدم ظهور الأعراض عليهم. لم تكن هناك معطيات بعد ولكن تم اتخاذ الانفلونزا الموسمية كأساس للمقارنة. وكان هذا من جملة الأسباب التي دفعت لإغلاق المدارس مبكرا.
2. بعد ذلك أظهرت بعض الدراسات وتطور الأوضاع أن الأطفال أقل إصابة بكورونا وأقل نقلا لها لغيرهم. فعموما الأطفال أقل من 18 سنة لا يشكلون سوى 5% من مجموع الإصابات.
3. الأطفال غالبا ما لا تظهر عليهم الأعراض أو أعراض بسيطة مما يجعل تشخيص إصابتهم صعبا.
4. الأطفال لا يصابون إلا نادرا بإصابات متوسطة أو خطيرة تتطلب الاستشفاء، ونادر جدا أن يموتوا بسبب كوفيد 19.
5. أظهرت الدراسات أن تفشي العدوى بين الأطفال أنفسهم داخل المدارس أمر نادر.
6. إذا تم تطبيق التباعد والنظافة يستبعد أن تتحول المدارس لبؤر لتفشي العدوى.
7. أظهرت بعض الدراسات أن إعادة فتح المدارس بعد إغلاقها فصل الربيع الفارط لم يتسبب في انتشار العدوى داخل المجتمعات.
8. أظهرت دراسات أن المراهقين بأقسام الثانوي ببعض المناطق لهم نسبة إصابة 38% هي الأقرب لمعدل إصابة أساتذتهم 43%، وبعيدة عن معدل إصابة آبائهم 11% أو بين إخوتهم 10%. وهو ما يطرح علامات استفهام حول طرق تفشي الفيروس بين الأطفال.
9. دراسة أجريت بكوريا الجنوبية أظهرت أن الأطفال من 10 إلى 19 سنة ينقلون العدوى مثلهم مثل الكبار تماما. بينما الأطفال أقل من 9 سنوات ينقلونها بشكل أقل.
10. دراسة أمريكية أظهرت أن الأطفال أقل من 5 سنوات لهم حمولة فيروسية أكبر من البالغين 10 إلى 100 مرة. وهو معطى يقود لسؤال حول درجة عدوى هؤلاء الأطفال، علما أن دراسات بينت أن هذه الفئة ليست بهذه الدرجة من العدوى المحتملة.
11. الأطفال المصابون بكوفيد 19 والذين تظهر عليهم الأعراض ينقلون العدوى مثل الكبار.
12. لا نعرف درجة نقل العدوى من عدمها لدى الأطفال المصابين من دون أعراض.
ملاحظات
1) إصابات الأطفال قليلة والإصابات المتوسطة أو الخطيرة بينهم نادرة.
2) إعادة فتح المدارس لم تتسبب في تفشي العدوى داخل المجتمعات.
3) المعطيات في بعض الأحيان متناقضة ونحتاج إلى وقت لتشكيل رأي علمي راجح حول كوفيد والأطفال والمدارس والمجتمعات المحلية.
4) إذا كان الاتجاه العام حاليا هو عدم الخوف ـ في حدود ـ من إصابة الأطفال بكوفيد، خصوصا مع أحد الاحترازات الضرورية، فإن الأسئلة تبقى نوعا ما معلقة بالنسبة لدور فتح المدارس في تفشي وتسريع الوباء داخل المجتمعات.
5) بالنسبة لبلدنا يبقى السؤال مطروحا حول مدى تمكن المدرسة المغربية من توفير شروط الوقاية داخل المدارس، ومدى قدرة الأسر على توفير الحماية خلال حمل أطفالهم من وإلى المدارس، وعدم السماح لأطفالهم المرضى بالتوجه إلى الفصول الدراسية.
6) يرتبط الموضوع كذلك بمدى قدرة المنظومة الصحية على المراقبة الوبائية المبكرة والقدرة على رد الفعل في الوقت المناسب.
7) لذلك يمكن توقع تمدرس حضوري مع احتياطات بالنسبة لأطفال الابتدائي أقل من 12 سنة. وتمدرس تناوبي أو اختياري بالنسبة للتأهيلي والثانوي، وتعليم اختياري في حدود دنيا حضوري بالنسبة للتعليم العالي.
8) سيكون من المفيد تأجيل الدخول المدرسي الفعلي بأسبوع على الأقل للاستفادة من تجارب الدول التي ستسبقنا في إعادة فتح المدارس كما استفدنا من تجاربها وأخطائها في بداية الوباء.
الاحتياطات الضرورية
– تهوية الفصول طيلة اليوم وكل الأماكن المغلقة بالمدارس.
– الكمامات من 11 سنة فما فوق.
– نظافة اليدين عدة مرات في اليوم داخل المدرسة.
– أساتذة بالكمامات أو حواجز شفافة بينهم والتلاميذ.
– تباعد بين الأطفال وبين هؤلاء والأساتذة.
– مسارات موجهة داخل المدارس.
– ساعات دخول وخروج التلاميذ مختلفة.
– أبواب الدخول والخروج متعددة.
– نقل مدرسي بحمولة مخففة.
ليس من السهل اتخاذ قرارات واحدة وموحدة وقطعية بالنسبة للجميع. هذا ما يفسر المرونة الكبيرة في القرارات الوزارية وحيرة الأسر. كلنا نريد تعليما حضوريا ولكن بدون المغامرة ببلدنا وبمواطنينا.